عادة ما تأتي الصراعات السياسية بما لا تشتهي السفن، فبخلاف الخسائر الاقتصادية التي تشهدها الدول يبقى هناك جانبًا أساسيًا يلقى مصيره من الدمار، وهي المعالم التاريخية، وهو ما وقع على مدار السنوات الأخيرة في سوريا، إذ تسببت الحرب السورية داخل البلاد في تدمير جزء كبير من الأماكن التاريخية التي يأتي على رأسها المسجد الأموي بحلب.
تدمير المسجد الأموي في سوريا
في عام 2014 أدرجت منظمة اليونسكو العالمية قائمة تحت اسم «الإرث العالمي» ضمت 6 مناطق أثرية في سوريا جرى تدميرها منذ اندلاع الحرب السورية، والتي تضمنت قرابة ألف مسجد تاريخي.
وكان المسجد الأموي أبرز وأقدم هذه المساجد في مدينة حلب السورية، والذي يعد واحدًا من المعالم الإسلامية الأهم على مستوى الوطن العربي، لما يحمله من مكانة تاريخية كبيرة شاهدة على أهم حقبات التاريخ الإسلامي.
مئذنة المسجد الأموي
دمار كبير تعرض له المسجد الأموي خلال العقد الأخيرة، حيث دمرت مئذنته بالكامل التي أُنشأت في القرن الثامن الميلادي وتم تجديدها في القرن الـ13 وتسويتها بالأرض، وهو بمثابة موقف عظيم في التاريخ إذ وصف خبراء الأثار هذا اليوم بأنه من أصعب الأيام التي لا يمكن نسيانها، بحسب صحيفة «إندبندنت».
وتكمن الأهمية التاريخية لمئذنة المسجد الأموي كونها مثالًا مميزًا على العمارة بالحجر ما بين القرون الخامس والحادي عشر في سوريا، حيث أمر ببنائها القاضي ابن الخشاب.
وبنيت المئذنة من الحجر الكلسي، وقاعدتها مربعة التصميم، وهي مؤلفة من ستة طوابق، وقد تم نقش كتابات عليها بالخطين الكوفي والثلث الأنيقين.
تاريخ المسجد الأموي
بُني المسجد الأموي داخل موقع معبد جوبيتر الروماني الذي حول في عام 379 ميلاديًا إلى كنيسة القديس يوحنا المعمدان، ومع الفتح الإسلامي لدمشق تم تقاسم هذا المكان المقدس بين المسلمين والمسيحيين.
ومع وصول الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك إلى الحكم، هدمت الكنيسة وجرى بناء مسجدا كبيرا مكانها، وللمسجد ثلاث مآذن، تعرف المئذنة الجنوبية الشرقية منها باسم مئذنة عيسى، والمئذنة الواقعة في مركز الجدار الشمالي باسم مئذنة العروس، وقد تمت إعادة بناء المئذنة الجنوبية الغربية من قبل السلطان قايتباي بعد حريق عام 884/ 1479.
أثار دمرتها الحرب السورية
معالم تاريخية عديدة وقيمة دمرتها أحداث الحرب السورية أيضًا بخلاف المسجد الأموي، منها مسجد «حضرة زكريا» الواقع بمدينة حلب أيضًا، حيث يوجد داخله ضريح النبي «زكريا» عليه السلام.
كما شهد متحف تدمر العريق الواقع بوسط البادية السورية، عمليات نهب وسرقة لآلاف القطع الأثرية والكنوز التاريخية، حيث يعود تاريخ هذه المدينة المعروفة باسم «لؤلؤة الصحراء» أو «عروس البادية» إلى أكثر من 2000 عام، وهي مدرجة على قائمة اليونسكو.
عمليات الدمار والتخريب لحقت أيضًا بقلعة الحصن التي تعد واحدة من أشهر القلاع الصليبية الأثرية في العالم، حيث دمرت أجزاء كبيرة منها، إلى جانب مجموعة من القرى الشمالية في سوريا.
0 تعليق