«الروبوتات» والأرحام الاصطناعية.. بين الواقع والخطر! - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف
مع تصاعد وتيرة الثورة التكنولوجية، وانتشار الذكاء الاصطناعي في شتى مجالات الحياة، تظهر لنا بين الحين والآخر ابتكارات تتحدى ما اعتدناه من القوانين الطبيعية والإنسانية.

من بين هذه الابتكارات، برزت فكرة الأرحام الاصطناعية والروبوتات الذكية، التي تسعى لتقديم حلول للمتعثرين في الإنجاب، أو لمعالجة المشكلات الصحية التي تواجه بعض النساء أثناء الحمل.

ورغم الإعجاب الكبير بالتقدم التقني في هذا المجال، تبرز تساؤلات حتمية عن تأثير هذه التقنيات على الهوية الإنسانية والنظام الأسري، وما إذا كانت ستقودنا نحو مستقبل مشوّه أخلاقيًا واجتماعيًا.

الأرحام الاصطناعية والروبوتات الذكية وُجدت لتقديم خدمات صحية واجتماعية مهمة، ومن أبرز فوائدها هي حماية الأم من المخاطر الصحية أثناء الحمل خاصة في الحالات التي يُمثل الحمل تهديدًا مباشرًا على صحة المرأة، هنا يُمكن للأرحام الاصطناعية أن تكون بديلاً آمنًا.

إلى جانب المساعدة في علاج مشكلات العقم تُوفر الأرحام الاصطناعية وسيلة للإنجاب للأزواج الذين يعانون من مشكلات صحية مستعصية تعيق الحمل الطبيعي.

كما ستساعد الخِدّمة الحفاظ على الأجنة في ظروف طبية مثالية، بمعنى يمكن أن توفر هذه التقنية بيئة خالية من الأمراض أو المخاطر التي قد يتعرض لها الجنين داخل الرحم الطبيعي.

وبرغم هذه الفوائد، فإن هذه الابتكارات تحمل في طياتها مخاطر أخلاقية واجتماعية جسيمة إذا لم تُقنّن بشكل صارم، ومن هذه المخاطر نخشى فقدان الهوية الأسرية بحيث الأرحام الاصطناعية قد تُهمّش دور الأم والأب، مما يُهدد الروابط العائلية التي تُعد أساسًا للهوية البشرية.

كما خلق أجيال بلا مشاعر أو روابط إنسانية إذا باتت الولادة عملية صناعية بحتة، قد نفقد الشعور بالارتباط الطبيعي بين الوالدين والأطفال.

ومن الطبيعي الانتقال إلى سلوكيات الحياة ومما تتعرض لها من تشويه القيم الأخلاقية قد تُستخدم هذه التقنيات لأغراض غير أخلاقية، مثل إنتاج أطفال بصفات محددة التصميم الجيني، مما يثير جدلاً كبيرًا حول مفهوم العدالة والمساواة.

كما الخوف أن يتحول الإنجاب إلى عملية تجارية قد تتحول الأرحام الاصطناعية إلى سوق تجاري تسيطر عليه الشركات، مما يجعل الإنجاب امتيازًا للنخبة.

إلى جانب تهديد التوازن المجتمعي، بحيث سيكون الجيل القادم، الذي قد يُولد في ظل هذه التقنيات، قد يعاني من مشكلات نفسية واجتماعية، نتيجة لانعدام الروابط العاطفية التي تنشأ في الأسرة التقليدية.

ولمنع الانزلاق نحو مستقبل مشوّه، لا بد من وضع ضوابط صارمة لاستخدام هذه التقنيات، تتماشى مع تشريعات دولية واضحة ويجب أن تضع الدول قوانين تحدد استخدام الأرحام الاصطناعية والروبوتات الذكية، بحيث تقتصر على الحالات الطبية الضرورية فقط، مع أهمية تواجد الرقابية الأخلاقية مع صرامة التنفيذ على أن تكون هناك لجان متخصصة لمراجعة التطبيقات الأخلاقية لهذه التقنيات، ومنع إساءة استخدامها.

لا شك أن الأرحام الاصطناعية والروبوتات الذكية تمثل قفزة نوعية في عالم التكنولوجيا الطبية، وتعد بحلول مبهرة لكثير من المشكلات المتعلقة بالإنجاب. ولكن في المقابل، يجب أن نتعامل معها بحذر شديد لتجنب عواقبها السلبية، خاصة تلك التي قد تمس القيم الإنسانية والاجتماعية.

من دون تقنين وإجراءات صارمة، قد تتحول هذه التقنيات إلى بوابة جديدة لظهور سوق سوداء لتجارة الأعضاء أو الاتجار بالبشر، حيث يُمكن استغلال الأرحام الاصطناعية لإنتاج أطفال يتم استغلالهم تجاريًا أو اجتماعيًا. لذا، المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لضمان استخدام هذه الابتكارات بشكل يخدم الإنسانية دون أن يُشوه جوهرها.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق