بعد موافقة بايدن.. مخاطر وتداعيات استهداف روسيا بصواريخ أتاكامز الأمريكية - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
قبل شهرين من نهاية فترة رئاسته، سمح الرئيس جو بايدن لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى في ضرب الأراضي الروسية، ما يعد تحولاً كبيراً في مواقف واشنطن بشأن الصراع، الذي يتوقع أن يشهد منعطفات أخرى مع قدوم دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بينما كشفت مصادر أن كييف تستعد لشن ضربة صاروخية، وهو ما ينذر بتداعيات أكثر خطورة، وتلويح بإشعال فتيل «حرب عالمية ثالثة»، ولكن هل يمكن لهذه الصواريخ تغيير سير المعارك؟
القرار الجديد الذي كشف عنه مسؤولون أمريكيون، لصحيفة نيويورك تايمز، سمحت من خلاله إدارة بايدن لأوكرانيا، للمرة الأولى، باستخدام الصواريخ الباليستية التي زودتها بها الولايات المتحدة لشن هجمات داخل روسيا، حسبما يقول مسؤولون أمريكيون. في إشارة إلى أنظمة الصواريخ التكتيكية «أتاكامز» ATACMS. ومن المرجح أن يتم استخدامها في البداية في منطقة كورسك غربي روسيا، وفقاً لمسؤولين أمريكيين.
ومنذ شهور يضغط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الولايات المتحدة للحصول على التفويض الذي يأتي في الأشهر الأخيرة لإدارة بايدن، بينما قال ترامب إنه سيسعى إلى إنهاء سريع للحرب في أوكرانيا. لكن استخدام هذه الصواريخ سيعقد فرص السلام؛ بل وسيؤدي إلى عواقب قد تطال دول حلف شمال الأطلسي ويوسع رقعة الصراع، وهو ما حذرت منه روسيا بالفعل، والتي اتهمت بايدن بالمخاطرة بإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة.
ماذا تفعل هذه الصواريخ؟
وصواريخ «أتاكامز» ATACMS، التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن، هي صواريخ باليستية قصيرة المدى يمكنها ضرب أهداف على بعد 300 كيلومتر، برأس حربي يحتوي على حوالي 375 رطلاً من المتفجرات. وتطير الصواريخ الباليستية في الغلاف الجوي على ارتفاع أعلى بكثير من صواريخ المدفعية،  وتعود إلى الأرض بسرعة عالية بسبب قوة الجاذبية.
ووفق شركة «لوكهيد مارتن»، فإن هذا النظام الصاروخي مصمم لاستهداف مواقع بدقة متناهية، ما يجعله مثالياً للضربات الاستراتيجية، كما يمكنه حمل أنواع متعددة من الرؤوس الحربية، بما في ذلك الذخائر العنقودية أو رؤوس الصواريخ تقليدية، ويتيح تنفيذ ضربات من مواقع بعيدة نسبياً عن ميدان القتال. ويمكن إطلاقها من قاذفات HIMARS المتنقلة التي منحتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، وكذلك من قاذفات M270 المرسلة من بريطانيا وألمانيا.
وغالباً ما يُشار إلى نظام ATACMS باسم «الصواريخ بعيدة المدى»، ويمكنها الوصول إلى مسافة أبعد في روسيا من أي صاروخ أوكراني آخر، لكنها لا تستطيع الوصول إلى نفس مسافة صواريخ كروز أو الصواريخ الباليستية عابرة القارات. وتم تطوير صاروخ ATACMS في الثمانينات لتدمير أهداف سوفييتية عالية القيمة في عمق خطوط العدو. وقد تم تصنيعه بصفته سلاحاً موجهاً نادراً في وقت كانت الولايات المتحدة تعتمد فيه بشكل أساسي على غير الموجهة. ويمتلك البنتاغون راهناً نسختين من نظام ATACMS في مخزونه، إحداها سلاح عنقودي وآخر يحمل شحنة متفجرة واحدة.
وأعطت بريطانيا وفرنسا الأوكرانيين عدداً محدوداً من صواريخ Storm Shadow وSCALP، التي يبلغ مداها حوالي 155 ميلاً، أي أقل من نظام الصواريخ الأمريكي. وبينما أعرب القادة البريطانيون والفرنسيون عن دعمهم لطلب زيلينسكي، إلا أنهم كانوا مترددين في السماح باستخدام صواريخهم على الأراضي الروسية ما لم يوافق بايدن أولاً على استخدام نظام ATACMS.

لماذا انتظرت الولايات المتحدة؟
كان القرار بشأن تسليح أوكرانيا بأنظمة ATACMS موضوعاً حساساً منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022. حيث طلب وقتها زيلينسكي بتوفير أسلحة يمكن أن تضرب بشكل أعمق المناطق التي تسيطر عليها موسكو، وفي نهاية المطاف تصل إلى عمق الأراضي الروسية نفسها. وزودت واشنطن كييف بهذه الأنظمة العام الماضي، لكن إدارة بايدن امتنعت عن منح التفويض باستخدامها عبر الحدود إلى روسيا.
ويشعر البيت الأبيض بالقلق من أنه إذا استخدمت أوكرانيا الصاروخ لضرب أهداف في عمق روسيا، فقد يرد الرئيس فلاديمير بوتين بالتصعيد. وقال بايدن نفسه تعليقاً على عدم منح التفويض في وقت سابق: «نحاول تجنب الحرب العالمية الثالثة». كما عارض بعض مسؤولي البنتاغون إعطاء هذه الصواريخ للأوكرانيين بسبب محدودية الإمدادات.
ويقول زيلينسكي إن هذا النوع من الأسلحة أمر بالغ الأهمية لقدرة بلاده على شن هجوم مضاد أوسع، وأصر على أنه ليس لديه أي خطط لضرب المدن الروسية أو استهداف المدنيين. وقد أشار في خطاب إلى أن القيود الأمريكية قد تم رفعها من دون تأكيد ذلك، قائلاً: «مثل هذه الأشياء لم يتم الإعلان عنها. الصواريخ ستتحدث عن نفسها».

كيف ستستخدمها أوكرانيا؟
ويستعد الجيش الروسي لشن هجوم كبير بنحو 50 ألف جندي، على المواقع الأوكرانية في كورسك بهدف استعادة جميع الأراضي الروسية التي استولى عليها الأوكرانيون في أغسطس. ويمكن للأوكرانيين استخدام صواريخ ATACMS لضرب تجمعات القوات الروسية والقطع الرئيسية من المعدات العسكرية، ومستودعات الذخيرة وخطوط الإمداد في عمق روسيا. وقد يساعد ذلك الأوكرانيين على إضعاف فاعلية الهجوم المضاد الروسي.
وفي العام الماضي، وافق الرئيس بايدن على توفير عدة مئات من أنظمة ATACMS لاستخدامها في الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا، وشبه جزيرة القرم. وقد تم استخدام بعضها بالفعل، لذلك ليس من الواضح عدد الصواريخ التي تركها الأوكرانيون في ترسانتهم لاستخدامها في منطقة كورسك.

هل استخدمتها أمريكا؟

وتشير السجلات الحكومية إلى استخدام الجيش الأمريكي حوالي 30 صاروخاً ATACMS في ساحات معارك خلال أواخر القرن الماضي، ثم أكثر من 400 صاروخ تكتيكي في بدايات القرن الحالي، قبل أن يقوم البنتاغون بتقييد استخدام الذخائر العنقودية، لأنها غالباً ما كانت تفشل، وتنثر القنابل الخطرة في ساحات القتال، ما تسبب في مقتل وإصابة الجنود والمدنيين. 
ثم قام الجيش بتجديد العديد من أنظمة ATACMS المبكرة واستبدل القنابل الصغيرة برأس حربي متفجر واحد.

تحول كبير 
يعد قرار بايدن، تغييراً كبيراً في سياسة الولايات المتحدة. وقد أدى هذا الاختيار إلى انقسام مستشاريه، ويأتي تحوله قبل شهرين من تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب، منصبه، بعد تعهده بالحد من الدعم الإضافي لأوكرانيا.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن السماح للأوكرانيين باستخدام الصواريخ طويلة المدى، جاء رداً على قرار روسيا المفاجئ بإدخال القوات الكورية الشمالية في القتال. وبينما قال المسؤولون إنهم لا يتوقعون أن يؤدي هذا التحول إلى تغيير جذري في مسار الحرب، فإن أحد أهداف تغيير السياسة، كما قالوا، هو إرسال رسالة إلى الكوريين الشماليين مفادها بأن قواتهم معرضة للخطر في روسيا.
انتقام روسي ودور ترامب 
وقال بعض المسؤولين الأمريكيين إنهم يخشون من أن استخدام أوكرانيا للصواريخ عبر الحدود قد يدفع بوتين إلى الانتقام بالقوة ضد الولايات المتحدة وشركائها في التحالف.
وقد استغل بعض مستشاري بايدن، تقييماً حديثاً للمخابرات الأمريكية حذر من أن بوتين يمكن أن يرد على استخدام صواريخ ATACMS بعيدة المدى على الأراضي الروسية من خلال توجيه الجيش الروسي أو وكالات التجسس التابعة له للانتقام، وربما باستخدام القوة المميتة ضد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وحذر التقييم من العديد من الردود الروسية المحتملة التي تضمنت تصعيد أعمال الحرق والتخريب التي تستهدف المنشآت في أوروبا، فضلاً عن الهجمات المحتملة على القواعد العسكرية الأمريكية والأوروبية.
وقال المسؤولون إن بايدن تم إقناعه بإجراء التغيير جزئياً بسبب الجرأة المطلقة لقرار روسيا بإلقاء القوات الكورية الشمالية على الخطوط الأوكرانية. وقالوا إنه تأثر أيضاً بالمخاوف من أن القوة الهجومية الروسية ستكون قادرة على التغلب على القوات الأوكرانية في كورسك إذا لم يُسمح لها بالدفاع عن نفسها بأسلحة بعيدة المدى.
وفي أغسطس/آب، شن الأوكرانيون هجومهم عبر الحدود على منطقة كورسك، حيث استولوا على مساحة من الأراضي الروسية. ومنذ ذلك الحين، أصبح المسؤولون الأمريكيون يشعرون بقلق متزايد بشأن حالة الجيش الأوكراني، الذي أصبح منهكاً بسبب الهجمات الروسية المتزامنة في الشرق، وخاركيف، والآن كورسك.
ويتوقع مراقبون أن يلغي ترامب هذا القرار، حيث وعد بتسوية الصراع سريعاً، فيما كشف نائبه جي دي فانس الخطوط العريضة لخطة من شأنها أن تسمح للروس بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي استولت عليها مقابل وقف إطلاق النار. ويأمل الأوكرانيون أن يتمكنوا من مقايضة أي منطقة روسية يسيطرون عليها في كورسك بالأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا في أي مفاوضات مستقبلية.
وإذا نجح الهجوم الروسي على القوات الأوكرانية في كورسك، فقد ينتهي الأمر بكييف إلى عدم وجود سوى القليل من الأراضي الروسية التي يمكن أن تقدمها لموسكو في الصفقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق