الشارقة: «الخليج»
تمثل الكتابة أداة قوية للمرأة للتعبير عن قضايا المرأة وتحدياتها وتجسيد هويتها وتطلعاتها، وأصبحت الكتابة النسوية وسيلة مهمة لمناقشة قضايا كبرى ذات طابع اجتماعي وثقافي وسياسي معاصر. جاء ذلك خلال جلسة ثقافية بعنوان «المرأة والكتابة»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، استضافت الجلسة كلّاً من الكاتبات: الأردنيّة الدكتورة رنا الدجاني، والجزائرية فيروز رشام، والمغربيتين رشيدة بنمسعود، وربيعة ريحان، وأدارتها الإماراتية شيخة الكربي.
وأشارت رنا الدجاني إلى أن الكتابة تمثل مسؤولية تاريخية نحو الأجيال المقبلة، وشددت على دور المرأة في تعزيز الهوية الوطنية عبر الكتابة بلغتها وهويتها. وتحدثت عن أهمية الكتابة للأطفال بلغتهم الأم، معتبرة ذلك وسيلة لتعزيز حب القراءة وتطوير الوعي الوطني. كما سلطت الضوء على نماذج كاتبات فلسطينيات رحلْن جراء الحرب في غزة وفي جعبتهن الكثير من القصص والروايات، داعية كل امرأة إلى استثمار الكتابة كأداة للمساهمة الثقافية ومواجهة أشكال الغزو الثقافي. واختتمت حديثها بالقول إنها، رغم كونها ليست كاتبة بالمعنى التقليدي، إلا أنها أصرّت على توثيق قصتها في كتابها «الأوشحة الخمسة، تحقيق المستحيل» لتحفيز النساء والشباب على سرد قصصهم؛ لأن كل قصة تحمل قيمة ورسالة للأجيال تستحقّ أن تروى.
بدورها أشارت فيروز رشام إلى أن الكتابة النسائية الحديثة والمعاصرة بدأت بشكل متأخر نسبياً في العالم العربي، وتعود إلى نهاية القرن التاسع عشر؛ بسبب ظروف اجتماعية وسياسية معينة. ولفتت إلى أن المرأة بدأت في الكتابة عن نفسها أولاً وعن معاناتها الشخصية، لتمر لاحقاً إلى موضوعات اجتماعية وسياسية. وأشارت إلى أنه مع تطور حركة الكتابة لدى المرأة، أصبحت تطرح رؤى عميقة في مجالات الفلسفة والاقتصاد، ما يعكس تحولاً كبيراً في اتجاه الكتابة النسائية.
وتحدثت رشيدة بنمسعود عن تعقيدات دخول المرأة إلى عالم الكتابة، مبينة أنه لم يكن سهلاً بل كان مليئاً بالعوائق الاجتماعية التي فرضت على المرأة الكتابة بأسماء مستعارة لتجنب الانتقادات. وذكرت أن المكتبة العربية مليئة بالأعمال التي تحاول تصوير المرأة بنظرة تقليدية، بل ربما إقصاءها من المشهد الثقافي؛ إذ كانت المرأة محط تفكير الرجل سواء في الأدب أو الفقه أو الفلسفة، فيما ترى أن الكتابة النسائية بدأت تتجاوز تلك العوائق لتُبرز حساسية فكرية تعبر عن واقع المرأة وتطلعاتها.
بدورها أكدت ربيعة ريحان أن الإبداع في الكتابة لا يرتبط بجنس الكاتب بقدر ما هو تفاعل مع الحياة. وأوضحت أن المرأة والرجل يتقاسمان التحديات نفسها في مجالات الكتابة، وأنه لم يعد هناك فرق يذكر بين ما تقدمه الكاتبات وما يقدمه الكتّاب الرجال. وأن تراكم الجوائز للكاتبة العربية اليوم يثبت أن المرأة قادرة على التميز في قضايا كبرى، معتبرة أن نجاح الكاتبة يكمن في قدرتها على كتابة نصوص تحقق المتعة والعمق الفكري للقراء.
0 تعليق