لوك لانغو*
لسنوات عديدة، كان الذكاء الاصطناعي محاصراً خلف الشاشات، لتشغيل برامج الدردشة ومعالجة البيانات. لكن الثورة الكبيرة القادمة في القطاع لن تقتصر على التحدث فقط؛ بل ستمشي وتتحرك وتعمل بطرق مشابهة جداً لنا، أنا أتحدث بالطبع عن الروبوتات الشبيهة بالبشر.
لقد خرجت هذه الإبداعات أخيراً من الخيال العلمي إلى الواقع وربما تكون على استعداد لتصبح التقدم الأكثر إرباكاً في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن، من عمالة المصانع إلى رعاية المسنين، يمكن لهذه الآلات إعادة تشكيل الصناعات بسهولة وإعادة تعريف العمل وربما تحدي ما يعنيه أن تكون إنساناً.
هذا ليس كلامي فقط، فكل شخص مهم في عالم التكنولوجيا وفي مقدمتهم إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، يراهن اليوم على أن الروبوتات البشرية ستكون بالتأكيد الاختراق الكبير القادم في مجال الذكاء الاصطناعي.
لقد ابتكرت «تيسلا»، المملوكة لماسك، روبوتاً بشرياً يُدعى «أوبتيموس»، وهو يُستخدم بالفعل داخل بعض مصانعها لاستكمال مجموعة متنوعة من المهام. وتخطط الشركة لزيادة إنتاج أوبتيموس لتوسيع نطاق استخدامه في جميع مرافقها حول العالم ويقال إنه في العام المقبل، ستبدأ في بيع روبوتاتها لشركات خارجية. وبعد ذلك، تهدف إلى تقديمها للمستهلكين الأفراد العاديين مثلك ومثلي وقد يكون لدينا قريباً مساعد روبوت بشري شخصي يعيش معنا ويقوم بكل شيء، من تفريغ البقالة والتنظيف إلى حماية المنزل أثناء الغياب.
من الواضح أن ماسك يرى في الروبوتات البشرية مشروعاً تجارياً كبيراً ورابحاً ويعتقد أن «أوبتيموس سيكون القيمة المضافة الكبيرة للشركة» مع إمكانية أن تتجاوز إيراداته الـ10 تريليونات دولار، مثلما قال في حديثه لـ«وول ستريت» قبل بضعة أسابيع فقط.
بالفعل، إنها تصريحات جريئة من الملياردير الشاب. والمثير في الأمر، أنه ليس الوحيد المتفائل بشأن هذه التقنية الرائدة. فقد عمّ التفاؤل الجارف عمالقة التقنية الآخرين. إذ يشعر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لميتا، بنفس القدر من الحماس تجاه صعود الروبوتات الشبيهة بالبشر.
وقد أنشأ للتو وحدة أعمال جديدة داخل الشركة مخصصة لتطوير تلك التكنولوجيا وبحسب ما ورد، لا تسعى ميتا لإنشاء روبوت كامل، بل منصة برمجية أساسية يمكن لصانعي الروبوتات مثل تيسلا دمجها في الروبوتات الخاصة بهم.
وفي الوقت نفسه، تمتلك شركة «أبل»، أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، فرقاً بحثية داخل أعمال الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، تعمل على تطوير تقنيات الروبوتات. ووفقاً للمحللين، تدرس صانعة آيفون مجموعة من أنظمة الروبوتات، من الأجهزة البسيطة إلى الآلات البشرية المعقدة، لتكون جزءاً من نظام بيئي منزلي ذكي مستقبلي حيث يتم أتمتة كل شيء.
بدورها، تستكشف «ألفابت»، الشركة الأم لمحرك البحث «غوغل»، تكنولوجيا الروبوتات الجديدة واستثمرت للتو في شركة «أبترونيك» الناشئة المتخصصة بصناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر.
كما أطلقت «إنفيديا» مؤخراً عائلة جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية تسمى «كوزموس»، صُممت خصيصاً لمساعدة الروبوتات الشبيهة بالبشر على التنقل في العالم الحقيقي.
ويقال أيضاً إن شركة «أوبن إيه آي»، صانعة «تشات جي بي تي»، تدرس الاستثمار في مشروع روبوتات بشرية وقد دخلت «مايكروسوفت»، أحد أكبر مساهميها الرئيسيين، في شراكة مع «سانكتشوري إيه آي» لتطوير روبوتات بشرية متعددة الأغراض.
يبدو أن السباق بدأ! وهذا يعني أن الروبوتات البشرية قادمة قريباً بالفعل لجميع الأماكن فشركات التكنولوجيا الكبرى لديها ما يكفي من المال والموهبة، بحيث عندما يقررون القيام بشيء ما فإن الأمر لا يعدو كونه مسألة وقت قبل أن يتمكنوا من إنجازه.
وقد قرر الجميع تقريباً التعامل مع الروبوتات البشرية وسوف يقومون بذلك على الأرجح في غضون بضع سنوات ومن المنتظر أن نرى روبوتات بشرية بقيمة 20 ألف دولار معروضة للبيع ومتاحة في ملايين المنازل بحلول عام 2030.
لقد بدأت المرحلة التالية من ثورة الذكاء الاصطناعي. ولكن الأمر لا يتعلق فقط بالروبوتات الشبيهة بالبشر التي تؤدي مهام تفريغ سلع البقالة أو العمل في المصانع، بل يشمل أيضاً أنظمة القيادة الآلية، مثل السيارات ذاتية القيادة.
فقبل بضع سنوات، كان هذا الواقع يبدو ضرباً من الخيال، لكنه أصبح حقيقة بالفعل في فينيكس وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس. وسوف يترسخ أكثر قريباً في أجزاء من تكساس وجورجيا ونيفادا وفلوريدا، وربما في كل مكان. لأنه بالإضافة إلى كل هذه التطورات التقنية، فإن الخلفية التنظيمية للسيارات ذاتية القيادة تتغير للأفضل أيضاً.
وبهذا الصدد، أفادت بعض التقارير بأن الرئيس ترامب سيعمل على تخفيف القوانين الفيدرالية التي تتحكم بالمركبات ذاتية القيادة، ما يجعل من الأسهل كثيراً على شركات مثل «أورورا» و«وايمو» و«تيسلا» نشر السيارات ذاتية القيادة في جميع أنحاء أمريكا على نطاق واسع ونعتقد حقاً أن 2025 قد يكون العام الذي تصبح فيه السيارة ذاتية القيادة هي السائدة وبالتالي بلوغ أسهم الشركات ذات الصلة عنان السماء.
ما رأيك؟ هل تعتقد أن الروبوتات ستصبح جزءاً طبيعياً من حياتنا كما أصبحت الهواتف الذكية؟ أم أن هناك تحديات قد تعيق هذا التقدم؟
* محلل الاستثمار في شركة «إنفيستربلايس»
0 تعليق