علي الفاتح يكتب: «السنوار» والصومال ومعادلات الردع الإقليمي - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حمل الخميس 17 أكتوبر 2024 خبرين، أحدهما من غزة والآخر من الصومال، يؤكدان لسكان الشرق الأوسط أن الكيان الصهيونى هو من يشكل خطراً داهماً على مستقبل دولهم وتهديداً لاستقرارها واستقلالها.

الخبر الأول تعلق باغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس يحيى السنوار، وصورته التى نشرها الإعلام العبرى دون غيره.

مات السنوار ممتطياً صهوة جواد المقاومة حاملاً سيفها طعاناً لأعدائه، ولم يمت بقذيفة خارقة للأنفاق.

هذه هى الصورة التى نشرها الإعلام العبرى، السنوار ببدلته العسكرية يحمل الرشاش والقنابل اليدوية يقاتل إلى جانب رجاله جيش الاحتلال فوق الأرض وليس تحتها.

ولو بقى داخل الأنفاق يدير معارك التحرير ما لامه أحد، إلا أن أهم ما كشفته تلك الصورة أن المقاومة الفلسطينية ورجالها ليست جزءاً من أجندة مشروع إقليمى توسعى.

هى تستفيد من داعميها لخدمة أجندتها الوطنية وعنوانها الرئيسى تحرير الأرض من المحتل الصهيونى وإقامة دولة فلسطينية.

الخادم لأجندات الغير كان سيفضل إدارة معاركه من خارج أرض المعركة لا فوق الأرض ولا تحتها، لأن شغله الشاغل سيكون قبض الأثمان بكل أشكالها المادية والسياسية.

صورة السنوار الحامل لبندقيته أكدت للجميع أنه زعيم لحركة تحرر وطنى تجاوز مسألة الانتماء الأيديولوجى، هو مواطن فلسطينى مارس حقوقه المشروعة فى مقاومة المحتل وفقاً لكافة المواثيق والقوانين الدولية وانطلاقاً من واجبه الوطنى والأخلاقى تجاه بلاده الواقعة تحت نير الاحتلال منذ عام 1948.

من المهم التأكيد على هذه المفاهيم والمعانى التى تجلت فى صورته الأخيرة قبل أن يقدِّم حياته فداء لوطنه، فقد نشط الإعلام الغربى ورديفه الإقليمى مؤخراً للترويج لمفاهيم مغلوطة ومرتبكة حول تعريف حركات التحرر الوطنى وجماعات المقاومة.

هناك سيل من التقارير والمقالات التى تحاول الربط عنوة بين الحركات الانفصالية على أساس عرقى أو مذهبى الساعية للحصول على حكم ذاتى أو الانفصال تماماً وإقامة دولة مستقلة على جزء من جغرافيا الدولة الأم وبين التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، وبين الحركات والمنظمات التى نشأت فى بيئة الاحتلال بهدف مقاومة المحتل وإنهاء وجوده غير القانونى. الرسالة الأخيرة من تلك الحملة الشعواء التى تخاطب الرأى العام فى منطقة الشرق الأوسط مفادها أن حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وبعيداً عن انتمائها الأيديولوجى، تمثل الخطر الأول على استقرار دول المنطقة والمعطل الرئيسى لكل خطط التنمية، بل وتهدد بتفكيك ما يُعرف بالدولة الوطنية الحديثة. وفى هذا السياق تأتى مساعٍ محمومة لإثارة فتنة مذهبية بين السنة والشيعة من سكان الإقليم.

إذا كان السلوك الإيرانى قد اتسم فى الماضى بالنزعة التوسعية، وشابت ممارسات بعض فصائل المقاومة أخطاء وعيوب، فإن تداعيات «طوفان الأقصى» عالجت كل ذلك بعد أن بات واضحاً للجميع أن الكيان الصهيونى بسياساته الاستعمارية هو الخطر الحقيقى.

وهذا ما حمله لنا يوم الخميس الماضى فى الخبر الثانى الوارد من الصومال، حيث نقل منتدى الشرق الأوسط للعلوم العسكرية عن موقع «ميدل إيست مينوتور» اهتمام الكيان الصهيونى بإقامة قاعدة عسكرية جوية فى إقليم أرض الصومال المطل على خليج عدن ومضيق باب المندب.

وفقاً للتقرير يريد الكيان الصهيونى أن يكون قريباً من اليمن حتى يستطيع استهداف الحوثيين بضربات عسكرية مباشرة.

المؤكد أن حكومة الإقليم الانفصالية سترحب بالقاعدة العسكرية مقابل اعتراف الكيان الصهيونى بما تسمى دولة أرض الصومال، وستدعم إثيوبيا ودول إقليمية أخرى المسعى الصهيوني، إضافة إلى الولايات المتحدة. وجود الكيان الصهيوني على مدخل البحر الأحمر يعنى تحكمه فى قناة السويس وزيادة التحديات التى تواجه الدور المصرى فى الصومال ومنطقة القرن الإفريقي لحفظ الاستقرار الإقليمي والحفاظ على وحدة الأراضى الصومالية.

هذه المعطيات الجديدة تفرض، بمنطق المصلحة، تعاوناً رباعياً بين مصر وتركيا والمملكة السعودية وإيران لدرء مخاطر الوجود العسكري الصهيوني في تلك المنطقة الحيوية، لا سيما أن جميع هذه القوى الإقليمية تتعارض مصالحها في البحر الأحمر والقرن الأفريقي مع مصالح الكيان الصهيوني.

وهو تعاون ممكن في ظل التطبيع المصري التركي والسعودي الإيراني، إضافة إلى حرص دول الخليج على عدم التضرر من تداعيات الضربة الإسرائيلية المتوقعة ضد إيران.

خلاصة القول: لا بد من مكافحة محاولات تشويه حركات المقاومة ومحاربة خطاب الفتنة المذهبية وبناء تحالفات جديدة بين دول الشرق الأوسط لخلق معادلة ردع إقليمية في مواجهة خطر العدو الصهيوني وداعميه الغربيين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق