بعد أسلحتها النووية.. لماذا يثير جيش كوريا الشمالية قلق الغرب؟ - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
يبدو أن الضجة الحاصلة في الغرب، والتي امتدت إلى حلف شمال الأطلسي حول مزاعم إرسال جنود من كوريا الشمالية إلى روسيا، للانضمام إلى قواتها في ظل الحرب الحالية مع أوكرانيا، تؤشر إلى دلالات كثيرة، ومن بينها أن الأمر يتعلق بالدولة الأكثر «عسكرة» في العالم، كما يصفها مراقبون غربيون، لدرجة قول تقرير بريطاني إن مجرد صورة مزعومة عن ظهور العلم الكوري الشمالي على جبهات القتال في منطقة بوكروفسك أثار قلق الجنود الأكرانيين المرهقين من حرب مستمرة منذ أكثر من عامين.
وعلى مدار السنوات الماضية، ركزت الولايات المتحدة وحلفاءها على القدرات النووية لكوريا الشمالية، ولكن مؤخراً وبعد معاهدة تاريخية بالدفاع المشترك مع روسيا، أصبح الجيش التقليدي الهائل لبيونغ يانغ هو محط الاهتمام، حيث يوصف بأنه أحد أكبر القوات في العالم، وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فإن العقيدة الكورية تقوم تقريباً على تسليح جميع السكان للدفاع عن أراضيها.
ورغم وجود توترات مع جارتها الجنوبية، فإن القوة العسكرية لكوريا الشمالية وقدراتها القتالية تظل لغزاً، حيث لم تخض أي صراع كبير منذ الحرب الكورية قبل سبعة عقود، لكن الأكيد أنه يُطلب من الجنود الكوريين الشماليين الخدمة لمدة تتراوح بين ثماني وعشر سنوات، ما يجعلهم من المجندين الأطول خدمة والأكثر خبرة في العالم.
ـ قوات النخبة ـ
كوريا الجنوبية التي زعمت أن بيونغ يانغ أرسلت قوات إلى روسيا، استفاضت بالقول إنهم جزء من قوة العمليات الخاصة التابعة لها، وهي أحد الفروع الخمسة لجيشها. حيث قال مسؤول كوري جنوبي إن هؤلاء الجنود متخصصون في العمليات الهجومية، ويتم تكليفهم بوحدات بأسماء مثل «العاصفة» و«البرق» و«الصاعقة» ويتم تدريبهم على القنص وشن هجمات خلف خطوط العدو.
ويشير التقرير إلى أن قوة العمليات الخاصة في كوريا الشمالية واحدة من أكبر القوات في العالم، حيث تضم 200 ألف جندي مجهزين ومدربين على أعلى مستوى من اللياقة والقوة.
ـ رابع أقوى الجيوش ـ
وتحتفظ كوريا الشمالية بـ 1.3 مليون جندي في الخدمة الفعلية كما أن لديها 7.6 مليون كجنود احتياطيين، وهو ما يعادل 30% من سكانها، ما يجعلها رابع أكبر جيش في العالم. وهي تعتمد على التجنيد للحفاظ على مستويات القوات العالية، ما يتطلب من الرجال الخدمة لمدة ثماني إلى عشر سنوات والنساء لمدة خمس سنوات. ولديها 4300 دبابة و8800 قطعة مدفعية و810 طائرات مقاتلة و70 غواصة، بحسب تقارير مخابراتية منسوبة لكوريا الجنوبية.
وبموجب سياسات «الجيش أولاً»، المتبعة هناك فإن القوات المسلحة في كوريا الشمالية تحصل على نصيب الأسد من الميزانية العامة. وتشير بعض التقديرات إلى أن الإنفاق العسكري السنوي يصل إلى ربع ناتجها المحلي الإجمالي. كما يدير الجيش شبكته الواسعة من المزارع والشركات التجارية وعمليات الصيد والتعدين.
ومع نهاية الحرب الباردة، أصبحت أنظمة الأسلحة التقليدية لدى كوريا الشمالية شبه متهالكة، وهو ما دفع زعيم البلاد كيم جونغ أون إلى إطلاق حملة تحديث وبناء ما يسمى بالقدرات غير المتكافئة، وتطوير الصواريخ النووية، فيما تشير سيؤول إلى امتلاكه 5000 طن من الأسلحة الكيميائية، وكذلك نحو 6800 من خبراء التكنولوجيا يمكنهم مهاجمة شبكات كمبيوتر العدو.
في الماضي، تسببت قوات كوماندوز النخبة الكورية الشمالية في إحداث الفوضى في كوريا الجنوبية. وفي عام 1968، اقتربوا من مقر إقامة رئيس كوريا الجنوبية لكن لم تتم عملية الاغتيال. وفي غارات كوماندوز أخرى، قتل بعض الجنود الكوريين الشماليين أنفسهم بدلاً من أن يقبض عليهم العدو. وقد تمكن عدد قليل منهم من العودة بأمان إلى الشمال على الرغم من أن كوريا الجنوبية حشدت فرق الجيش لملاحقتهم.
ـ تشابه مع الجيش الروسي ـ
ويشكل الجيش شريان حياة للكثيرين في كوريا الشمالية، ويعامل المسؤولون الخدمة كشرط أساسي للعضوية في الحزب الحاكم رمز المكانة الأسمى في البلاد.
ومثل الجيش الروسي، فإن الجيش الشعبي الكوري لديه هيكل قيادة صارم من أعلى إلى أسفل، لكن فترات الخدمة الطويلة تعني أن لديه العديد من الجنود ذوي الخبرة الذين يلعبون دوراً مشابهاً لدور ضباط الصف في الولايات المتحدة. ولعقود من الزمن، اتبعت كوريا الشمالية سياسة «الجيش أولاً»، معتمدة على قواتها المسلحة، باعتبارها الأداة الأكثر أهمية لحل مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وفي ظل ما يوليه من اهتمام بالجيش، فإن زعيم البلاد كيم جونغ اون كثيراً ما يظهر أثناء العروض العسكرية واختبارات الأسلحة الجديدة، فيما يرى خبراء أن القوة العسكرية تمثل له نفوذاً دبلوماسياً، ومن خلال ذلك أجبر الولايات المتحدة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات معه، حتى وإن توترت الأجواء في ظل إدارة جو بايدن.

ـ الحليف الثابت والروايات المتضاربةـ
وطوال فترة الحرب الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، ظلت كوريا الشمالية حليفاً ثابتاً لموسكو، وتمثل ذلك جلياً في توقيع اتفاقية الدفاع المشترك في يونيو/حزيران، والتي نصت على أن كلا البلدين سيساعدان بعضهما بعضاً في صد أي عدوان خارجي، وهو ما دفع الغرب لترجيح إرسال قوات إلى روسيا بالفعل وهو ما قاله وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وإن لم يكشف عن أماكن وجودهم وهل هم على جبهات القتال أم ماذا.
واقتصرت روايات وجود قوات كورية شمالية على جبهات القتال في أوكرانيا على تصريحات قادة أوكرانيين، إذ قال مسؤول عسكري يقاتل خارج بوكروفسك لصحيفة التلغراف إن كتيبته شاهدت أشخاصاً يبدو أنهم من شرق آسيا يتجولون، وأن هناك «عدداً كبيراً جداً» من الجنود على الجانب الروسي. بل استطرد بالقول إنهم «علقوا علم كوريا الشمالية إلى جوار العلم الروسي، ثم قال جندي من جبهة بوكروفسك: «وصلت برقية من الجيش الأوكراني تظهر الشارات المميزة الخاصة بقوات كوريا الشمالية».
وهذه الرواية تتناقض مع أقول مسؤولين آخرين، والذين زعموا أن الجنود التابعين لكوريا الشمالية يرتدون زي الجيش الروسي، وأن مشاركتهم تقتصر على عناصر من سلاح المهندسين، وهو ما يوضح التضارب وعدم الوصول إلى معلومات ذات مصداقية، في ظل عدم التأكيد الرسمي الروسي أو الكوري الشمالي.
كما لم تؤكد كييف بعد احتمال وجود جنود كوريين شماليين في أوكرانيا، لدرجة أن جنوداً من أوكرانيا شككوا في الصورة المتداولة للعلم، واعتبروا أنها غير حقيقية على الإطلاق. وقال أحد رجال الإطفاء الأوكرانيين إنه لم ير الأخبار المتعلقة بالجنود الكوريين الشماليين إلا من خلال شبكات الرسائل، لكنه صدقها.
وبحسب الرواية الأمريكية، يوجد ثلاثة آلاف جندي كوري شمالي في روسيا في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يرتفع عددهم إلى عشرة آلاف بحلول ديسمبر/كانون الأول، دون تقديم دليل أكيد على ذلك. ومن غير المؤكد على وجه التحديد كيف يمكن لجنود بيونغ يانغ مساعدة روسيا.
ويقول الدكتور إدوارد هاول، الخبير في شؤون كوريا الشمالية في جامعة أكسفورد: «إن مجرد وجود الجنود الكوريين الشماليين، فإن مشاركتهم لا تساعد فقط روسيا، لكنها توضح كيف أن هذا التحالف لن يختفي في أي وقت قريب».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق