ما زال العديد من دول المنطقة يعانى بسبب التداعيات الناجمة عن «أحداث 2011»، أو ما يطلق عليه اسم «الربيع العربى»، وبعض الدول لم يمكنها تجاوز تلك الأحداث حتى الآن، ما أدى إلى غرقها وسط الفوضى والاضطرابات، ومنها اليمن والسودان وليبيا وسوريا، ومع كل أزمة فى أى دولة عربية، نرى الموقف المصرى الداعم لمؤسسات هذه الدولة، والدعوات المتكررة للحفاظ على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، بهدف الحد من حالة الفوضى الإقليمية.
«الخولي»: نتطلع إلى قدرة الشعب السوري على تجاوز المرحلة الصعبة
وعن الأزمة السورية الراهنة، التى بدأت أحداثها قبل نحو 13 عاماً، قال النائب طارق الخولى، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن كل الأنظار تتجه الآن نحو سوريا، حيث يتابع الجميع ما يحدث هناك، وتتعلق الآمال بقدرة الشعب السوري على تجاوز هذه المرحلة الصعبة والوصول إلى حالة من الاستقرار الداخلي.
ولفت إلى أن هذه الآمال ترتكز على عدم تدخل أى أطراف خارجية فى الشأن السورى، بحيث يتمكن الشعب السورى من تقرير مستقبله ومصيره وفق رؤيته الخاصة.
وأوضح «الخولى»، لـ«الوطن»، أنه على مدار عقود طويلة، كانت العلاقات بين مصر وسوريا شاهدة على تقارب كبير على كافة المستويات، وتاريخياً شهدت العلاقات ذروة هذا التقارب فى فترة الوحدة المصرية - السورية، خلال عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وما تبع ذلك من تنسيق وتعاون، خاصة خلال حرب أكتوبر وما سبقها من مراحل تاريخية قديمة، وكان مشروع سوريا دائماً يعبر عن علاقات استثنائية وأخوية مع مصر، وعندما اندلعت الأزمة السورية فتحت مصر أبوابها واحتضنت الأشقاء السوريين، مما يعكس عمق العلاقة بين الشعبين.
وأضاف أن مصر دائماً تتطلع إلى قدرة الدول على الحفاظ على وحدتها وسيادتها، وتؤكد مبادئها الثابتة التى تنادى باحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وهذه المبادئ تجعل مصر دائماً داعمة لمفهوم الدولة الوطنية، وقدرة الشعوب على النهوض وتقرير مصيرها، بعيداً عن أى ضغوطات خارجية.
«الشقنقيرى»: مصر تقوم بدور «رمانة الميزان» للحفاظ على استقرار المنطقة ودعم سيادة الدول المجاورة
من جانبه، قال الدكتور زاهر الشقنقيرى، المتحدث الرسمى باسم حزب الشعب الجمهورى، إنه منذ عام 2011، شهدت العديد من الدول العربية موجات من الفوضى السياسية والاجتماعية، التى ألحقت خسائر جسيمة بالبنية التحتية والاقتصاد والنسيج الاجتماعى، وهذه الفوضى نتجت عن انهيار الأنظمة الحاكمة فى بعض الدول، ما فتح المجال لنشوء صراعات داخلية وتدخلات خارجية، وتكبدت الدول العربية خسائر تقدر بمئات المليارات من الدولارات، نتيجة تدمير البنية التحتية الأساسية، وانهارت القطاعات السياحية فى دول مثل سوريا واليمن وليبيا، وأدى ذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وهروب الاستثمارات، وانخفاض الناتج المحلى الإجمالى فى العديد من الدول.
وأضاف «الشقنقيرى» أن الفوضى تسببت فى حالة من النزوح لملايين السكان داخلياً وخارجياً، مما أوجد أزمات لجوء كبيرة، أثقلت كاهل الدول المضيفة، كما شهدت هذه الفترة تصاعداً فى الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يهدد وحدة النسيج المجتمعى ويزيد من تعقيد المشهد السياسى، وأسهم انهيار المؤسسات الأمنية فى بعض الدول فى انتشار الجماعات المسلحة والإرهابية.
وأشاد فى الوقت نفسه بقدرة الدولة المصرية على لعب دور «رمانة الميزان» فى المنطقة وحفاظها على سيادتها وسرعة استعادة الاستقرار بشكل لم يحدث فى دول المنطقة، واتجاهها حالياً لدعم سيادة الدول المجاورة، ومساعدتها فى الحفاظ على الاستقرار، خاصةً أن التطورات الأخيرة فى المنطقة، وآخرها الأزمة فى سوريا، علاوة على الأوضاع فى لبنان وغزة، تضع المنطقة أمام تحديات كبرى، وفى ظل هذه الأوضاع، التى تمثل تهديداً للأمن القومى المصرى، يجب التسلح بالتماسك الداخلى، الذى يُعد حجر الزاوية لمواجهة أى تحديات.
ووصف النائب أحمد مقلد، أمين سر لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، المشهد السورى بأنه «الأكثر تعقيداً»، بسبب وجود العديد من التفاعلات، سواء على المستوى الداخلى السورى، أو على الصعيد الإقليمى، وسرعة وتيرة المتغيرات، رغم مرور العديد من السنوات على بداية الأزمة، وهو ما يرجح عدم وجود استقرار على المدى القريب.
وأكد أن «ما تواجهه الدولة السورية يُعد حلقة من حلقات السقوط، التى بدأت منذ انطلاق ما يسمى الربيع العربى، والذى وجه العديد من التحديات لمفهوم الدولة الوطنية، مع صعود أفكار مناوئة، تهدد مفهوم الدولة الوطنية المدنية الحديثة، فى مواجهة الأفكار العابرة للحدود الوطنية».
وكذلك، أوضح الدكتور أحمد الشحات، خبير شئون الأمن الإقليمى والدولى، أن التحركات التى قادتها «هيئة تحرير الشام» فى سوريا ليست عشوائية، بل هى تحركات ممنهجة، تم الإعداد لها على مدى أشهر طويلة، مشيراً إلى أن الهيئة استغلت الظروف الزمنية المناسبة، مستفيدة من انشغال إيران بدعم النظام السورى وتركيزها على جبهة «حزب الله»، وفى الوقت نفسه شهد الحزب تراجعاً كبيراً فى قدراته العسكرية وأولوياته الميدانية، نتيجة الضغوط الإسرائيلية التى قطعت كافة الروابط بين سوريا ولبنان باتجاه حزب الله.
0 تعليق