إعداد: إيمان أبو الحديد
يتوقع أن يلعب صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، ومستشاره ستيف ويتكوف، دوراً كبيراً في رسم معالم مستقبل قطاع غزة، المدمر جراء الحرب وتحويله إلى «رفييرا الشرق الأوسط»، خلال عمليات إعادة الإعمار التي أبدى ترامب رغبته في الإشراف عليها، من دون ضمان عودة الفلسطينيين إليها.
وكان كل شيء بدا واضحاً لكوشنر، أثناء مناقشته لمستقبل قطاع غزة المدمر جراء الحرب، وذلك في مقابلة بجامعة هارفارد في فبراير/ شباط 2024. وقال كوشنر آنذاك: «أنا الآن جالس في ميامي بيتش. مشيراً إلى مكاتب شركته الاستثمارية الجديدة أفينتي بارتنرز في مدينة فلوريدا الساحلية التي شهدت ازدهاراً في ناطحات السحاب والفنادق. «ومثل ميامي، تأمل مجموعتنا أن تمتلك غزة لتقوم بتحويلها إلى منطقة عقارات بحرية ذات قيمة عالية، ويمكن أن تصبح مركزاً سياحياً، إذا تم نقل سكان غزة، على الأقل بشكل مؤقت، خارج المنطقة». بحسب تصريحات صهر الرئيس الأمريكي، قبل عام.
وارتبك تاريك مسعود، رئيس مبادرة الشرق الأوسط التي كانت تستضيف اللقاء وسأله، وهو في حالة صدمة من التصريحات التي بدت عابرة من صهر ترامب. «هل يتحدث أحد عن هذا في إسرائيل؟» فأجاب كوشنر، وهو يهز كتفيه: «لا أعرف».
وبعد إعلان ترامب عن خطط مشابهة على مدار الأيام الماضية، لتحويل غزة إلى «ريفيرا الشرق الأوسط» تساءل محللون ما إذا كان ترامب، مطور العقارات الذي بدأ مسيرته في نيويورك في الثمانينات، مجرد يحلم ب«صفقة العمر»، أم أنه يقدم خطة مجنونة لصرف الانتباه، بحسب صحيفة «التليجراف».
لكن كلمات ترامب نفسها، واختياره للمستشارين الرئيسيين في الشرق الأوسط، تكشف عن شهور، إن لم تكن سنوات، من التفكير المسبق بخصوص رسم مستقبل غزة. وأخبر مساعدو البيت الأبيض ترامب أن إعادة بناء غزة سيستغرق على الأقل 15 عاماً.
ملكية طويلة
وعندما رحب ترامب ببنيامين نتنياهو لإجراء محادثة خاصة حول غزة، قال: إن السكان يجب أن يكونوا متحمسين للعيش في مكان أفضل من منطقة الكوارث، مدعياً أن الأردن ومصر سيكونان سعيدين بالانضمام إلى خطته.
لكن خطته قوبلت بالرفض من الدول العربية، ودانت مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات خطط إعادة توطين سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة.
وفاجأ ترامب الجميع بخطته لمستقبل غزة، حيث تحدث إلى الصحفيين إلى جانب نتنياهو في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض.
وقال: إن الولايات المتحدة ستتخذ موقف ملكية طويل الأمد لقطاع غزة بعد نقل الشعب الفلسطيني، وأنه ستتم إعادة بناءه ليصبح وجهة لامعة ليس فقط للفلسطينيين، بل للجميع. وتابع: «لم يكن هذا قراراً اتُخذ ببساطة، لا أقصد أن أكون لطيفاً، ولا أقصد أن أكون حكيماً».
لكنه أضاف أن غزة ستصبح «ريفيرا الشرق الأوسط».
ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، أخبر ترامب نتنياهو الصيف الماضي، أن قطاع غزة قطعة عقارية رئيسية، وأنه يجب عليه التفكير في نوع الفنادق التي يمكن بناؤها هناك. وأفادت الصحيفة أن خطة ترامب للسيطرة على القطاع وإدارة تحولها، شكلت فقط في الأيام الأخيرة.
إمبراطور العقارات
وأطلع المسؤولون الأمريكيون آخرين على أن خطط ترامب تبدو مستوحاة بشكل فضفاض من أفكار طرحها لموظفيه بشكل خاص مؤخراً. واعتمد ترامب على مشورة ستيف ويتكوف، صديق العائلة المقرب، ومطور العقارات، حيث خلف كوشنر في منصب مبعوث الشرق الأوسط، واعداً بالتحدث والتعاون والمشاركة.
وتعرف ويتكوف إلى ترامب في العام 1986 عندما كان محامياً في شركة عملاؤها يشملون الشاب المتفاخر الذي كانت تحركاته حديث الصحافة في نيويورك.وكانت لحظة حاسمة، إذ ألهمه ذلك ترك وظيفته في مجال الشركات، ودخول عالم العقارات بنفسه.
وسافر ويتكوف إلى ممر نتساريم وسط غزة، وممر فيلادلفيا على الحدود الجنوبية، ما جعله واحداً من القلائل من المسؤولين الغربيين الذين شهدوا الدمار على الأرض.
ووصف التحديات التي تواجه غزة من منظور رجل أعمال أمريكي في مجال العقارات في مؤتمر صحفي خارج البيت الأبيض يوم الثلاثاء. وقال: «في أي مدينة في الولايات المتحدة، إذا كان هناك دمار يعادل جزءاً من المئة مما رأيته في غزة، لما كان مسموحاً للناس بالعودة إلى منازلهم».
وأضاف: «هذا هو مدى خطورة الوضع».
وأوضح أن خطته ل«تنظيف غزة» تعني جعلها صالحة للسكن، مؤكداً أن جهود إعمارها قد تستغرق 15عاماً، بدلاً من الخمس سنوات التي اقترحتها إدارة جو بايدن.
ويتفق كوشنر، وويتكوف أن مشاكل غزة هي صفقة عقارية عملاقة، حسبما أخبروا «وول ستريت جورنال» العام الماضي.
وعلى الرغم من أن زوج إيفانكا ترامب لم يشغل أي دور رسمي في الإدارة الجديدة لترامب، فقد أكد مؤخراً: «سأعطيهم نصيحتي، سأساعدهم بأي طريقة يحتاجونها».
وتمتلك شركة «أفينتي بارتنرز»، وهي شركة الاستثمار التي أسسها كوشنر في عام 2021، خبرة في مشاريع العقارات الفاخرة في المواقع المتضررة من الحروب.
وأكد حلفاء ترامب، أنه «جدي للغاية» بشأن خططه التوسعية للاستيلاء على غرينلاند وقناة بنما، والآن، كما يبدو، الفوز بصفقة قطاع غزة.
0 تعليق