إعداد: محمد كمال
كان من المتوقع على نطاق واسع أن يعيد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أحد كبار مسؤولي الهجرة في إدارته السابقة توم هومان لتولي مسؤولية الوكالة المكلفة بالإشراف على حدود الولايات المتحدة، وذلك لعدة أسباب من بينها توافق رؤية الرجلين حول ضرورة ترحيل الملايين، وكانت حجر الزاوية في الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري، كما يُشتهر هومان بعدم تسامحه مطلقا في هذا الملف، حيث أرسل رسالة قبل أشهر للمخالفين قائلاً: «احزموا حقائبكم من الآن».
ولم يكن غريباً استخدام ترامب نفس التعبير «قيصر الهجرة» الذي وصف به هومان عام 2019، عندما ضمه لإدارته في البيت الأبيض، حيث قال إنه سيعيد القائم بأعمال مدير وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك السابق، لتولي مسؤولية الهجرة، ثم قال إنه، المسؤول عن حدود الولايات المتحدة وأمنها البحري والجوي، فضلاً عن إشرافه على عمليات ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين. وقال ترامب: «لقد عرفت توم منذ فترة طويلة، وليس هناك من هو أفضل منه في حفظ الأمن والسيطرة على حدودنا».
اقرأ المزيد:
ـ خطة الترحيل الجماعي ـ
وفي ظل حالة الضبابية حول الحملة المتوقعة على المهاجرين في الولايات المتحدة، أو ما ستعنيه رئاسة هومان بالنسبة للمهاجرين، فإن تساؤلات ملحة تدور حول ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستنفذ مداهمات واسعة النطاق لمواقع العمل يمكن أن تؤدي إلى اعتقال العمال غير المصرح لهم، فقد قال هومان في تصريحات تلفزيونية حيث عمل لفترة محللاً بخصوص الهجرة لشبكة فوكس نيوز، إن مثل هذه الغارات، التي لم يتم تنفيذها في عهد الرئيس جو بايدن، ستستأنف في ظل الإدارة الجديدة.
ويتمسك هومان بالتأييد القوي لخطط الترحيل الجماعي التي وضعها ترامب، والتي من المرجح أن تتطلب تعبئة عملاء إدارة الهجرة والجمارك ومكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة مكافحة المخدرات، جنباً إلى جنب مع المدعين الفيدراليين والحرس الوطني وضباط إنفاذ القانون على مستوى الولاية والمحلية. وتعهد هومان في يوليو/تموز بترحيل المخالفين دون تصريح، وحذر من أن ترامب سيصنف العصابات المكسيكية على أنها «منظمة إرهابية» لدورها في تهريب الفنتانيل عبر الحدود.
ويشتهر بتمسكه بالدعوة إلى تنفيذ أكثر صرامة ومهاجمة سياسات «مدينة الملاذ الآمن». وفي مرحلة ما، قال للكونغرس إن المهاجرين غير الشرعيين «يجب أن يشعروا بالخوف».
وبعد الجدل الذي أثاره هومان خلال إدارة ترامب الأولى، واتهامه بتطبيق سياسات «الفصل العائلي»، بترحيل بعض أفراد الأسر دون غيرهم، فقد دافع في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، عن خطط الترحيل الجماعي لترامب، قائلاً: «ستكون عملية مخططة وموجهة جيداً، يقودها رجال ونساء إدارة الهجرة والجمارك.. نعرف من نبحث عنهم وعلى الأرجح أين سيكونون، وسيتم ذلك بطريقة إنسانية». ورفض هومان أيضاً الاقتراحات القائلة بأن الجيش سيتم استخدامه لمثل هذه العمليات، ثم أكد أن «وكالة الهجرة والجمارك لديها أعلى معايير الاحتجاز، وسيتم الاعتناء بهؤلاء الأشخاص جيداً».
ـ لا تسامح ـ
ويعتبر هومان أحد المهندسين الرئيسيين لسياسة «عدم التسامح مطلقاً» مع الانفصال الأسري التي اتبعتها إدارة ترامب الأولى. وبحسب تقرير لمجلة أتلانتيك عام 2022، كان هومان من أوائل المسؤولين الحكوميين الذين طرحوا فكرة محاكمة المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني مع أطفالهم وفصلهم.
وتم رفض الخطة في البداية لكونها «قاسية وغير عملية»، ولكن تم اعتمادها لاحقاً، مما أدى إلى انفصال ما لا يقل عن 5000 عائلة. وفي حديثه في المؤتمر الوطني المحافظ في يوليو/تموز، قال هومان إنه إذا عاد ترامب إلى منصبه، «سأتبعه عندما يعود، وسأدير أكبر قوة ترحيل شهدتها هذه البلاد على الإطلاق.. لم يروا أي شيء بعد. انتظر حتى عام 2025».
ويقول هومان الذي يرتبط اسمه بمشروع 2025 المثير للجدل: إنه «من الممكن ترحيل العائلات معاً»، كما أضاف أنه «لن يكون هناك اجتياح جماعي للأحياء. لن يتم بناء معسكرات الاعتقال». ثم أضاف خلال المؤتمر العام للحزب الجمهوري: «لقد أرسلت رسالة إلى ملايين الأجانب غير الشرعيين الذين أطلقهم جو بايدن في بلادنا في انتهاك للقانون الفيدرالي، ومفادها: من الأفضل أن تبدأوا بحزم أمتعتكم الآن».
ـ من هو هومان؟
وهومان، البالغ من العمر 62 عاماً، وهو ضابط من نيويورك، عمل تقريباً في كل وظيفة في إدارة الهجرة والجمارك، بدءاً من وكيل حرس الحدود، والمحقق، والمشرف، حتى المدير التنفيذي المساعد لعمليات الإنفاذ والإزالة، وقد انضم إلى الوكالة في عام 1989، ثم انتقل في عام 2013 إلى واشنطن لتولي أعلى منصب تنفيذي في الوكالة.
وعمل هومان كمدير بالنيابة لإدارة الهجرة والجمارك، خلال الأشهر الـ18 الأولى من إدارة ترامب السابقة، لكنه تقاعد بسبب الإحباط عندما فشل البيت الأبيض في دفع ترشيحه نحو تأكيد مجلس الشيوخ. وأصبح هومان بعد ذلك محللًا لقناة فوكس نيوز في قضايا الهجرة والحدود، حيث كان معروفاً بأسلوب حديثه الصريح وحماسه لمحاولات ترامب فرض إجراءات حدودية أكثر صرامة.
وخلال إدارة ترامب الأولى وضع هومان استراتيجية لـ 8000 ضابط على الخطوط الأمامية الحدودية لمواجهة الهجرة، وكان ذلك بعد سنوات من حصوله على أعلى جائزة حكومية للخدمة المدنية، والتي تُمنح للقادة الفيدراليين الذين يحقق عملهم نتائج «استثنائية».
ووفقاً لرؤسائه في وزارة الأمن الداخلي آنذاك، لم ينجح هومان فقط في التعامل مع موجة هجرة العائلات التي تدفقت من أمريكا الوسطى عبر الحدود الجنوبية الغربية، ولكن عملياته في طرد المهاجرين غير الشرعيين الذين لديهم سجلات جنائية سجلت أرقاماً قياسية.
وفي عام 2015 قبل تكريمه، قال هومان إن الأشخاص الذين تم ترحيلهم قد استنفدوا حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة للبقاء في الولايات المتحدة «وقد قضوا يومهم بالفعل في المحكمة». وقال إن أي شخص في حالة صحية سيئة لن يتم طرده تلقائياً.
وأدار هومان عمليات الترحيل بمساعدة نظام بصمات الأصابع الموسع الذي تتقاسمه أقسام الشرطة المحلية مع سلطات الهجرة. وتعهد ترامب بطرد المهاجرين غير الشرعيين وبناء جدار على طول الولايات المتحدة عند الحدود مع المكسيك، ويقول إنه سيرحل نحو11 مليون شخص غير مسموح لهم بالتواجد في الولايات المتحدة.
وكان ضابط الشرطة السابق وعميل حرس الحدود معروفاً بتفانيه الشديد، خاصة عند الرد على الادعاءات بأن عملاء الوكالة تصرفوا بعدوانية شديدة، وكثيراً ما أشاد هومان بترامب لأنه «فك الأغلال» عن إدارة الهجرة والجمارك من خلال منح العملاء حرية القيام بمجموعة واسعة من اعتقالات المهاجرين في الولايات المتحدة.
0 تعليق