تنزيه النفس.. بين وعورة الطريق ومستنقع التصيد - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف
إن أكثر الطرق وعورة هي تلك التي تقودك في النهاية إلى الخلاص، ولن يعي ذلك شخص سلك لنفسه طرقاً ملتوية، ليتحرر من ذنوبه ويشعر بالتحسن؛ لذلك راقب نفسك، وسلّط نظرك عليها فحسب، وكن لنفسك المقياس للتحسين لا الآخرين.

«تأمُّل البشر يعلم الكثير».. من هذا المنطلق مضت أيام وشهور وأنا أتأمل من حولي؛ من أَخطأ ومن أصلح، ومن كان ذا أخلاق رفيعة وعديم الأخلاق، الطيب منهم والسيئ، جميعهم يشتركون في رغبة واحدة وهي «تنزيه النفس».

من يخطئ لا يرضى بداخله عن نفسه، تستيقظ بداخله النفس اللَّوامة، تُقلق أساريره، ولا يطيق نفسه، يود لو أن ينفصل عن نفسه ويُلقي بها بعيداً عنه، بعيداً عن هذا الكم الهائل من تأنيب الضمير، ولن يرضيه شيء سوى أن يتوقف عن ذنبه هذا، ولا يقوى لضعفه أن يجد منه مخرجاً، فيغرق في دوامة البؤس لوقت طويل.

يستعين بعضنا بمخارج لا أخلاقية - اختصاراً لوقته وتفادياً لمجاهدة النفس - رغبة في تكبيل نفسه اللّوامة والهروب منها بأسرع وقت. أحد هذه المخارج أن يجد رفيقاً له في ذنبه؛ فينغمس في مجتمعات تشابهه، أو أن يسلط نظره على ذنوب غيره فيصغر مع مرور الوقت ذنبه في ناظريه.

إن تسليط النظر على ذنوب الآخرين يؤدي إلى التصيّد، وبذلك يلفت نظر نفسه اللّوامة لعيوب الآخرين رغبة في إخماد غضبها. تنخدع نفسه بهذا المخرج ويظنه لجهله أنه الخلاص، لكن ما يحدث حقاً هو أنه يدخل نفسه في دوامة أكبر وأعظم من ذنبه البسيط الذي يمارسه خفية.

النظر لعيوب الآخرين لن يقلل من ذنبك شيئاً، ولن تبلغ أعلى مراحل الطهر منزلة. ما يحدث هو أنك تصبح شخصاً قادراً على ممارسة الذنوب دون تأنيب، وقد تبدأ في التلذذ بها دون أن تشعر، شيئاً فشيئاً ترى عيوب الآخرين الكبيرة، فتظل تشاهدها وتضعها عذراً لممارسة ذنب أكبر، تنغمس نفسك بذلك في مستنقع التصيّد، فتنزه نفسك من كل الذنوب، فتغتر نفسك وتوهمك أنك أفضل من الجميع، وتنشغل عن تحسينها وتهذيبها، وتتمادى لتصبح شخصاً آخر لا يصده عن الذنب شيء!


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق