في عام 1987، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كتابه «فن الصفقة»، والذي يكشف فيه قطب العقارات ورجل الأعمال الناجح حينها، كيفية إتمامه صفقات بملايين الدولارات، جعلت منه إحدى أهم الشخصيات في نيويورك.
وما ذكره ترامب في كتابه، يمكن أن يفسر رؤيته للعالم من حوله وطريقته في الإدارة والحكم بعدما نجح في الفوز بانتخابات الرئاسة عام 2016، وعاد مرة أخرى إلى البيت الأبيض، في عام 2024.
موهبة وعمل فني
يعتقد ترامب أن إتمام الصفقات يعد «عملاً فنياً» أكثر من كونه طريقة لكسب الأموال، وفق ما ذكره في السطر الأول من كتابه.
وفي كتابه، يقول ترامب: «الصفقات هي شكل فني»، معتبراً أن «الإثارة الحقيقية من عقد الصفقات ليس فقط المكسب المالي، ولكن التشويق للعملية نفسها».
ويصف ترامب إبرام الصفقات بـ«موهبة يولد بها الشخص أكثر من أي شيء آخر»، مؤكداً أن تلك الموهبة «موجودة في الجينات».
ويستعرض ترامب مفهومه لموهبة إبرام الصفقات قائلاً:«لا أقول هذا من باب الأنانية، إنها لا تتعلق بالذكاء، إنها تتطلب قدراً معيناً من الذكاء، لكنها في الغالب تتعلق بالغرائز».
لا خبراء ولا استطلاعات رأي
يحرص ترامب أيضاً على دراسة السوق بنفسه، فهو لا يستعين بـ«خبراء ولا استطلاعات رأي»، ويعبر عن ذلك في كتابه قائلاً:«لا أثق في استطلاعات الرأي التسويقية الفاخرة، بل أجري استطلاعاتي الخاصة وأتوصل إلى استنتاجاتي الخاصة».
ويؤمن ترامب بضرورة سؤال الجميع عن رأيهم قبل اتخاذ أي قرار، ويقول في كتابه:«إذا كنت أفكر في شراء قطعة أرض، فسأسأل الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المنطقة عن رأيهم في المدارس ومعدل الجرائم والمحلات التجارية».
ويضيف:«عندما أكون في مدينة أخرى وأستقل سيارة أجرة، أحرص دائماً على طرح الأسئلة على سائق التاكسي».
الهجوم والنفوذ
يعتقد ترامب أن مفتاح النجاح في أي صفقة يتعلق بـ«كسب النفوذ»، أو استغلال حاجة الطرف الآخر لشيء ما أو عدم قدرته على الاستغناء عنه.
ويعرف ترامب النفوذ بأنه «الحصول على شيء يريده الطرف الآخر، أو الأفضل من ذلك، يحتاج إليه، أو الأفضل من ذلك كله، لا يستطيع ببساطة الاستغناء عنه».
ولا يخشى ترامب أن يكون «هجومياً بعض الشيء» للحصول على ما يريد، ومع ذلك فهو يؤمن بالمرونة وبقاء الخيارات مفتوحة.
ويرى ترامب أن «وجود خيارات احتياطية يمنح الشخص نفوذاً، والقدرة على التحكم واختبار النتائج التي تناسب أهدافه بشكل أفضل».
ويقول: «لا أتعلق أبداً بصفقة واحدة أو نهج واحد، أتوصل دائماً إلى العديد من الأساليب لجعل الصفقة ناجحة، لأن أي شيء يمكن أن يحدث، حتى لأفضل الخطط الموضوعة».
ويغير ترامب المسار ويتوصل إلى خطط بديلة عندما لا تنجح خطته الأولية، وهو ما قد يكون انعكس عليه رئيساً في مواقف أبدى فيها استعداده لتغيير الاستراتيجيات واستكشاف أساليب بديلة.
طريقة تأتي بثمارها
طريقة تفكير ترامب انعكست على قرار فرض الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من كندا والمكسيك والصين، وفق مقال نشرته صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية.
وأدت قرارات ترامب إلى إرباك أسواق الأسهم وسلاسل التوريد وإثارة مخاوف من تأثيرها في المستهلكين، لكن لم تمض ساعات حتى أعلن الرئيس الأمريكي أن كندا والمكسيك وافقتا على طلباته.
وكان الاتفاق هو وقف القرار لمدة 30 يوماً مع قيام الجارتين بتعزيز أمن الحدود ومكافحة الاتجار بالمخدرات وغيرها من المسائل التي طلبها ترامب.
ويبدو أن تهديد دونالد ترامب لبنما يؤتي ثماره، بعدما تعهد رئيسها، خوسيه راؤول مولينو، بعدم تجديد اتفاقية التجارة مع الصين وأعلن انسحابها من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حسب «نيويورك بوست».
مخاطر كبيرة
تشير «نيويورك بوست» إلى «مخاطرة كبيرة» لطريقة الرئيس الأمريكي، فيما يخص فرض الرسوم الجمركية، وسوف يشمل ذلك «ارتفاع الأسعار بالنسبة للأمريكيين الذين يعانون بالفعل»، ومعاقبة ترامب في استطلاعات الرأي.
أما جيمس ماكنتوش، كاتب العمود في صحيفة «وول ستريت جورنال»، فيؤكد أن ترامب لن يكون قادراً على استخدام الرسوم الجمركية لتمويل الحكومة الفيدرالية كما وعد بذلك.
ويشير كاتب المقال إلي أن «ترامب أيضاً ذكر من قبل أن هذه الرسوم ستدفع الشركات للانتقال إلى الولايات المتحدة، وهذا أيضا لن يحدث إلا إذا فُرضت رسوم جمركية دائمة».
ويضيف أن «ترامب يعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على تحمل الألم الاقتصادي، لأن لديها كل النفط الذي تحتاجه، ولديها كل الأشجار التي تحتاجها».
وهذا أيضاً لن يحدث إلا إذا كانت هناك رسوم جمركية طويلة الأمد، حسبما يؤكد كاتب المقال في «وول ستريت جورنال».
اقرأ المزيد:
0 تعليق