أبو حيان التوحيدي.. بلاغة الإشارة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: جاكاتي الشيخ

«مستويات البناء النصي في الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي» عنوان لكتاب تحليلي لمؤلفته عائشة سعيد سالم الزعابي، يهدف إلى بعث جزء مهم من التراث العربي برؤية حديثة، من خلال الكشف عن قيمته، بمحاولة إثبات كفاءته النصية وقدرته على التفاعل مع المناهج اللسانية والفكرية بشكل عام.
الكتاب الذي صدر في 441 صفحة، عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ينتظم في تمهيد وثلاثة فصول، عنوان أولها: مفاهيم تأسيسية، واشتمل على مبحثين أحدهما حول النّص وإشكالية المفهوم، والثاني حول علم لغة النص، وعنوان الفصل الثاني: مستوى البنية السطحية، واشتمل على مبحثين كذلك، أولهما حول وسائل اتساق نحوية، وثانيهما حول وسائل اتساق معجمية، وعنوان الفصل الثالث: مستوى البنية العميقة، واشتمل بدوره على مبحثين، أولهما حول المستوى الدلالي، والثاني حول المستوى التداولي.
* تحليل
جاء الكتاب لدراسة النّص النثري العربي الأصيل، من خلال ما يُعرف بعلم اللغة النصي، أو علم لغة النص، الذي يُعدّ أحد الفروع الحديثة لعلم اللغة، حيث برز كدَرس لغوي جديد يتجاوز التناول التقليدي الذي حامت جهوده حول الجملة ولم تتعدَّها؛ فتنامت العناية بالدراسات النصية في السنوات الأخيرة، واتخذ النص قطب الرحى، وبؤرة الدراسة، واستُعين بأدوات عديدة للإفادة في دراسة النص، والنظر في جوانبه التركيبية والدلالية والاتصالية والسياقية.
هذا الكتاب دراسة تقوم على تحليل نصي لمتن (الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي)؛ وفق نظريات تحليل الخطاب بوصفه نصاً واحداً، مترابط الأجزاء في مستويات بناء الكلام، ومحاولة مقاربة الخطاب النثري للتوحيدي، بمنهج يأخذ النص متكاملاً في تحليلاته؛ بغية الكشف عن الأبنية المكونة لنصوص (الإشارات الإلهية)، ومستويات البناء المختلفة، والكشف عن آليات الترابط المعينة على تماسك النص وتعاضده الشكلي والدلالي، وإعادة أثر السياق في تأويل المعنى.
تؤكد المؤلفة أن التوحيدي بَدَا من خلال نصوصه حريصاً في اختياراته اللغوية والتركيبية للتعبير عن مقاصده وأغراضه، معنياً بالمتلقي وإدراكه لمرامي الخطاب، فجاءت لغته عذبة فيها عمق المعاني والدلالة، واكتسبت نصوصه صفة القصدية والمقبولية؛ ما يجعل المتلقي متفاعلاً ومتجاوباً مع مقاصده وأغراضه، وظهرت علاقة نصوصه بالسياق الثقافي والاجتماعي واضحةً وعميقة في مكنونات النص، وأكدت كذلك أن السياق حمل مكونات فكرية وفلسفية عبّرت عن روح وظروف العصر، كما أبرزت «رؤية التوحيدي للعالم»، ومكوناته الحسية واللاحسية وهي رؤية تتصل بتجربته الشخصية والنفسية والاجتماعية.
يبرز الكتاب توظيف التوحيدي في توظيفه للتعابير غير المألوفة التي كسرت توقع المتلقي، واستخدامه للظواهر البلاغية كالاستعارة، والكناية، والتشبيه والتناص بما تكتنزه من طاقات رمزية، وشحنات انفعالية، تمنح نصوصه أبعاداً مجازية ودلالية تجعلها مهيأة لقراءة ناجحة.
ولأن النصوص للتوحيدي، فلم يكن هناك شك في بروز أثر الفكر الصوفي في تأسيس بنى النصوص الإشارية، فقد ظهر الاتجاه الفلسفي، والصوفي والنزوع الإنساني إلى الاغتراب والمعاناة جراء الألم من الواقع المرير وصعوبة تغييره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق