«الروبوتات القاتلة».. أوكرانيا تحارب من خلف شاشات الكمبيوتر - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال

خطوات متسارعة في صراع الحرب الذكية التي تدور رحاها في إطار المعارك الطاحنة بين روسيا وأكرانيا، حيث يتوقع مراقبون عسكريون أن تملأ «الروبوتات القاتلة» أجواء كافة جبهات المواجهات، إذا لم ينجح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في إقرار السلام بينهما، كما تعهد خلال حملته الانتخابية.
وتسابق الشركات الناشئة في كييف الزمن، لإنتاج مزيد من تلك الطائرات رخيصة الثمن، ذاتية القيادة، والتي يتم التحكم فيها حالياً من خلف أجهزة كمبيوتر ولا تحتاج إلى مشغلين على الأرض، وهو ما يدفع موسكو إلى تطوير دفاعها الإلكتروني للتغلب عليها.
وأمام التفوق الروسي في العدد والعتاد، لم تجد أوكرانيا حيلة إلا اللجوء لهجمات المسيرات، وقد ظهر مؤخراً مقطع فيديو على الخطوط الأمامية، عندما اختار ملاح أوكراني هدفاً روسياً، عن طريق النقر عليه على شاشة كمبيوتر لوحي باستخدام قلم، ومن ثم انطلقت مسيرة لتنقض عليه على بعد مئات من الأمتار، فيما يرى خبراء عسكريون أن مثل هذه الضربات تمثل تقدماً كبيراً في محاولات كييف لاستخدام أجهزة الكمبيوتر لمساعدتها في قتال الجيش الروسي الضخم.
وعلى الجانب الآخر كذلك، أعلنت روسيا أنها تستخدم مسيرات موجهة بالكمبيوتر لضرب أهداف. إضافة إلى ذلك، ظهرت العديد من مقاطع الفيديو على الإنترنت لمسيرات روسية متفجرة موجهة عن طريق الألياف الضوئية، ما يجنبها التشويش الإلكتروني الدفاعي.
ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد تم التحكم في الطائرة بدون طيار التي نفذت الهجوم بواسطة كمبيوتر صغير على متن الطائرة، صممته شركة Auterion ومقرها الولايات المتحدة. كما نجحت شركات أخرى والعديد منها أوكرانية، في اختبار أنظمة طيار آلي مماثلة في ساحة المعركة.
ـ النقلة النوعية ـ
ويلوح في الأفق إنجاز أكبر، عبارة عن إنتاج طائرات بدون طيار آلية بكميات كبيرة. في خطوة مهمة لم يتم الكشف عنها سابقاً، حيث تكشف تقارير أن موردي الطائرات بدون طيار في أوكرانيا تعمل على زيادة الإنتاج في نطاق صناعي كبير وليس فقط النماذج الأولية.
وبحسب خبراء التكنولوجيا فإن التحدي يعتمد على الدمج الناجح لأجهزة الكمبيوتر والمسيرات الرخيصة في أنظمة متطورة، لم تكن موجودة في السابق إلا في المعدات الأكثر كلفة بكثير، حيث يؤكد لورينز ماير، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Auterion أنه «لا شيء من هذا جديد.. الفرق يتمثل في السعر»، في وقت يتم الحديث عن كمبيوتر لوحي لا تزيد كلفته عن 50 دولاراً.

ومن المقرر أن تتسلم كييف عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر المصغرة من شركة Auterion، والمعروفة باسم Skynode، والتي من المفترض أن تصل إلى ساحة المعركة في أوائل العام المقبل. وقالت شركة Vyriy Drone، وهي شركة أوكرانية ناشئة رائدة في مجال الطائرات بدون طيار، إنها ستنتج عدة آلاف من مسيرات الطيار الآلي ابتداءً من هذا الشهر. وتعمل شركات أخرى أيضاً على تكثيف الإنتاج.
وتعتمد أوكرانيا على التكنولوجيا لصد موجات الدبابات والمشاة الروسية، حيث يعد استخدام الطائرات بدون طيار التي يتم التحكم فيها عن طريق الكمبيوتر أمراً واعداً بشكل خاص لأنه يقلل من عدد الأشخاص اللازمين لتنفيذ المهام بدءاً من تحديد الأهداف وحتى ضربها. كما أنها توفر بديلاً رخيصاً للصواريخ وقذائف المدفعية الأكثر كلفة والتي يمكن أن تلجأ إليها أوكرانيا إذا أوقفت إدارة ترامب التمويل.
ـ التشويش ـ
ويقول صموئيل بينديت، كبير الباحثين في برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن «التكنولوجيا انتقلت بالفعل من المفهوم النظري إلى ساحة المعركة، ولكن السؤال هو، هل ستكون موجودة بأعداد كبيرة وقوة واضحة لإحداث تأثير في سير المعارك؟»
ويقول خبراء عسكريون إن هذه التطورات قد تصل إلى أن يتمكن طيار واحد من السيطرة على سرب من عدة مسيرات يمكنها الطيران وتنسيق نفسها إلى حد كبير. حيث تتعاون شركة Auterion مع شركة Swarmer الأوكرانية الناشئة لجلب أسراب مستقلة إلى خط المواجهة.
ورغم استخدام أوكرانيا الذكي وتكييفها للطائرات بدون طيار لأغراض الاستطلاع والضربات منحها ميزة منذ بداية الحرب، ولكن أفضلية روسيا تمكن في قدرتها على زيادة الإنتاج، بالنظر إلى اقتصادها القوي.
وبينما تعمل الشركات الناشئة في أوكرانيا، تحت تهديد الهجوم داخل مصانع بحجم المرأب وورش عمل محولة بإمكانات أقل، وبمساعدات حكومية ضئيلة، فإن الجانب الروسي لديه مصانع متقدمة ودعم حكومي قوي كما يعمل بعيداً عن الهجمات ما يعني قدرات أعلى.
ـ الدفاعات الروسية ـ
روسيا عملت خلال الأشهر الماضية على التصدي للطائرات بدون طيار الأوكرانية في المقام الأول باستخدام معدات الحرب الإلكترونية التي يمكنها إسقاطها عن طريق حجب الإشارة بين وحدة التحكم والمركبة. وهذا يعني أنه، وفق مراقبين أنه اعتماد على مهارة الطيار، فإن واحدة فقط من كل خمس مسيرات قد تصيب أهدافها.
لكن تقنية الطيار الآلي قد تتغلب على هذا الإجراء المضاد من خلال دمج نظام التحكم في الطائرة بدون طيار عبر برنامج يتم تحميله على كمبيوتر صغير رخيص الثمن، وهو ما قد يمكنها من الإفلات من التشويش، وقد استخدمت الصواريخ باهظة الثمن هذه التكنولوجيا، المعروفة باسم التوجيه النهائي، منذ السبعينات. وتعمل الشركات، بما في ذلك Auterion وVyriy، على جعلها صغيرة الحجم ورخيصة الثمن وذكية، وقادرة حتى على تتبع الأهداف المتحركة وضربها.
وفي البداية تمكنت المسيرات ذاتية القيادة الأوكرانية من تحقيق نجاح كبير، لكن الدفاعات الروسية تمكنت لاحقاً من استخدام التشويش الإلكتروني لقطع إشارة الفيديو التناظرية المستخدمة لتوجيه المسيرة. وهو ما خلق تحدياً آخر أمام شركة Vyriy التي سعت إلى التغلب على المشكلة من خلال تمكين بث الفيديو من التنقل بين الترددات، وكذلك من خلال تطوير رابط فيديو رقمي. وتسعى الشركة إلى إبقاء الكلفة أقل من 50 دولاراً.
وتعد شركة Auterion، ومقرها فرجينيا، والتي زودت وزارة الدفاع والوكالات الفيدرالية الأخرى في الولايات المتحدة بمجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار لعدة سنوات، جزءاً من جهود البنتاغون لتطوير مسيرات يمكنها تجنب التشويش الإلكتروني. وبالنسبة لأوكرانيا، فهي تنتج فقط Skynode، وهو كمبيوتر مصمم خصيصاً بحجم قبضة صغيرة.
ويدمج Skynode مجموعة من الوظائف، بما في ذلك التوجيه والاستهداف والشبكات، وكل ذلك باستخدام اتصالات رقمية بالكامل تزيد من تعقيد القرصنة أو التشويش. ويقارن خبراء التكنولوجيا ذلك بكيفية دمج الهواتف الذكية للمهام التي كانت تعالج في السابق بشكل منفصل عن طريق الهواتف المحمولة والكاميرات الرقمية ووحدات الملاحة عبر الأقمار الصناعية. كما تعادل كلفة Skynode، ثمن هاتف ذكي يعمل بنظام Android، ويحل محل الكمبيوتر في أي طائرة بدون طيار تقريباً.

أخبار ذات صلة

0 تعليق