انتهى، أمس الأحد، على نحو دراماتيكي عهد الرئيس السوري بشار الأسد، بعد 11 يوماً من هجوم خاطف شنته الفصائل المسلحة، التي تمكنت من الاستيلاء على العاصمة دمشق دون تسجيل مواجهات مع قوات نظامية أو إراقة دماء، بعدما اجتاحت بلا قتال في الأيام الماضية مدن حلب وحماة وحمص.
وأعلنت الفصائل المسلحة وأطياف أخرى من المعارضة، بدء «عهد جديد» لسوريا، إثر دخول قواتها دمشق فجر الأحد عقب هجوم سريع أنهى حكم الأسد الذي امتد نحو ربع قرن، قبل أن يتم الإعلان عن الرئيس السابق قد غادر العاصمة على متن طائرة خاصة تبين أنها أقلته إلى موسكو عبر مطار دمشق الدولي، قبل أن تنسحب عناصر الجيش والأمن.
وأفاق سكان العاصمة السورية على مظاهر فرح وإطلاق الرصاص في الهواء، وأظهرت مشاهد أشخاصاً بينهم عناصر من الفصائل المسلحة، يعتلون دبابة بجوار ساحة الأمويين وسط العاصمة، ويرفعون قبضاتهم وشارات النصر، بينما يسمع في الخلفية إطلاق نار في الهواء. كما أظهر فيديو آخر إسقاط جمع من السوريين تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار في ساحة عرنوس.
وأتى ذلك بعد ساعات من بدء دخول قوات الفصائل المسلحة دمشق، في تتويج لهجوم واسع بدأته في شمال البلاد في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر وحققت خلاله تقدماً واسعاً لم يشهد له مثيل منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011.
وأطلت مجموعة من تسعة أشخاص عبر شاشة التلفزيون الرسمي من داخل استوديو الأخبار. وتلا أحدهم بياناً نسبه إلى «غرفة عمليات فتح دمشق»، أعلن فيه «تحرير مدينة دمشق وإسقاط بشار الأسد وإطلاق سراح جميع المعتقلين المظلومين».
وفيما بدا أنه إقرار بنهاية حكم الرئيس السوري، أعرب رئيس الحكومة محمد الجلالي في شريط مصوّر عن استعداده لتسليم المؤسسات إلى أي «قيادة» يختارها الشعب السوري.
وتوجه الجلالي إلى السوريين بفيديو مصور قائلاً: «أنا منكم وأنتم مني. أنا في منزلي لم أغادره بسبب انتمائي إلى هذا البلد وعدم معرفتي لأي بلد آخر غير وطني».
وأضاف: «في هذه الساعات التي يشعر فيها الناس بالقلق والخوف رغم حرصهم جميعاً على هذا البلد ومؤسساته ومرافقه، إنني حريص على المرافق العامة للدولة والتي هي ليست ملكاً لي وليست ملكاً لأي شخص آخر إنما هي ملك لكل السوريين. نمد يدنا إلى كل مواطن سوري حريص على مقدرات هذا البلد».
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أمس أن بعثاتها تواصل تقديم خدماتها للسوريين بعدما أعلنت فصائل المعارضة المسلحة إسقاط «الطاغية» بشار الأسد و«هروبه» من دمشق.
وقالت الوزارة، إنها «وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج ستبقى على عهدها بخدمة كافة الأخوة المواطنين، وتسيير أمورهم»، في وقت دعت وزارات ومؤسسات أخرى، بينها وزارة الشؤون الاجتماعية والصناعة، موظفيها للالتحاق بعملهم، مؤكدة مواصلة تقديم الخدمات.
ودعا زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني عناصره إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مشيراً إلى أنها «ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسليمها رسمياً». وأشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ب«لحظات تاريخية» يعيشها السوريون مع سقوط النظام.
وقال عبدي الذي تتلقى قواته دعماً أمريكياً ويشكل الأكراد عمودها الفقري: «هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين».
وقال ائتلاف المعارضة السورية (الائتلاف الوطني السوري) أمس الأحد، إنه يعمل على تشكيل هيئة حكم انتقالية تحظى بسلطات تنفيذية كاملة. وأضاف الائتلاف في منشور على «إكس» أنه يتطلع لإقامة شراكات استراتيجية مع دول المنطقة والعالم.
وجال عشرات السوريين، أمس الأحد، داخل مقر إقامة الأسد في حي راق في دمشق، والذي كان خالياً من مقتنياته بعد نهبها، في حين بدت قاعة استقبال رئيسية في القصر الجمهوري الواقع على بعد نحو كيلومترين محروقة. وتنقل العشرات بينهم رجال ونساء وأطفال بين الغرف وعلى السلالم، حيث تناثرت أوراق بيضاء في كل مكان، بينما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لأشخاص يحملون أكياساً من الأموال سرقوها من البنك المركزي في دمشق بساحة السبع بحرات. (وكالات)
0 تعليق