القراءة على مدار الساعة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

القاهرة: «الخليج»
يستهل جو كوينن كتابه «هوس القراءة» (ترجمة أنس محمد غطوس) بالقول: إن الأمريكي لا يقرأ في المتوسط أكثر من أربعة كتب سنوياً، ويرى أن ذلك أكثر من كاف، أما أولئك الذين يسعون للحصول على مناصب رفيعة، فيرون أن هذه النسبة السنوية متكلفة أكثر من اللزوم، لكن المؤلف شخصياً – حتى يكسب أفكاراً جديدة – يقرأ مئة كتاب سنوياً، وغالباً ضعف ذلك، ومع ذلك يساوره شعور بأنه لم يحقق شيئاً يذكر.
كان المؤلف يحمل معه دوماً كتاباً، يقلب أوراقه خلال وقوفه في السوبر ماركت، خلال تشكيل لجنة، أو حين يجد نفسه في حفل تأبين شخص بالكاد يعرفه ولم يهتم بأمره، يقرأ في كل مكان باستثناء الحمام، لأنه يجد في هذا الفعل قلة أدب تجاه المؤلف، إلا إذا كان يقرأ لشخص مريع.
خلال الاحتجاجات المناهضة للحرب في العاصمة الأمريكية، أيام الغضب (سلسلة من الاحتجاجات المناهضة للحرب الفيتنامية شهدتها مدينة شيكاغو ما بين 8 و11 أكتوبر 1969) كان يقرأ المضامين الممنوعة رسمياً والثقافة المضادة، مثل رواية «رحلة إلى الشرق» و«سد هارتا» وكما يقول: «لم يسبق لي قط أن ضيعت فرصة سانحة للقراءة، فاليوم لا يحوي إلا أربعاً وعشرين ساعة، سبعة منها يلتهمها النوم، وأربعاً على الأقل، من السبع عشرة المتبقية، يجب أن أُضيعها في القراءة، وبالطبع تظل أربع ساعات من القراءة يوميا بعيدة عن إشباع شهيتي».
مكان آخر
ما الذي جعل المؤلف يقول: «ليس هناك شيء في الحياة قد أرغب في فعله أكثر من قراءة الكتب» إنه يستعير عبارة رابليه «لقد ولدت هكذا» ويعود هذا الهوس بالقراءة، كما يقول المؤلف: «لأنني أريد أن أكون في مكان آخر، أجل، إن العالم الذي نعيش فيه غير كاف إلى حد معقول، والأمر ينطبق فعلاً على هذا المجتمع (الأمريكي) بالتحديد، إلا أن العالم الذي ينبثق من داخل الكتب يظل دوماً أفضل بكثير».
بغض النظر عما يدعيه عشاق الكتب، وبغض النظر عما يقنعون به أنفسهم، فإن هدفهم الأول من القراءة ليس الحصول على المعلومات أو تزجية الوقت في شيء مسل أو تطوير ذواتهم، ولا حتى أن يعرفوا أنهم ليسوا وحيدين، بل من أجل الفرار إلى عالم أكثر إثارة وإشباعاً، حيث لا يكرهون وظائفهم، أزواجهم، حكوماتهم، والحياة برمتها.
يقول المؤلف: إنه قرأ نحو 7 آلاف كتاب، خلال حياته، ومنها كتب قرأها أكثر من مرة مثل «التربية العاطفية» و«رحلات غلفر» وكذا «شجرة نبتت في بروكلين» بالإضافة إلى كتب قرأها مرتين مثل «الإلياذة» و«آمال عظيمة» و«ستشرق الشمس من جديد» وتضم اللائحة كذلك نسبة مهمة من التفاهات، على حد ما يرى المؤلف، مثل روايات الغموض، روايات الغرب الأمريكي (الويسترن) بالإضافة إلى كتب غير مألوفة، كانت تهديها له شقيقته، مثل «الحياة المشؤومة لقائد الغستابو» أو «جزار ليون».
لا يجمع المؤلف الإصدارات الأولى، ولا تثيره الكتب القديمة، مثل «تاريخ انحدار الإمبراطورية الرومانية وسقوطها» لمؤلفه المؤرخ «جيبون». كما أن الكتب في مكتبته ليست مرتبة حسب موضوعاتها، بل حسب قوامها وطولها، والمتعة التي يستقيها من الكتابة على صفحات الكتب، هي أحد أسباب عدم امتلاكه لقارئة إلكترونية، إن الكتب تعويذات وطلاسم تاريخية. كما أنها تذكير بالموت، بما أننا نقرأ لمؤلف بعد رحيله بقرون.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق