«الثلث الجلي».. الحرف فضاء الروح - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: عثمان حسن

مثلت الإسهامات الخطية التي تشارك في ملتقيات الخط العربية، حدثا استثنائيا تصاحب مع تطوير فنون الخط بوصفه من أبرز الفنون الإسلامية وأكثرها عراقة وتعبيرا عن مضمون قيم وجماليات روح الإسلام. ولعل من المهم هنا، الإشارة إلى بعض الخصائص الجمالية لفنون الخط العربي، وقدرتها على حفز المشاركين على تقديم طروحات جديدة من حيث التراكيب والتكوينات الفريدة للحروف.
استخدم الفنان الكويتي جاسم المعراج، في واحدة من لوحاته خط الثلث الجلي لمقولة «الخيرة فيما اختاره الله» وهذا القول المأثور يدل على تفضيل اختيار الله تعالى على اختيارنا.
تصميم
اختار جاسم معراج لهذه المقولة الثلث الجلي لإيمانه بقدرة هذا الخط على ابتكار تكوينات وتصاميم جديدة في حروفه، وهي تشكيلات تفتح ذائقة المشاهدين على فضاء لا حدود له من تأمل تلك العلاقات البصرية التي تبرز بين الحرف والحرف، وبين الحرف وموقعه على سطح اللوحة الخطية وحتى بين الكلمة والكلمة التي تجاورها أو تسبقها سواء كانت في مستوى أعلى أو أدنى في ترتيبها، أو كانت مثبتة في يمين اللوحة أو يسارها وهكذا.
ليس ذلك فحسب، فالتشكيل البصري للحروف يفتح أمام الخطاط، كما هو حال جاسم معراج أفقاً للتعبير عن الشحنة الوجدانية والروحية في التصميم المقترح، الذي يستخدم فيه الخطاط عناصر شتى من أشكال الفنون الإسلامية، كاللون، والزخرفة، وملء الفراغات بحروف التشكيل المختلفة.
تكوين
حرص معراج على أن يرسم هذه المقولة في شكل دائري، تحوطه زخرفة نباتية من اللون البني، داخل إطار دائري أكبر من زخرفة نباتية تمزج بين ألوان مختلفة من الأصفر والأخضر والأحمر، وقد خط جاسم نصه باللون الأسود.
كان هذا الشكل الذي احتضن التكوين العام للنص، قد فتح بدوره على قراءات أخرى حول تلك العلاقات السببية التي شكلت رؤية أولى أو مقترحة عند الخطاط، تمكنه من تقديم مقترح تصميمي شامل، يربط بين الشكل الخارجي من جهة، والداخلي من جهة أخرى، لتكتمل تبعاً لذلك الرؤية الجمالية والقيمية للتكوين النهائي للوحة، بما فيها من كلمات وعبارات ذات معان ورموز دينية وروحية، وبين مكونات تشكيل الحرف الذي تشابك مع حلة تزيينية من الألوان والزخارف وخلافها.
تفاصيل
في التفاصيل، حرص معراج على ترجمة رؤيته المشار إليها آنفاً، بوضع لفظ الجلالة (الله) في رأس اللوحة تقديراً لجلال قدره وعظمته، ولعب من خلال خاصية التناسق بين الحروف، كما يتضح في حرفي الخاء في كلمتي (الخيرة) و(اختاره)، من جهة أخرى يمكن ملاحظة تصميم حرف الخاء في (الخيرة) و(اختاره)، فقد تقوست الخاء فيهما على النحو البارز في الشكل، ففي كلمة (الخيرة) ربط الخطاط حرف الخاء والياء والراء التي امتدت أو انحنت بدورها (أي الراء) لتشبك مع منتصف حرف الخاء في (اختاره) وكانت خاء (اختاره) قد تقوست بدورها، شابكة بين التاء والألف، التي امتدت بدورها، مشتبكة مع راء (اختاره) على نحو منسق وجميل، ويمكن ملاحظة هذا التناسق الجميل بين ألفات المقولة وهي ثلاث ألفات جعلها الخطاط على شكل متواز وجميل.
أما حرف الألف، فكان حاضراً بدوره في حلة هندسية بارزة، فقد توازى هذا الحرف في لفظ الجلالة، مع نظيره في (فيما) وأيضاً ألف (اختاره) ليزيد من براعة الرؤية البصرية الحاذقة التي تبدت في تصميم هذه الحروف على النحو الذي أدهش الناظر، وعزز لديه قدرة الخط عاى تعزيز الرؤية البصرية للمنظور العام في اللوحة الخطية.
إضاءة
ولد جاسم معراج سنة 1982، حصل على بكالوريوس هندسة كيميائية جامعة الكويت، وماجستير في الفنون الإسلامية تخصص فن الخط العربي عام 2013 من الأردن، وهو عضو مؤسس في مركز الكويت للفنون الإسلامية، وقد حصل على العديد من الجوائز في عدة مسابقات دولية، وكانت له مشاركات في كثير من المعارض الفنية في مختلف الدول.

أخبار ذات صلة

0 تعليق