د. وليد عتلم يكتب.. بريكس والعدالة المفقودة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في لحظة فارقة حادة الحساسية والاضطراب يمر بها الشرق الأوسط، بل العالم أجمع؛ توجه الرئيس السيسي إلى روسيا الاتحادية، للمُشاركة للمرة الأولى في قمة تجمع دول "بريكس"، المنعقدة في مدينة "قازان".

ورغم أن "بريكس" تجمع اقتصادي تنموي بالأساس، أصبح يضم في عضويته نحو 60% من اقتصاد العالم، ومع كل المكاسب والعوائد الاقتصادية الكبيرة على الاقتصاد المصري من الانضمام للتجمع، لكن السياق السياسي شديد الاضطراب يفرض حضوره على فعاليات وجلسات قمة التجمع. وهو ما دفع الرئيس بوتين خلال افتتاح قمة التجمع، إلى دعوة قادته لتبادل الآراء في التعاون بين دول بريكس في المسائل الدولية بما في ذلك تسوية الأزمات الإقليمية، خاصة أن هذا الاضطراب الإقليمي والمنتظر تصاعده في ضوء الضربة العسكرية الإسرائيلية المنتظرة لإيران، وما سوف ينتج عنها من تداعيات، بالتأكيد تعني مزيدا من الضغط على أعصاب اقتصاديات دول المنطقة على وجه التحديد ما يتعلق بأمن الممرات البحرية، والموانئ المطلة على البحر الأحمر، ومن ثم حركة التجارة العالمية، وتأثر عديد من خطوط إمداد السلع الرئيسية، ويصدر مزيدا من الأعباء والإشكاليات للاقتصاد العالمي. 

فاستمرار الصراع على هذا المستوى من التصعيد يقلص فرص تعافي الاقتصاد العالمي وتأثير خروجه من حالة التباطؤ التي يعانيها، وإضافة أعباء جديدة على الاقتصاد المصري الذي لا يزال يعاني تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، لذلك قال الدكتور مدبولي “اقتصاد حرب”، هنا الاقتصاد هو المتضرر الأول والأكبر من الحرب والسياسة.

والحديث عن "بريكس" والحرب والسياسة يأخذنا للحديث عن العدالة الدولية والعالمية المفقودة على صعيد السياسة والاقتصاد والأمن؛ الحرب في غزة ولبنان هي نموذج واضح جلي لتجسيد العدالة المفقودة، وتحيز أمريكي غربي أعمى لا يبصر الحقائق، بل يعكسها والمعتدي الجاني أصبح هو المدافع عن أمنه في مواجهة (إرهاب المقاومة) على حد الوصف الغربي. ويكفي للتدليل أن الإدارة الأمريكية تحاول شراء ود نتنياهو ودعمه في الانتخابات القادمة بما يقرب من 18 مليار دولار مساعدات عسكرية منذ 7 أكتوبر 2023 للدفاع عن أمن إسرائيل المزعوم في مواجهة الأبرياء العزل من شعب غزة.

ورغم نفي العديد من قادة تجمع "بريكس" خاصة الهند، أن التجمع ليس بديلا للمؤسسات الدولية والأممية ممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومؤسسات بريتون وودز الاقتصادية البنك وصندوق النقد الدولي.

غير أن الواقع والسياق الدولي يشير إلى ضرورة أن يصبح لدول الجنوب صوتا معادلا ومساويا للدول الغربية، حتى على مستوى عدالة المناخ والتنمية، وهو ما أكدت عليه مصر ورئيسها بوضوح كبير في مؤتمر المناخ (cop27). وأنه لا سبيل أمام الكتلة الغربية سوى الاستماع لصوت دول الجنوب واحترام احتياجاتها وأهدافها التنموية، وانهاء أقدم احتلال عرفته البشرية في الأراضي الفلسطينية، لذلك؛ تجمع "بريكس" هو طريق تكتل دول الجنوب وأداته لتحقيق التغيير المنشود لعالم أكثر عدالة؛ وهو ما أك

بوتين سلط الضوء على حقيقة مهمة مفادها أن مجموعة السبع الصناعية الكبرى استحوذت على 45.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 1992، مقابل 16.7% لدول البريكس"، مشيرا إلى أن حصة بريكس من الاقتصاد العالمي بلغت 37.4% في عام 2023، مقارنة بحصة مجموعة السبع البالغة 29.3%، مؤكدا أن الفجوة "تتسع وستتسع" لا محالة.

إذًا؛ هي العدالة فقط ولا غير السبيل الوحيد لاستقرار الأوضاع إقليميا ودوليا، والعدالة لن تتحقق إلا بتعادل الكفة، و"بريكس" كفة الميزان الثانية في مواجهة تغول كفة الميزان الأخرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق