فخمٌ.. تقازمت دونه الجبال - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف
سكنته محبة الجميع فسكن أفئدتهم وأحبوه.. متيّم بالوفاء والكرم والنخوة والمروءة.. مُسدي المعروف ومسدد الرأي، ومتميز بالحكمة، ومتوهج بالأصالة، ومتجلِّد بالصرامة، ومتحلي بالصراحة.. وحين وقف على مسافة واحدة من الجميع أحاطوه بالثقة والاحترام والتقدير.

بمنهجه الفطري والإنساني النبيل، وبمكانته وصدارته وصوته المسموع؛ أغلق العديد من الملفات الخلافية بين الناس بالإصلاح بينهم.. ولأنه لم يتعامل مع أنصاف الحلول أو أنصاف العقول؛ جعل مرتبة الأخلاق والإحسان قبل المال والمتاع.. له أيادٍ بيضاء سراً وعلانية.. شيخ جيل حفراسمه بوقار على الصخر.. أتحدث عن (أبي الراحل)، الوجيه الاجتماعي (محمد بن دربي العَمري)، رحمه الله، الذي تجاوز مصاب فقده أسوار داره بقريته (آل جميل بحلباء الفيحاء).

علّمني أبي كيف أتقبل حياتي بوجوده، ولكنه نسي أن يخبرني عن قسوة الحياة بعد رحيله المؤلم الذي يشعرني برحيل الأماكن وموت الأشياء؛ ولذلك أقولها في كل مجلس: حضور الأب الفخم تتقازم دونه الجبال، وفقده غير قابل للتعويض مطلقاً، وكل سطور التأبين والرّثاء وقوافي الأشعار تبقى خجولة قاصرة أمام مقام الأب.

عشت منذ موته قبل أكثر من عقدين من الزمان قسوة رحيل لم تطوِها السنون، وأمام ذلك الفقد العصي على التعافي إلى الآن رثيته بقصائد عدة، نثرتها في ديواني الشعري (مختارات من قصائد الشامخة)، مثل قصيدة مطلعها:

هَم مرافقني وحزن له سنين

وضيق يلازمني صبح وعشية

على الذي له في المواقف براهين

وتاريخ تعجز توصفه الأبجدية

اللّي فراقه عام خمسة وعشرين

ولا زالت النيران في القلب حيّة.

وأخرى مطلعها:

والله إني ما بكي إلا على اللّي توارى قبره

من رحل والحزن يغشى قلبي المنصابي

كسْر قلبي من فراقه مستحيل جبره

يعلم الله بالغياب المُر وش سوّى بي.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق