الشارقة:عثمان حسن
ضمن فعاليات الملتقى الفكري المصاحب للدورة الرابعة والثلاثين لأيام الشارقة المسرحية، عقدت جلسة «النقد.. ذاكرة المسرح العربي»، بمشاركة نخبة من النقاد والباحثين المسرحيين العرب، رصدت الدور الذي لعبه النقد بوصفه تصنيفاً وتحليلاً وتفسيراً وتقييماً للأعمال الفنية في حفظ وتوثيق وتحقيق وديمومة التراث المسرحي العربي، منذ البدايات وصولاً إلى الوقت الراهن، وسلطت الورقة الضوء على جهود النقاد في قراءة وفحص العروض المسرحية، والدور الذي لعبته الصحافة في تشكيل إطار نقدي ومعرفي وثقافي ل «أبو الفنون».
شارك في الجلسة كلٌّ من الدكتور وليد شوشة (مصر)، والناقد والكاتب المسرحي بوبكر سكيني (الجزائر)، والدكتور سعيد السيابي (عمان)، وأدار الجلسة الفنان والباحث المسرحي الإماراتي وليد الزعابي.
معايير
قدّم الدكتور وليد شوشة ورقة بعنوان «قضايا المعيار النقدي» استعرض فيها حالة النقد المسرحي، والتي بحسب رأيه ارتبطت منذ وقت ليس ببعيد بممارسة النقد المسرحي في صلته بالمبادرات الشخصية وليس المتطلبات الأكاديمية أو العلمية أو الإعلامية، كما أنه لا يخلو دائماً من وجهة النظر والتفضيلات الخاصة للناقد، وتساءل د. وليد شوشة ضمن هذا المعيار حول (كيف يمكن تقييم إسهام النقد في كتابة التاريخ المسرح العربي؟).
وأضاف: أنه يمكننا مناقشة التقدم في مسيرة النقد كمحور نسعى من خلاله لمحاولة فهم وإدراك واعٍ للتناغم بين الفن والنقد، والذي لا يمكن بحال من الأحوال الفصل بينهما، إذ يعتبر تطور أي منهما مؤثراً في تطور الآخر في علاقة طردية، وهي حالة توضح الطبيعة المركبة لهذه العلاقة بين النقد والفن، كما أن للنقد إسهاماً مباشراً في كتابة التاريخ المسرحي بتأثير هذه العلاقة، وأكد د. شوشة على أهمية دور النقد المسرحي ضمن الإطار التحليلي، باعتباره وسيلة لشرح الأعمال الفنية والمسرحية وتفسيرها من داخلها بعيداً عن أهواء وميول الفنان الشخصية، كما أنها مستقلة عن ذات الناقد وميوله الشخصية، فمهمة النقد هي شرح الأعمال واكتشاف العلاقة الداخلية ونسيجها وتركيبتها ومقارنتها بالأعمال الفنية السابقة.
تأريخ
ومن جانبه ناقش الناقد والكاتب المسرحي بوبكر سكيني في ورقة بعنوان «النقد المسرحي أداة لتوثيق الذاكرة المسرحية» أبرز التحديات التي تواجه المؤرخين في توثيق تأريخ المسرح، وكيف تُسهم ذاكرة المشاهدين والوثائق المسرحية المتنوعة في تأريخ المسرح، وأيضاً الدور الذي يلعبه النقد المسرحي في حفظ ذاكرة المسرح وتوثيق تطوره، كما ناقشت ورقته دور النقد المسرحي في تحليل الهوية الاجتماعية والثقافية للمجتمع والكشف عنها.
وخلص الدكتور سكيني في ورقته إلى ضرورة أن يكون النقد المسرحي جزءاً من عملية إبداعية تأويلية وتحليلية ليُسهم في تطور المسرح والفهم العميق للنصوص والعروض المسرحية، مسترشداً بآراء عدد من المفكرين مثل إدوارد غوردون، برتولت بريخت ورولان بارت، ووفقاً لهذه الرؤى يعتبر النقد المسرحي بحسب الدكتور سكيني حواراً فكرياً بين الناقد والعمل الفني، مما يعزز التفاعل بين الجمهور والفن، وبالإضافة إلى أبعاده الإبداعية، حيث يضطلع النقد المسرحي بدور أساسي في توثيق تاريخ المسرح وحفظ ذاكرته عبر العصور.
بدورها ناقشت ورقة الدكتور والناقد المسرحي سعيد السيابي، والتي عنوانها «النقد المسرحي العُماني بين الجهود التوثيقية والدراسات التخصصية»، موضوع النقد المسرحي والتوثيق في سلطنة عُمان، مركّزاً على النقد الصحفي الانطباعي في الصحافة العمانية، والذي ساهم في توثيق العروض المسرحية، رغم كونه غير متخصص. كما رصد د. السيابي الجهود العربية في دراسة المسرح العماني، وأبرز السيابي دور النقاد العرب الذين قدّموا دراسات ومقالات نقدية أثرت الحركة المسرحية العمانية، وساهمت في تطويرها. كما سلط الضوء على جهود الباحثين العمانيين الذين أنتجوا دراسات متخصصة وإصدارات مهمة، مثل معجم المسرح العماني، مما أسهم في توثيق تاريخ المسرح العماني وتحليله.
تطوير
بيّن الدكتور السيابي أهمية النقد المسرحي في تطوير الحركة المسرحية العمانية، حيث ساهم النقد الصحفي والأكاديمي في تسليط الضوء على العروض والنصوص المسرحية وتحليلها من زوايا متعددة. كما أشار إلى ضرورة الاهتمام بتدريس النقد المسرحي في سلطنة عُمان ودول الخليج لتعزيز التخصص في هذا المجال، في ظل الحاجة إلى مشاريع توثيقية مستمرة للحفاظ على الجهود المسرحية ومنع ضياعها، مع التأكيد على أن هذه الجهود ليست فقط لتقييم الأعمال المسرحية، بل أيضاً لجذب الجمهور، وتعزيز الوعي بأهمية المسرح في الحياة الثقافية.
النقد.. أدوار لا تنسى في الارتقاء بالمسرح - ستاد العرب

النقد.. أدوار لا تنسى في الارتقاء بالمسرح - ستاد العرب
0 تعليق