في حدث كوني نادر ومدهش، أضاء مذنب بركاني ضخم الفضاء، مسجلًا سلسلة انفجارات كبرى أثارت دهشة العلماء. ففي غضون 48 ساعة فقط، شهد المذنب الجليدي 29P، المعروف بلقب «السنتور»، 4 انفجارات ضخمة، تسببت في سطوعه بشكل غير مسبوق، ما جعلت بريقه يعادل إشراقة مدينة بأكملها، ويُعد هذا الانفجار الكوني الأقوى منذ سنوات، إذ يترك الباحثين في حيرة حول أسرار وتوقيت هذه الثورات المتكررة، التي بدت كأنّها استيقاظ مفاجئ لهذا العملاق الغامض.
4 انفجارات كبرى خلال 48 ساعة
يقول الباحثون، إنّ مذنبًا بركانيًا غامضًا استيقظ للتو، وأطلق 4 ثورات كبرى في أقل من 48 ساعة، وانفجرت أحشاء المذنب الجليدية بالكامل ما جعله أكثر سطوعًا بنحو 300 مرة من المعتاد، وهو ما زاد الارتباط حول سبب وموعد انفجار المذنب المعروف باسم 29P/Schwassmann-Wachmann (29P)، وفقًا لمجلة «live science» العلمية.
وهذا المذنب عبارة عن جسم جليدي كبير يبلغ عرضه نحو 37 ميلًا (60 كيلومترًا)، أي نحو 3 أضعاف طول مانهاتن، وهو واحد من حوالي 500 مذنب تُعرف باسم «السنتور» والتي تقضي حياتها بأكملها محصورة في النظام الشمسي الداخلي، ومع ذلك، فإن 29P هو أيضًا جزء من مجموعة أكثر ندرة، تُعرف باسم المذنبات البركانية الجليدية أو البركانية الباردة.
وتتكون المذنبات البركانية الجليدية من غلاف جليدي أو نواة مليئة بالجليد والغبار والغاز، وعندما يمتص المذنب ما يكفي من إشعاع الشمس، ترتفع درجة حرارة أحشائه المذنب الجليدية إلى حد كبير، ويتراكم الضغط داخل النواة حتى تتشقق القشرة وتنطلق أحشاء المذنب الجليدية أو الصهارة الجليدية إلى الفضاء. وبعد الانفجار يتوسع الغشاء الضبابي المحيط بنواة المذنب، ما يجعل المذنب يبدو أكثر إشراقا لأنه يعكس المزيد من أشعة الشمس.
وكان أول ثوران كبير للمذنب منذ ما يقرب من عامين، وتبعه بسرعة 3 ثورات كبيرة أخرى في أقل من 48 ساعة، وفقًا للملاحظات التي سجلتها الجمعية الفلكية البريطانية (BAA)، التي كانت تتابع المذنب 29P عن كثب، وكتب علماء الفلك في الجمعية أن الثورات الأربعة أطلقت سحابة من الحطام تعكس ضوءًا أكثر بمقدار 289 مرة من نواة المذنب.
وفي أبريل 2023، نجح العلماء في التنبؤ بثوران بركاني من المذنب 29P لأول مرة، عندما فتح المذنب قمته، ومع ذلك، فإنّ التنبؤ بالثورات البركانية أمر صعب للغاية؛ لأنّ معظم ثورات المذنب تحدث بشكل متقطع وعشوائي للغاية، وهو سلوك لم يتمكن الباحثون من تفسيره.
المذنب يدور حول الشمس مرة كل 15 عامًا
وتدور أغلب المذنبات البركانية الجليدية حول الشمس في مدارات بيضاوية الشكل للغاية، ما يؤدي إلى وصولها إلى الأطراف الخارجية للنظام الشمسي لعقود أو قرون أو حتى آلاف السنين في كل مرة، ولا تبدأ في الانفجار بانتظام إلا عندما تتسابق إلى النظام الشمسي الداخلي قبل أن يتم دفعها مرة أخرى إلى النظام الشمسي الخارجي.
ومع ذلك، يدور المذنب 29P حول الشمس مرة كل 15 عامًا وله مدار دائري حول الشمس على مسافة مماثلة من نجمنا الأم مثل كوكب المشتري، ما يعني أن كمية الإشعاع الشمسي التي يمتصها تظل ثابتة في الغالب، ونتيجة لذلك، يجب أن ينفجر بانتظام وبشكل متساوٍ إلى حد ما، لكن الملاحظات التفصيلية للمذنب على مدى العقود القليلة الماضية تظهر أن هذا ليس هو الحال، ما يشير إلى أن شيئًا غير معروفًا يؤثر على وقت ثورانه، وفقًا للجمعية الفلكية البريطانية.
0 تعليق