سيناريو «الرعب والصدمة».. الكشف عن خطط ترامب لترحيل 20 مليون مهاجر - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
في اليوم التالي لعودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي والمقرر في العشرين من يناير/ كانون الثاني، فإنه سيشرع في تنفيذ خطة غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي، والمتمثلة في ترحيل ما يصل إلى 20 مليون مهاجر بكلفة قد تتجاوز تريليون دولار في حال تنفيذها كاملة، وفقاً لخبراء، في الوقت الذي كشف مقربون منه بعضاً من ضبابية الطريقة التي سيحقق بها تعهده خلال الحملة الانتخابية، والذي وصفه بـ«سيناريو الرعب والصدمة»، بينما يعد المؤشر الأبرز على مدى نجاح ولاية ترامب الثانية.
ووفق أجندة ترامب الانتخابية، فإن هذا الملف يمثل البداية الرسمية لولايته الثانية في منصب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بينما يقول مراقبون: إنه يجري الإعداد له بعناية، قبل أن تهز مشاهده العالم أجمع، حيث من المقرر أن يطلق ترامب من خلف مكتبه البيضاوي ما يسميه «أكبر عملية ترحيل جماعي في التاريخ الأمريكي».
مقربون من ترامب، كشفوا لصحيفة «ذا ميل أون صنداي» أن خططه المتعلقة بالهجرة كانت على رأس القائمة في المناقشات التي جرت في منزله في مارالاغو بفلوريدا، في الأيام التي تلت فوزه الساحق بالانتخابات الرئاسية على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وأكد أحد المحامين المطلعين على المحادثات: «أن ترامب يستعد لسلسلة من التحركات ضد المهاجرين غير الشرعيين، والتي يقول، إنها ستسبب الصدمة والرعب».
ـ سلسة أوامر عاجلة ـ
ويضيف المحامي أن طرد المهاجرين غير الشرعيين كان الدعامة الأساسية لترشحه للبيت الأبيض، وهو يعلم أن الناس يتوقعون اتخاذ إجراء في اليوم الأول، مؤكداً أنهم «سوف يحصلون عليه». ويزعم المصدر أن ترامب سيوقع على الفور سلسلة من الأوامر التنفيذية، وأكثرها تطرفاً سيكون إغلاق الحدود. ونظراً لأزمة الهجرة، فإنه سيغلق الحدود الجنوبية مؤقتاً لمنح المسؤولين فرصة لإنهاء العدد الهائل من القضايا المتراكمة.
ويقول ترامب: إن إدارة جو بايدن سمحت لأكثر من 10 ملايين شخص بالدخول بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة، ليصل إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى نحو 20 مليوناً، في حين قال مراقبون: إن هناك خططاً لزيادة عدد الضباط المسلحين الذين يمتطون الخيول ويقومون بدوريات في التضاريس الوعرة بالقرب من حدود الولايات المتحدة مع المكسيك.
وبطبيعة الحال، سوف يُستأنف بناء الجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك، والذي كان حجر زاوية في سياسة الهجرة التي انتهجها ترامب خلال فترة ولايته الأولى. وبعد إطالة الجدار إلى نحو 700 ميل (من الحدود التي تبلغ نحو2000 ميل)، توقف العمل فجأة عندما وصل بايدن إلى السلطة. وتعهد ترامب بإكمال المهمة التي تبلغ قيمتها 8 مليارات دولار من خلال دعوة الشركات إلى المساهمة في المشروع.
ـ خطوات الترحيل الجماعي ـ
وتنطلق «الخطوة الأولى» من برنامج الترحيل عبر استهداف المهاجرين غير الشرعيين الذين لهم علاقات بالعصابات الإجرامية. ويطلق على هذه العملية اسم «عملية أورورا»، نسبة إلى المدينة الموجودة في ولاية كولورادو، وسط اتهامات لأعضاء عصابة الشوارع الفنزويلية القاسية «ترين دي أراغوا» بتحويل المجمعات السكنية إلى قواعد لتجارة المخدرات والدعارة.
كما يخطط ترامب لتفعيل قانون «الأعداء الأجانب» لعام 1798، والذي يمنح الرؤساء سلطة احتجاز وترحيل غير المواطنين من «الدول المعادية» في أوقات الحرب والصراع. وقد تم استخدام القانون لتبرير بناء معسكرات الاعتقال اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية.
ووفقاً لأولئك المطلعين على خطط ترامب، فإنه سيستهدف 700 ألف من الفنزويليين والهايتيين والكوبيين والنيكاراغويين الذين وصفهم بأنهم «مجرمون أشرار من دول تكرهنا»، والذين سُمح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة بموجب برنامج بايدن للإفراج المشروط.
ـ ماذا لو رفضت دولهم استقبالهم؟
ويرجح مراقبون أن ترفض بعض الدول استقبال أعضاء العصابات العنيفة، وهو ما قد يقابله ترامب بقطع المساعدات عن هذه الدول، ومنع المسافرين من تلك الدول من دخول الولايات المتحدة، حتى بتأشيرات سياحية.
ـ خطوتان إضافيتان ـ
وتتمثل الخطوة الثانية، في طرد أكثر من مليون شخص الذين تم رفض طلباتهم بالبقاء في الولايات المتحدة، المدرجين على قائمة الترحيل. ثم ستبدأ عملية اعتقال ملايين المهاجرين غير الشرعيين المتبقين كجزء من «الخطوة الثالثة».
ويقول مطلعون، إنه سوف تخضع أماكن العمل، بما في ذلك المزارع والمصانع، إلى الحملات الأمنية (غارات) من خلال عناصر تنفيذ القانون، وهو أمر يواجه انتقادات من قبل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، بل ويصفه بتصرف «غير دستوري»، حيث سيتم نقل الأفراد إلى «مراكز الاحتجاز» قبل تسريع عملية ترحيلهم.
ـ تريليون دولار ـ
ويقول الخبراء: إن كلفة الخطوتين الأوليين يمكن أن تصل إلى 300 مليار دولار، في الوقت الذي قالوا: إن كلفة طرد كل أجنبي غير شرعي في الولايات المتحدة، وهو أمر يعترف حتى ترامب سراً بأنه مستحيل، يمكن أن تصل إلى تريليون دولار.
وتدرك وزارة الدفاع الأمريكية أن ترامب يفكر في نشر الجيش والحرس الوطني لبناء «مدن الخيام» على الأراضي الفيدرالية غير المستخدمة، بما في ذلك الممتلكات التابعة للمدارس والسجون. ومن المحتمل أن يعيد تقديم قانون «البقاء في المكسيك»، والذي من شأنه أن يجبر المهاجرين المحتملين، وأغلبهم من أمريكا الوسطى والجنوبية وكذلك الصين وأوروبا الشرقية، على البقاء على الجانب الجنوبي من الحدود أثناء معالجة طلبات الحصول على التأشيرة.
ويؤكد رونالد فيتيللو الذي شغل منصب مدير إدارة الهجرة والجمارك (ICE) خلال فترة ولاية ترامب الأولى، أن ترامب لم يكن ليفكر في طرد 20 مليون شخص إذا لم يسمح لهم الديمقراطيون بالدخول الجماعي، ويضيف: «إنها مهزلة أننا في هذا الوضع وكان من الممكن منعه أصلا».
ويضيف فيتيللو: «إن تطبيق القانون أمر صعب ومكلف ومحفوف بالمخاطر بالنسبة إلى العاملين في الخطوط الأمامية، ولكنه ضروري للغاية، ويستطر بالقول: «سيتعين على الإدارة العثور على الأشخاص المتخفين، والتخطيط للاعتقال والاحتجاز الآمن، وإيجاد مكان لهم للبقاء فيه، وإجراء الإجراءات القانونية الواجبة في المحكمة، والخدمات اللوجستية لإعادتهم إلى بلادهم».
ـ كيفية تنفيذ الخطة ـ
ويشير المقربون من ترامب كذلك إلى أنه يخطط لدمج إدارة الهجرة ICE مع هيئة الجمارك وحماية الحدود Border Patrol، في كيان واحد يضم نحو 88000 عنصر، كما سيطلق ملايين الدولارات من التمويل المركزي لإضافة 40000 عميل جديد و8000 قاض إضافي في محكمة الهجرة لتسريع عمليات الطرد. ويردد مطلعون أن إيرا ميلمان، من اتحاد إصلاح الهجرة الأمريكية، يقدم المشورة لإدارة ترامب القادمة في هذا الشأن.
وقال ميلمان: إن هناك «نحو647 ألف شخص لديهم سجلات إجرامية سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة. ومن بين هؤلاء، 435 ألف مدان، ضمنهم 13 ألف متهم بالقتل، وبالتالي فإن أحداً لن يفتقدهم في الولايات المتحدة إذا تم طردهم إلى بلادهم».
ويشير أحد مصادر إنفاذ القانون إلى أن: «الأمر أشبه بالعثور على أي مجرم.. أنت تستهدف منازلهم، والأشخاص الذين يدعمونهم مالياً. وأن هؤلاء المتهمين ليسوا علماء. وإذا ضغطت على عائلاتهم للتخلي عنهم والإبلاغ عنهم، ستنجح تسع مرات من أصل عشر».
ودافع ميلمان عن المداهمات على الشركات قائلاً: «إن الحكومة الأمريكية ستلاحق أصحاب العمل الذين يستأجرون مهاجرين غير شرعيين»، ويقول: إن هؤلاء لديهم «تراخيص تجارية وأصول. تذهب إلى هناك، وتقبض على أصحاب العمل لانتهاكهم القوانين، وترسل رسالة واضحة جداً»، حيث قد يدفع ذلك منافسيهم إلى القول: «لا نريد المخاطرة.. وسيتوقفون عن توظيف المهاجرين غير الشرعيين».
ـ تمزيق العائلات ـ
تأتي معضلة أن العديد من هؤلاء المهاجرين كونوا أسراً بالفعل في الولايات المتحدة، ومن ثم فإن صور العائلات الممزقة، والأطفال الذين يتم انتزاعهم من أذرع والديهم، يمكن أن تأتي بنتائج عكسية على ترامب. لكن أحد المقربين من ترامب يقول للصحيفة: «ما عليك أن تتذكره هو أن الرئيس الأسبق باراك أوباما قام بترحيل خمسة ملايين شخص، ولا أحد يتحدث عن ذلك لأنه ديمقراطي».
ويشير إلى أنه في عهد أوباما تم بناء السياج المثير للجدل - أو الأقفاص - في مراكز احتجاز الترحيل لأول مرة. ويضيف: «ترامب لديه فريق محترف من حوله.. لقد كانوا يعملون على خطة الهجرة هذه لسنوات. والأهم من ذلك أن ترامب «يتمتع بتفويض الشعب».
ويصر فريق ترامب على أن الرئيس المنتخب ليس ضد الهجرة، لافتاً إلى أنه متزوج من ميلانيا ذات الأصول السلوفينية، كما أن زوجته الأولى إيفانا ولدت فيما كان يعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا؛ في الوقت الذي ينحدر أحد أكثر الداعمين قرباً منه وهو الملياردير إيلون ماسك، من جنوب إفريقيا. ويقول: «إنه يريد أن يجعل الحلم الأمريكي قابلاً للتحقيق مرة أخرى، ولكن فقط للأشخاص الذين لديهم الحق القانوني».
ـ خطة رواندا ـ
وبحسب المحللين، فإن خطط ترامب تشبه خطة ترحيل الروانديين من بريطانيا التي تم التخلي عنها من قبل رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك، والتي بموجبها يتم نقل المهاجرين الذين عبروا القناة بشكل غير قانوني إلى رواندا لطلب اللجوء هناك بدلاً من ذلك. وقال مصدر: «ترامب ليس وحشاً. وهو يدرك أن العديد من طالبي اللجوء قد يواجهون الموت إذا اضطروا للعودة إلى بلدهم الأصلي. ستكون هناك دول ثالثة آمنة تؤوي هؤلاء الأشخاص مقابل كلفة معينة على دافعي الضرائب الأمريكيين. لكنهم سيكونون الاستثناء وليس القاعدة».
ويقول ألفونسو أجيلار، المسؤول السابق في عهد جورج دبليو بوش: «التحدي الأكبر سيكون إيصال سياسة الهجرة إلى الشعب الأمريكي قبل أن يصرخ الديمقراطيون بأنها أزمة إنسانية أو قاسية»، لافتاً إلى أن إدارة ترامب ستحتاج إلى إظهار أن هذه عملية عادلة. في الوقت الذي قام اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بحشد فريق من المحامين لمحاربة عمليات الترحيل، بينما قال حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم: إن المحامين العامين سيكونون متاحين لجميع المهاجرين غير الشرعيين «لضمان حصولهم على محاكمة عادلة».
ـ الترحيل الآن والتساؤل لاحقاً ـ
لكن ترامب سيحاول تجاوز قوانين حقوق الإنسان القائمة وتقديم تشريع «الترحيل الآن، وطرح الأسئلة لاحقاً»، وهو لديه الأعداد اللازمة للقيام بذلك نظراً لسيطرة حزبه الجمهوري على مجلسي الشيوخ والنواب. وعلاوة على ذلك، ستنتهي الطعون القانونية في نهاية المطاف أمام المحكمة العليا.
ويخشى الكثيرون أن تؤدي خطط ترامب إلى إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الأمريكي، وغالباً ما يستشهدون بمثال فلوريدا، حيث أصدر حاكمها رون ديسانتيس أكثر أوامر مكافحة الهجرة غير الشرعية صرامة في البلاد قبل 18 شهراً. وراهناً يشكو البعض في الولاية من عدم وجود العدد الكافي من العمال لقطف البرتقال الذي تشتهر به فلوريدا، في حين يقول أصحاب الأعمال الصغيرة، إنهم مجبرون على إغلاق أبوابهم لأن الأمريكيين لا يريدون القيام بوظائف صغيرة.
ويقول أحد أصحاب المطاعم: «من الصعب العثور على أشخاص لغسل الأطباق. الطلاب الأمريكيون لا يريدون القيام بذلك. وإذا تخلص ترامب من جميع من يقومون بمثل هذه المهام، فمن الذي سيقوم بها؟»، لكن أحد محاميي ترامب يقول: «قد يكون هناك نقص في البداية، وبعض الثغرات في النظام، لكن معظم المهاجرين غير الشرعيين يأتون إلى هنا لأنهم يريدون العمل، ويريدون خلق حياة أفضل لعائلاتهم. كل ما نقوله هو: افعل ذلك بشكل صحيح».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق