39 أديباً يحتفون بسيرة «أبو يعرب» في ملتقى النص - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يُسهم 39 أديباً في الاحتفاء الليلة بسيرة المؤرخ الثقافي محمد بن عبدالرزاق القشعمي، ضمن فعاليات، ملتقى قراءة النص الحادي والعشرين، الذي ينظمه النادي الأدبي الثقافي بجدة. وقدم أصدقاء ورفاق درب القشعمي شهادات مكتوبة عن (أبو يعرب) إنساناً وكاتباً، منهم الشاعر محمد العلي، الذي رأى أن القشعمي نقض مقولة بعض علماء الاجتماع (بأن التاريخ لا تنمو فيه الأقوال)، وعد القشعمي ممن حقق هذا النوع من التاريخ، الذي لا يشبهه ما عرفناه تاريخياً من الرواية الشفهية، مما لم يُلتفت إليه من الوقائع والأحداث، رغم أنه ينطوي على كثير من الأهمية، وعدم إيراد شيء أو تجاهله لا يعني الانتقاص من أهميته، بل ربما كان أثرى أهم الوقائع تواتراً وتداولاً في تاريخ الشعوب.

فيما أوضح رجل الأعمال سعيد العنقري، في شهادته، أن القشعمي أديب ومؤرخ ﻣوﺳوﻋﻲ، أثرى اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺳــﻌودﯾﺔ واﻟﻌرﺑية بأكثر من 55 ﻣؤﻟﻔًا، ووثّق اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺷﻔاهي السعودي، تسجيلاً صوتياً ومرئياً من خلال 400 ﺷﺧﺻﯾﺔ، وأرّخ ﻟﻠﺻﺣﺎﻓﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔووثّقها ﻓــﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻛﺗﺎب، ونشر عشرات اﻟﻣﻘﺎﻻت ﻓــﻲ اﻟﺻــﺣف واﻟﻣﺟــﻼت، وأﺟرﯾــت معه ﻣﺋﺎت اﻟﻠﻘﺎءات واﻟﻣﻘﺎﺑﻼت ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠــف وسائل اﻹﻋــﻼم، ونال جوائز وشهادات تكريم.

وعدّ العنقري (القشعمي) منتمياً لعروبته؛ باختيار اسم (يعرب) لابنه البكر ليغدو كنية له، مشيراً إلى أنه اختار الكنية قبل أن يتزوّج وثبّتها عندما وقعت النكسة عام 1967، وأكد أنه تربطه بالقشعمي صداقة منذ دراسته المرحلة الثانوية في الرياض، ثم أعقبتها زيارته لصديقه العنقري في جدة، والعنفري معلّم ﻣﺳﺗﺟد ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ، ومكث معه أﻛﺛر ﻣــن ﺷــﮭرﯾن بصحبة فول (اﻟﺻــﺑﺔ)، وھــو ﻋﺑــﺎرة ﻋن ﻓول وﺑﯾض ﻻ ﻧﻌرف طعامًا ﻏﯾره، وﻛذﻟك اﺟﺗﻣﺎﻋﻧﺎ ﻓﻲ اﺳﺗراﺣﺗﻲ باﻟرﯾــﺎض، وﻣﻌﻧــﺎ ﻋﺑــداﻟﻛــرﯾم اﻟﺟﮭﯾﻣــﺎن رحمه الله.

ولفت (أبو سامي) أنه لم ير من اﻟﻘﺷــﻌﻣﻲ وﻟــم يعهد عنه طيلة هذه الأعوام إلا اﻟوﻓﺎء، واﻟﺗواﺿﻊ، واﻟﻛرم وﻧﺷر المحبة ﺑﯾن الناس.

وقال العنقري: «ﻛﻠﻣﺎ زارﻧﻲ أو زرﺗه يحاول اﺳﺗﺛﺎرﺗﻲ ﻷﺗﺣدث ﻋن ﻧﻔﺳﻲ أو أدون ﺟواﻧــب من سيرة ﺣﯾﺎﺗﻲ، أو ﯾﻛﺗب ھو ﺷﯾﺋﺎ ﻋﻧﻲ، وﺣﺎوﻟت ﺻدّه واﻟﺗﮭرب ﻣﻧه ﻛﺛﯾرًا ﺑﺣﺟﺞ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ، وﻟــم تُفلح ﻗﻧﺎﻋــﺎﺗﻲ، أمام إصراره، فتكرّم ﺑﺗدوﯾن ﺑﻌض اﻷﺣداث والذكريات ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻲ».

وكشف جوانب من طفولة القشعمي في قريته، ﻋﺗﯾﻖ، اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟزﻟﻔﻲ، وخصوصا طفولته التي كابدت، اﻟﺟوع وﻗﻠــﺔ ذات اﻟﯾــد، حاله حال اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن أﺑﻧﺎء اﻟﺟزﯾرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ ذﻟك اﻟوﻗت، خصوصا إثر ما ﺷﮭده اﻟﻌالم ﻣــن ﺷــﺢ اﻟﻣــوارد اﻟﻐذاﺋﯾــﺔ أﺛﻧــﺎء اﻟﺣــرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ، وﻣﺎ ﺑﻌدھﺎ، ذﻟك اﻟطﻔل اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺗﻣﻧﻰ أن ﯾﺳــﺎﻓر أﺑــوه ﻟﻛــﻲ (ﯾﺑﻛــﻲ) ﻓﻘــط ﻷن اﻟﺑﻛــﺎء ﻣﻣﻧــوع ﻋﻠﻰ اﻟرﺟﺎل ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎﻧوا أطﻔﺎﻻً، ھﺎ ھو اﻟﯾوم ﻣﻛﺎن اﻻﺣﺗﻔﺎء واﻟﺗﻘدﯾر نظير ما قدّم ﻣــن أﻋﻣــﺎل ﺟﻠﯾﻠــﺔ ﺧــﻼل ﺣﯾﺎﺗـه، وامتدادًا لتقديرات وتكريميات سابقه، أهمها جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز عام ٢٠٠٦ ﻋن ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻛﺗﺎﺑﺎت عنونها «ﻣﻌﺗﻣدو اﻟﻣﻠك ﻋﺑداﻟﻌزﯾز ووﻛــﻼؤه ﻓــﻲ اﻟﺧــﺎرج»، مثمناً مبادرة نادي جدة الأدبي الثقافي لتكريم شخصية وطنية تستحق التكريم والاحتفاء.

فيما عدّ نائب وزير العمل السابق الدكتور عبدالواحد الحميد.. القشعمي ظاهرة، وقال في شهادته، عندما ألتقِي محمد القشعمي ويأخذنا الحديث في قضايا الثقافة والصحافة والرموز الفكرية السعودية والعربية تحضر مباشرةً إلى ذهني صورة الباحث النموذجي المتبتل في محراب الفكر والثقافة والعلم، تلك الصورة التي تشكلت في أذهاننا عن نماذج تاريخية ومعاصرة من أدباء ومفكرين ومبدعين وعلماء قرأنا عنهم أو تعرفنا عليهم نذروا حياتهم للفكر والثقافة وزهدوا في حطام الدنيا وأنفقوا ما يملكون من مال قليل أو كثير على الكتب والتأليف بدلاً من جمع المال والاستمتاع بالمباهج والمغريات المادية، مؤكداً أن (أبو يعرب) واحدٌ من هؤلاء، و«ظاهرة» لافتة حقاً في زمننا الذي طغت عليه ماديات هذا العصر. رجلٌ منح كل وقته وجهده للكتابةِ والتوثيقِ ونبْشِ كنوز ما تخفيه الأضابير والملفات الغارقة في عتمة الماضي القريب والبعيد من تاريخنا الأدبي والثقافي والاجتماعي. رجلٌ جعل همه استنقاذ ما لَفَّه النسيان أو الإهمال من معلومات عن شخصياتٍ مُنجِزةٍ نال بعضُها شهرة عريضة وغاب عن بعضها وهجُ الإعلام، فأزاح الستار عن إنجازات وسِيَر مئات الشخصيات ممن أسهموا في صناعة تاريخ الحراك التنموي والثقافي في مناطق المملكة كافة.

فيما عدّ أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية بالقاهرة الدكتور حمد العقلا، القشعمي شغوفاً بالحب والانتماء للوطن والتاريخ والأدب والفنون والرياضة يجعله شخصية محورية في الساحة الثقافية. فمعرفته الواسعة وعلاقاته المتنوعة تعكس مدى تأثيره في المجتمع الأدبي، حيث يمتد تواصله عبر جغرافيا العالم العربي الواسعة.

وذهب إلى أن التعرف على (أبو يعرب) بمثابة اكتساب كنز من المعرفة، إذ يتمكن كل من يلتقي به أو يتعلم منه من الاستفادة من تجربته الغنية ورؤاه العميقة.

وذهب إلى أن القشعمي منجم علاقاتي، متحضّر ومتجذّر، والكل يقدره ويحترمه ويجّله، ناهيك عن أن الشخصية القشعمية لها شجونها الخاصة، فهو يتخاطب مع الجميع بروح مرحة وتلقائية وعندما يتحدّث أو يداخل في أمرٍ ما تجده يكشف أمور يربطها بمعطيات تاريخية قديمة ويضفي على طرحه للأحداث المرتبطة بذلك الموضوع ويسرد لك كل الشخصيات القريبة من ذلك الحدث أو الموضوع، فهو سريع البديهة وعميق التذكر لمسائل كُثر مما يجبر المستمع إلى الإصغاء بعمق.

فيما عدّ الكاتب سهم بن ضاوي الدعجاني (أبو يعرب) مسكوناً بالكتابة عن «أدباء الظل»، ومهجوساً برصد «البدايات»، كل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، من خلال تواصله الفعال مع الصحف والمجلات و الدوريات الثقافية المحلية والإقليمية والعربية، على مدار الأعوام الماضية، لما يتمتع به من صلات فكرية واسعة مع جميع ألوان الطيف الفكري داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى علاقاته الفاعلة مع رؤساء التحرير ومسؤولي الأقسام الثقافية في الصحف والمجلات المحلية، مما زاد من مساحة حضوره الثقافي مع جميع المهتمين بالشأن الثقافي على المستويين المحلي والعربي.

وكتب الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي، حضور القشعمي ممتدٌ من النفود إلى الأخدود داخل الوطن، وبين اليابسة والماء خارجه، وليته يكثر ويتكاثر، فأمثاله في الوسط الثقافي العربي نادرون، وأضاف، تقابله في الرياض صباحًا، وعصرًا ستجده في جدة، أما المساء ففي الأحساء، ومن الغد سيحدثك من حائل، وإذ تُبلغه عن مناسبةٍ في الجوف أو نجران أو الدمام أو الطائف فلن تُفاجأَ بوجوده في مقدّمة الحاضرين، والمفاجأة الأكبر أنه في تنقلاته وتواصلاته غير معني بالهاتف المحمول الذي لم يلتزم به إلا متأخرًا؛ فالسفر لديه كالماء لا يُثقله ولا ينوء بأعبائه، بعضُه وفاء وفي أخرى انتماء، وأكثرها لأهدافٍ معرفية بحثيةٍ.

وقال الناشر عبدالرحيم مطلق الأحمدي: «كثير من الكتاب من يتردد ويراقب ردود الفعل حول ما يكتب، فيتلف التردد طرحه، ويشتت أفكاره ويذهب وهج ما يكتب، مؤكداً أن تلك الحالة كثيراً ما يقع فيها، فالفكرة تخطر بالذهن فجأة وكثيراً ما يذهب بريقها ومضمونها عندما يتردد الكاتب ويُخضع الخاطرة للتقويم الذي يجريه على طرحه بعد تجاوز زمن الباعث على ظهور الفكرة. فيما (أبو يعرب) بريء من نزعات الإثارة، ويراه الصديق الصدوق الذي عشق الكتابة عندما نضج فكره، وتجاوز مراحل التهور، مرتاداً مجال الكتابة الأدبية الذي برع فيه من سيرة ذاتية، ومعرفة تاريخية، وخصوصا ما يتصل بمعرفة الرجال التي أثراها بما يبدع من تعريف بها تعريفا يعجز عنه كثير من الكتاب».

وتساءل القاص محمد علي قدس.. من يكتب سيرة الباحث القشعمي ويوثقها، ويعدّه موسوعة الأدباء موثق بداياتهم وكاتب سيرهم، فمن ذا الذي يستطيع وفاء هذا الكاتب الرائد ويكتب سيرته بشغف وحماس كما كتبها لأدبائنا، وقد حفظ تاريخهم، ووثق مؤلفاتهم، وحقق في تاريخ بداياتهم وتحولاتهم، موضحاً أن جهوده الحثيثة، أثمرت تسجيل الكثير من اللقاءات مع الأدباء الرواد ومنهم: حسين عرب، محمد حسين زيدان، عزيز ضياء، محمود عارف، محمد حسن فقي، عبدالفتاح أبو مدين، عبد الله عبد الجبار، حسين سرحان، وحسين سراج، وغيرهم.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق