عام من الحزن في غزة.. دموع لا تكفكف وحرب تأبى وضع أوزارها - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الخليج» - متابعات
في ظل حرب لا تهدأ طبولها، ولا تتراجع وتيرة بشاعتها رغم مرور عام كامل على اندلاعها، ما زال الألم يأبى أن ينقشع عن الفلسطينيين في غزة، لاسيما أن آثار الصراع الحزينة ما زالت تلقي بظلالها على آلاف العائلات التي عانت النزوح وفقدان الأمان، حيث يعيش الأطفال في أوجاع لا نزوح منها، يتجولون بين الأنقاض بدموع لا تكفكف بحثاً عن ذويهم تحتها، ويعيش الشباب مرارة الفقد واليتم ، فيما يعيش الآباء نقمة الثكل وضبابية مستقبل الأبناء في حرب باتت مؤشرات إخمادها ضئيلة رغم تقادمها.
ومع هذا وذاك ورغم مرور الوقت، الجراح في غزة مازالت تنزف وتزداد وجعاً في ظل استمرار القصف الإسرائيلي الذي أصبح حتمياً على أطفال القطاع الساحلي الضيق، أن يستفيقوا إن باغتهم النوم عنوة، على دوي وأزيز طائراته، إلى جانب زخات رصاص البنادق التي لا ترحم حتى الحوامل والرضع.
والجمعة، أعلنت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 42126 فلسطينياً قُتلوا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ العام الماضي 60 بالمئة منهم أطفال ونساء، فيما أُصيب 98117 آخرون.
وفي مأساة متسلسلة يكاد يُقرأ خبرها يومياً، قال الدفاع المدني في غزة إن عشرات الفلسطينيين أصيبوا بنيران طائرات مسيرة تابعة للجيش الإسرائيلي استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في مخيم جباليا للاجئين الجمعة، وأضاف أن طواقمه تنقل المصابين إلى مستشفى قريب.
قصف ممنهج
وخلص تحقيق تابع للأمم المتحدة الخميس، إلى أن إسرائيل تتبع سياسة منسقة تتمثل في تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة خلال الحرب، وهي أفعال ترقى إلى جرائم حرب وجريمة إبادة ضد الإنسانية، بحسب التحقيق الصادر عن الأمم المتحدة.
واتهم بيان صادر عن المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان نافي بيلاي قبل صدور تقرير كامل، إسرائيل بشن «هجمات متواصلة ومتعمدة على العاملين والمرافق بالقطاع الطبي» خلال الحرب، التي اندلعت بعد هجوم في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وأضافت بيلاي، التي سيُقدم تقريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 أكتوبر/ تشرين الأول «يحمل الأطفال بصفة خاصة على كاهلهم تبعات هذه الهجمات، لأنهم يعانون بشكل مباشر أو غير مباشر من انهيار نظام الرعاية الصحية».
واتهم بيان التحقيق التابع للأمم المتحدة القوات الإسرائيلية بقتل وتعذيب العاملين في المجال الطبي عمداً، واستهداف مركبات طبية وعرقلة تصاريح تسمح بخروج المرضى من قطاع غزة المحاصر.
وعلى سبيل المثال، أشار التحقيق إلى وفاة فتاة فلسطينية تُدعى هند رجب في فبراير/ شباط مع أفراد أسرتها، واثنين من المسعفين الذين جاؤوا لإنقاذها وسط القصف الإسرائيلي.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من عشرة آلاف مريض يحتاجون إلى إجلاء طبي عاجل مُنعوا من الخروج من غزة منذ إغلاق معبر رفح الذي يقع على الحدود مع مصر في مايو/ أيار.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن نحو ألف طبيب قتلوا في غزة العام الماضي فيما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنها «خسارة لا يمكن تعويضها وضربة قوية لنظام الرعاية الصحية».
وجاء أيضاً في البيان أنه جرى التحقيق في طريقة معاملة السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل والرهائن الذين احتجزهم مسلحو حماس منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. واتهم التحقيق الجانبين بالضلوع في أعمال تعذيب وعنف.
ولم تتعاون إسرائيل مع التحقيق الذي تقول إنه منحاز ضدها، واتهمت لجنة التحقيق إسرائيل بعرقلة عملها ومنع المحققين من الوصول إلى أراضيها والأراضي الفلسطينية.
وانتقدت إسرائيل التحقيق، وادعت أنه محاولة أخرى لنزع الشرعية عن وجود «دولة إسرائيل»، وعرقلة حقها في حماية سكانها، مع التستر على جرائم.
حملة شلل الأطفال: تعثر محتمل
وفي سياق متصل،أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أن حملة التطعيم الجديدة ضد شلل الأطفال في قطاع غزة التي من المقرر أن تبدأ الاثنين، ستكون أكثر تعقيداً، بسبب القتال المتواصل بين إسرائيل وحركة حماس في شمال القطاع.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية الدكتور ريك بيبركورن في مؤتمر صحفي «أنا بالطبع قلق بشأن التطورات في شمال غزة».
وأعرب عن أمله أن تحترم «الهدن الإنسانية» لتنفيذ حملة التطعيم، مشيراً إلى أن بعض المراكز الصحية في شمال غزة موجود في مناطق طلبت إسرائيل إخلاءها.
من جهتها، قالت الممثلة الخاصة لليونيسيف جان غوف: «نحن قلقون لأن الظروف على الأرض أكثر تعقيداً هذه المرة».
وأضافت «سيكون من الضروري جداً ليس فقط احترام الهدن الإنسانية في الشمال، بل أيضاً عدم إجبار الناس على الانتقال من منطقة إلى أخرى. سيكون ذلك ضرورياً لنتمكن من تطعيم ما لا يقل عن 90 % من الأطفال الذي يبلغون أقل من عشر سنوات بين سكان الشمال».
لكنها أكّدت في الوقت نفسه أن لديها أملاً بأن تمضي الحملة قدماً وقالت «الأمر صعب لكنه ممكن».
وبعد رصد أول إصابة بشلل الأطفال، هي الوحيدة حتى الآن في قطاع غزة منذ 25 عاماً، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة واسعة النطاق في الأول من سبتمبر/أيلول للقضاء على خطر انتشار الوباء.
وتلقى أكثر من 560 ألف طفل دون العاشرة الجرعة الأولى خلال مرحلة أولى من التطعيم، وسمحت «هدن إنسانية» في مناطق محدّدة بتنفيذ العملية على ثلاث مراحل، في وسط القطاع وجنوبه وأخيراً في شماله.
«غزة ساحة حرب ثانوية»
ورغم هذا الكم من الضحايا، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن الجيش الإسرائيلي حوّل قطاع غزة إلى «ساحة قتال ثانوية» لأول مرة منذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضافت الصحيفة الجمعة، أن معظم الاهتمام والموارد لدى الجيش الإسرائيلي موجهة حالياً إلى لبنان، وقالت إن الجيش حوّل غزة الأسبوع الماضي إلى ساحة قتال ثانوية مع بداية العملية البرية في جنوب لبنان، لكنه ترك الفرقة الأمامية النظامية للقيادة الجنوبية للإغارة على جباليا شمال القطاع لفترة متوقعة قد تمتد أشهراً وليس أسابيع قليلة كما كانت في الماضي.
وأكدت الصحيفة أن الكتيبة 460 التابعة للجيش أقامت حاجزاً لتصفية من وصفتهم بالمطلوبين من بين الفارين جنوباً، في إشارة إلى النازحين من شمال القطاع.
هل تضع الحرب أوزارها
لا يبدو أن الحرب التي تخوضها إسرائيل على غزة في طريقها إلى النهاية، فقد اتخذ الصراع مسارات أكثر تعقيداً، جعلت احتمالات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أقل ترجيحاً من أي وقت مضى.
وعلى الرغم من المحاولات المتكررة من جانب الدبلوماسيين الأمريكيين والمصريين والقطريين للتفاوض على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، فإن الصراع في غزة ما زال دون حل، وهو الآن ينتشر في مختلف أنحاء المنطقة.
وعلى مدار عام، فشلت إسرائيل و«حماس» في ​​التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، في حين يتزايد خطر اندلاع صراع إقليمي كامل، مع تبادل الضربات بين إسرائيل و«حزب الله» من جهة، وإيران من جهة أخرى. وعلاوة على ذلك، توسع إسرائيل حربها، لتشمل جبهات متعددة في سوريا والعراق واليمن.
وحققت الولايات المتحدة وقطر ومصر نجاحاً في نوفمبر 2023 في تأمين وقف مؤقت لإطلاق النار وتحرير بعض الرهائن، ولكن منذ ذلك الحين استمر الصراع دون هوادة، ما ترك المنطقة في حالة هشة من عدم اليقين، ويتجه ببطء نحو احتمال اندلاع صراع إقليمي أوسع، في ظل استعداد إسرائيل لشن هجوم جديد على إيران.
توسع الحرب
ووسّعت إسرائيل أهدافها المعلنة لحربها المستمرة على غزة لتشمل تمكين السكان الإسرائيليين في الشمال من العودة إلى مساكنهم، وذلك رغم التحذيرات الأمريكية من توسيع الحرب.
جاء ذلك بعد تصاعد الدعوات في إسرائيل إلى شن حرب على حزب الله في لبنان، مع تصعيد هجماته الصاروخية على مستوطنات الشمال التي فر عشرات الآلاف من المستوطنين بسببها.
ومنذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي وسّعت إسرائيل بالفعل نطاق الحرب التي تشنها على غزة، لتشمل جل مناطق لبنان -بما فيها العاصمة بيروت- عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفاً وكثافة، كما بدأت توغلاً برياً في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
وأسفر التصعيد الإسرائيلي الحالي على لبنان عن مقتل نحو 1300 شخص وإصابة الآلاف -بينهم عدد كبير من النساء والأطفال- وأكثر من مليون و200 ألف نازح، وفق بيانات رسمية لبنانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق