هل يدعم «حزب العمال» الأعمال؟ - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مارك سيدويل *
بعد أكثر من 100 يوم على تولي حكومة حزب العمال الجديدة مقاليد الحكم في المملكة المتحدة، لم تستطع حتى صحيفة «الغارديان» إخفاء انزعاجها من الفوضى الحاصلة. ومع اقتراب إفصاح ميزانية أكتوبر نهاية الشهر، ذكرت الصحيفة اليسارية أن المستشارة ووزيرة الخزانة راشيل ريفز تفكر في رفع ضريبة مكاسب رأس المال إلى 39%.
بكل تأكيد، سينجم عن هذا القرار فوضى ستزيد من جو التوتر الذي خيم على قمة الاستثمار العالمية التي افتتحها كير ستارمر الاثنين الماضي، والتي كان الهدف منها المساعدة في إعادة ضبط حكومة بريطانيا المتعثرة، وإظهار البلاد على أنها مفتوحة للأعمال التجارية. والآن يأتي قرار الضريبة وسط عاصفة من العناوين الرئيسية حول خطط المستشارة لإفراغ جيوب كل مستثمر ناجح تجده أمامها.
بالإضافة إلى ذلك، خاطر الاثنان بإلغاء استثمار قيمته مليار جنيه استرليني في ميناء الحاويات في لندن غيتواي، بعد أن انتقد أعضاء مجلس الوزراء الداعم المحتمل لهذا المشروع. كما سجلت إدارة ستارمر نقطة سلبية إضافية في سجلها بتجاهل دعوة أغنى رجل في العالم دون داع. ومع ذلك، ربما لم يكن إيلون ماسك ليأتي على أي حال. فقد أفادت صحيفة «فاينانشال تايمز»، قبل انعقاد الحدث، بأن بعض كبار الرؤساء التنفيذيين الذين حصلوا على دعوة قد لا يكلفون أنفسهم عناء السفر، بسبب مخاوف «الجودة والتنظيم».
لقد أراد حزب العمال تقمص شخصية المحافظين كحزب سياسي يمكن للمؤسسات الخاصة التعامل معه. وفي الواقع، قبل ثمانية أشهر فقط، غرّد كير ستارمر بثقة: «حزب العمال هو حزب الأعمال». وفي مايو/أيار، أقنع الحزب 120 من قادة الأعمال بدعمه حزباً وحيداً للتغيير.
ومع ذلك، ما زلنا في نفس المكان. فإضافة إلى الضربات التي لحقت بثقة المستثمرين، شهد الأسبوع الفائت أيضاً تقديم الحكومة البريطانية لمشروع قانون حقوق العمل الجديد. ووصفت تينا ماكنزي من اتحاد الشركات الصغيرة التشريع بأنه «عمل متسرع، وأخرق، وفوضوي، ومخطط له بشكل سيئ»، وبأنه يفتقر إلى أي عنصر حقيقي مؤيد للنمو وسيزيد من الخمول الاقتصادي.
وفيما أصبح سريعاً موضوعاً لهذه الإدارة، يمنح مشروع القانون المزيد من السلطة للنقابات العمالية، بما في ذلك إزالة شرط الحد الأدنى من مستويات الخدمة أثناء الإضرابات من الخدمات العامة الرئيسية. وكما قال البروفيسور لين شاكليتون من معهد الشؤون الاقتصادية، «ستُصعّب هذه التغييرات على الوزراء متابعة السياسات الفعالة والمطلوبة لتحسين المستوى البائس لإنتاجية القطاع العام».
فلماذا سارت الأمور بشكل سيئ للغاية بهذه السرعة؟ يشير البعض إلى استقالة سو غراي، كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمشاكل المستعصية داخل أروقة الحكومة المركزية وكيفية تنظيمها في المملكة المتحدة. ولكل هذه الأفكار ما يبررها، ولكني أعتقد أن السبب الجذري أعمق من ذلك. ففي النهاية، تعمل هذه الحكومة بدافع من أيديولوجية مضللة: وهي «أنها تعرف ما هو الأفضل دوماً».
لقد وصل ستارمر وريفز إلى الحكم بقناعة واضحة بأن سلطة الدولة قادرة على تشكيل الاقتصاد وقيادته. ونتيجة لهذا، فإن رؤيتهما لكيفية العمل مع الشركات هي رؤية مؤسساتية في الجوهر، وثقتهما في قدرتهما على توجيه الاستثمار في أكثر الاتجاهات إنتاجية مثيرة للقلق. كل هذا فشل في البقاء على اتصال بالعالم الحقيقي، ومع ذلك فهما غير مستعدين للتخلي عن رؤيتهما الكبرى.
لقد مرت خمسون سنة هذا الأسبوع منذ حصول فريدريك هايك، عالم الاقتصاد النمساوي البريطاني، على جائزة نوبل في الاقتصاد. وكما قال آنذاك: «إن التصرف بناءً على الاعتقاد بأننا نمتلك المعرفة والقوة اللازمتين لتشكيل عمليات المجتمع وفقاً لرغباتنا فقط، وهو مالا نمتلكه في الواقع، من المرجح أن يُلحق بنا الكثير من الأذى». اليوم، لا يزال خطأ ريفز، حتى بعد أن اصطدمت خططها الضريبية مراراً وتكراراً بجدار الواقع، هو الاعتقاد بأنها تعرف كيف تؤسس الاقتصاد الأفضل للبلاد. لكن من الواضح أنها، وستارمر، اكتشفا بالفعل مدى ضآلة معرفتهما بالأنظمة التي اعتقدا أنهما قادران على تصميمها.
ومهما كانت نوايا السياسي الذي يمارس سلطة الدولة حسنة أو ذكية، فإنه سيظل يعمل دائماً وهو يراقب عن كثب. ولن يكون ستارمر وريفز منافسين لنظام السوق الديناميكي الذي يستخدم المعرفة المتفرقة من خلال الارتباط التطوعي والمعلومات والحوافز الواردة في الأسعار. والتدابير الناجحة لو أردت تنمية الاقتصاد هي تلك التي تحد من تدخل الحكومة، مثل إلغاء القيود التنظيمية، وخفض الضرائب، وتبسيط قواعد التخطيط.
ومع ذلك، بعد مرور نصف قرن، يبدو أننا نسينا هذه الدروس الاقتصادية التي تعلمناها بشق الأنفس. وسوف تعمل قواعد حزب العمال الجديدة على فرض ضوابط على الإيجارات، حيث يخبر المسؤولون الملاك بما هو «سعر السوق العادل» لممتلكاتهم. ولم يبدأ هذا مع الحزب، لكنهم عازمون على متابعة هذه الإيديولوجية بشكل أكبر وأسرع من أي وقت مضى. الخبر السار هو أنهم مخطئون. أما الخبر السيئ فهو أنه طالما ظلوا في السلطة، فسوف ندفع الثمن جميعاً.
* محرر في «كاب إكس»

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق