ترامب وتغيرات سياسة الطاقة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اتسم السباق الرئاسي الأمريكي لعام 2024 بملمح غير طبيعي، تمثل في مناقشة حظر التكسير الهيدروليكي، والـــلافت أن يـــوجد مثل هذا النقاش أساساً، لإنه يعود بالنقاش الأمريكي إلى أول عقدين فــي هذا القرن، عندما بدأ الناس ينتبهون إلى استخدام التكسير الهيدروليكي؛ فقد ظلت الولايات المتحدة مستورداً صافياً للطاقة منذ عام 1953. وكانت تستورد ثلثي احتياجاتها من النفط الخام.
فـــي غضون عشر سنوات فقط شكلت طفرة النفط الصخري القائمة على التكسير الهيدروليكي، أكبر زيادة في معدل إنتاج النفط في دولة، منذ أن بدأت وكالة الطاقة الدولية في تتبع مسارها.
فتقنية التكسير الهيدروليكي هي المسؤولة عن الغالبية العظمى من إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة اليوم، وتُستخدم في نحو 95% من آبار البلاد. ولكن المشكلة أن تقنية التكسير الهيدروليكي، لا تخلو من أخطار كبيرة،
وهذا هو محور الخلاف الكبير بين الحزبين الجمــهوري والديمــقـــــراطي. حــــيث كـــشـــف الخطاب الانتخابي الأمريكي عن وجهتي نظر متناقضتين بشكل حــاد حول مستقبل ملف الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، فبينما يدفع المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب نحو إحياء الوقود الأحفوري، مع التركيز على إلغاء القيود التنظيمية وتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، والتأكيد أن تغير المناخ ما هو إلا «خدعة»، كانت نائبة الرئيس الحالي والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس تدافع عن مسار مستدام مدفوع بالطاقة النظيفة والعمل المناخي، تحت حجة أن تغير المناخ يُشكل تهديداً وجودياً للولايات المتحدة.
إلا أن اقتصاد الناخبين الأمريكيين بشأن تقنية التكسير الهيدروليكي التي تعتبر قضية أساسية بالنسبة لحملة هاريس خاصة في ولاية بنسلفانيا، التي تُعد ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، وولاية متأرجحة رئيسية، ما جعل هاريس تغير فــي موقفها السابق بشأن التقنية المستخدمة لإنتاج معظم النفط والغاز في الولايات المتحدة، عبر التصريح «إنها لن توقف تقنية التكسير الهيدروليكي إذا انتُـــخـــبت رئيـــسة للـــولايــــات المتحدة».
وبعد فوز دونالد تــــرامب بالانتخابات الرئاسية بفارق كبير فـــي موجة حمراء جمهورية تجسدت أيضاً في انتزاع الحزب الجمهوري لمجلسي الشيوخ والنواب، الأمر الذي أطلق التكهنات بأن خطط الولايات المتحدة الأمريكية للطاقة على موعد جديد مع التغيرات التي قد تكون جذرية في إدارة ترامب الثانية. التي ستسعى إلى التراجع عن الكثير من أجندة إدارة بايدن لمكافحة تغير المناخ، وإطلاق جهود جديدة لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري، وفقاً لسياسة الجمهوريين، وفق مراكز الدراسات الأمريكية، التي رصدت أبرز المتغيرات المرتقبة، والتي من بينها أنه من المرجح أن تنهي إدارة ترامب الثانية بسرعة الإيقاف المؤقت لتصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة التي نفذها الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا العام في انتظار مراجعة آثارها البيئية والاقتصادية.
ومن المرجح أيضاً أن يحاول البيت الأبيض في عهد ترامب إلغاء القاعدة القادمة من وكالة حماية البيئة لفرض رسوم على صناعة النفط والغاز تتراوح بين 900 إلى 1500 دولار للطن الواحد مقابل انبعاثات غاز الميثان. وتم اعتماد هذا الإجراء كوسيلة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة القوية، لكنه يواجه مقاومة شديدة من شركات الحفر وخطوط الأنابيب التي تشعر بالقلق من أنه سيضر بإيراداتها النهائية. وستقوم إدارة ترامب الثانية بإعادة برنـــــامج وزارة الداخلية الأمريكية لتأجير النفط والغاز البحري لمدة خـــمس سنوات لتوسيع حجم ونطاق مزادات الحفر. ووضعت إدارة بايدن الخطة الحــالية بعدد قياسي منخفض من المزادات، كجزء من جهودها الأوسع للدخول في التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة.
وبعد سيطرة الجمهوريين على الكونجرس بغرفتيه، من المرجح أن تتحرك إدارة ترامب الثانية أيضاً لبيع المزيد من الأراضي الفيدرالية للولايات التي ترغب فــي تعزيز استخـــراج المعادن والنفط والغاز. كما وعدت حملة ترامب بانسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاق الدولي لمكافحة تغير المناخ. وقد انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق باريس خلال فترة ولاية ترامب الأولى، لكن بايدن سرعان ما تراجع عن هذه الخطوة بعد انتخابه وحاول منذ ذلك الحين استعادة مصداقية الولايات المتحدة وقيادتها في جهود المناخ العالمي.

أخبار ذات صلة

0 تعليق