تدبر معاني القرآن الكريم.. رحلة مصطفى محمود من الشك إلى الإيمان - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة حذف

«لم أشك أبدًا في وجود الله.. لكن لما بدأت أكتب طرحت كل المسلمات وراء ظهري وبدأت أفكر في الله والإنسان بطريقة علمية مثلما تعلمت في كلية الطب»، عندما طرح الدكتور مطصفى محمود كتابه «الله والإنسان» قامت الدنيا عليه؛ ووجهت الاتهامات للطبيب الشاب آنذاك بالإلحاد، تمت مصادرة الكتاب والتحقيق معه، وقالوا إن نهايته ستكون على «الرصيف» بالقرب من مقام السيدة زينب، خاض سنوات في قراءت الأديان وكان القرآن والسيرة النبوية هي دليل الكاتب المثير للجدل بكتاباته في شبابه للوصول إلى الإيمان.

الدكتور مصطفى محمود لخص رحلته من الشك إلى الإيمان في ندوة قديمة في دار الأوبرا،  في حضور الشيخ الغزالي والمفكر الاسلامي دكتور محمد عمارة والمفكر اليساري محمود امين العالم والمطرب سيد مكاوي ومجموعة من المشاهير والمفكرون، في لقاء نادر نقله التلفزيون المصري «ماسبيرو» ونعرضه في إطار حملة «الوطن» لـ تعزيز الهوية الدينية تحت شعار «الإيمان قوة.. واعبد ربك حتى يأتيك اليقين».

رحلة الشك من كلية الطب 

الرحلة من الشك إلى الإيمان بدأت بحب الدكتور مصطفى محمود للعلوم، شاب مراهق في الثانوية العامة يعشق التجارب العلمية، يجمع الإحماض في بيته حتى تعرضت ملابسه للتلف من كثرة التجارب، وقال في لقاء نادر:«أفتكر إني في الثانوية مكنتش اكتفي بكتب العلوم كنت بجيب الكتب اللي بيدرسوها في كلية العلوم، وابتديت أحوش مصروفي واشتري حاجات أحماض وأعمل تجارب، وكل البيجامات بتاعتي بقت مخرمة من الأحماض، شغفي بالعلوم والفنون كان جوايا باستمرار، والحلم اللي جوايا ديمًا باستير وأديسون، دخلت كلية الطب بحيلة عشان أخويا مختار عايزني أدخل كلية تانية، وأنا هواياتي مش فيها أنا بحب العلوم والفنون والكلام دا، ورجعت البيت قولت له متقبلتش وقالي مفيش فايدة إلا كلية الطب».

درس التشريح لمعرفة أجزاء الجسم

قبل دخول كلية الطب قضى مصطفى محمود عامًا في كلية العلوم وأخذ معملا صغيرا في الكلية أجرى فيه تجاربه، وبحد وصفه «عايز أعمل حاجه مكنتش عارف هي إيه»، وفي أول عامين بكلية الطب تخصص في التشريح الذي كان يعشقه، فكان أول من يدخل إلى المشرحة وآخر من يخرج منها: «الإنسان لأول مرة بيتتفتح قدامي وأشوف جوا إيه القلب والمخ والأعصاب والأورودة هو دا البني آدم، الأسئلة أكبر من الكتب اللي بقرأها، سنتين عندنا تشريح اشتريت نص بني آدم بعد ما اتحنط في الفورمالين واشتريت مخ بـ20 قرش أياميها، قعدت طول الأجازة مكفي على البني آدم، وجبت فورمالين وكنت بحفظ الجثة فيها وحطيت الفورمالين تحت السرير وأشم فورمالين وانا مش داري».

انتقل الدكتور مصطفى محمود من الهوس بالعلوم إلى قراءة الأدب العالمي كاملًا، والسر جثة البني آدم التي اشتراها وعكف على دراستها ونجح في اختبار التشريح بفضلها، لكنه بسببها ايضًا استنشق الفورمالين الذي بسببه أصيب بمرض في الشعب الهوائية وظل في غرفته ثلاث سنوات، وقتها قرأ الأدب كاملًا وقال:« الـ 3 سنين دول ثمرتهم إني بقيت مفكر حاليًا وبسببها المحنة دي بقيت برحب بأي إختبار من ربنا ورجعت شخص مختلف خالص واحد تاني، بفضلهم كتبت 30 قصة ووريتهم للعقاد وحبهم جدا وقدمني للزيات اللي نشرلي قصتين سنة 1947، وبعدها عدد من المسرحيات وقصة اتصورت في السينما والكتب اللي اتهاجمت عليها وأُتهمت بالإلحاد بسببها».

درس الأديان لمعرفة ماهية الإنسان

كان أول كتاب للدكتور مصطفى محمود هو كتاب«الله والإنسان» وبسببه «قامت الدُنيا ولم تقعد»، إذ كان يضم مجموعة مقالات له نُشرت من قبل دار المعارف في عام 1955، وتم منعه من التدوال في المكتبات المصرية وما زال، والذي اتُهم مصطفى محمود بالإلحاد بسببه وقال:« الكتاب كان ثمرة للتفكير المتواصل في إيه هو البني آدم والإنسان والكون والله، نتج عن وقوفي أمام الجثة وأنا بشرح، واقول مش ممكن دا مش البني آدم دا شكله من برا البني آدم حاجة تانية، لما ابتديت اكتب طرحت وراء ظهري كل المسلمات الدينية والاجتماعية وبدأت على بياض حاولت أفهم زي ما اتعلمت في كلية الطب، الكتاب كان في كلام كتير صادم للمتدينين والأزهر وفالواقع أنا عمري ما شكيت في وجود الله ابدًا، إنما يمكن الكتاب تعرض للوحي والبعث والخلود والجنة والنار وأجابت عليها إجابة علمية مش من الموروث الديني، الدكتور محمد عبد الله المحامي قال في دفاع بليغ جدا في محاكمة سرية الأسئلة اللي أثارها الدكتور مصطفى محمود قال أكتر منها المفكرين الكبار والجماعة الصوفية وغيرهم والقاضي اكتفى بمصادرة الكتاب واتقفل الموضوع لكن متقفلش بالنسبة لي».

بعد المحاكمة ظل الدكتور مصطفى محمود سنوات طويلة يفكر في ماهية البني آدم ولم تنته كتبه المُثيرة للجدل: «عدى الكتاب وحكايته وزمايلي قالوا دا راجل درويش هينتهي بيه الحال على باب السيدة زينب، وبعدها اكتشفت إن المنهج العلمي مبيفسرش الإنسان ودخلت في الفلسفة وقراءت الأديان الهندوسية وغيرها والأديان السماوية»، ولما وصل إلى القرآن انتباته مشاعر مختلفة، وكان عندما يتلو أياته يشعر بإحساس فريد، ووجد في القرآن لمحة علمية «أعجب حاجة في القرآن العلاقة بين الآية والقلب، إيقاع الآية غريب بحس بكل جملة قبل تفسيرها، العلاقة بين الآية وبيني أنا حسيت أن الكلام عظيم لا يصدر إلا عن متحدث عظيم، ودخلت في السيرة النبوية والتاريخ ولقيت منظومة كبيرة خالص في جزيرة بعيدة عن الحضارة، قدرت تطلع ناس زي عمر ابن الخطاب وأبو بكر وعلي ابن أبي طالب، غزوا العالم»، وصل أخيرًا لنهاية الرحلة وقام بتأليف عدد من الكتب أبرزها «محاولة لفهم عصري»، لكنه كالعادة هُجم لمحاولته لتفسير القرآن وتمت مصادرة الكتاب لكنه خرج إلى النور بعد فترة، ثم كتاب «رحلتي من الشك إلى الإيمان» و«حوار مع صديقي الملحد».

أخبار ذات صلة

0 تعليق