تجارة السعادة بين تطوير الذات والتكرار - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف
ما يبدو لافتاً في الآونة الأخيرة التخمة في رفوف كتب تطوير الذات وإسعاد النفس والتعايش مع الحياة وتقبل الواقع، مؤلفات تزاحم المكتبات في عناوين براقة وأفكار بدهية مكررة يتفنن أصحابها في صياغتها.

لقد أصبحت الكتابة تجارة، إذ استخدم البعض الألم وحولوه إلى نتاج فكري لزيادة عدد المنشورات وتسلق سلم النجاح. فالناقد وعالم الاجتماع «سلافوي جيجيك» قال: «أحتقر هذه النوعية من الكتب التي تخبرك كيف تعيش! كيف تجعل نفسك سعيداً، بعض الفلاسفة ليست لديهم أخبار جيدة لك عن هذا العالم، يجب أن تصدق أن المهمة الأولى لهم هي جعلك تفهم عمق القرف الذي تعيشه». وفي ذلك وجهة نظر متباينة، فجزء مما يقوله «جيجك» قد يكون حقيقة تظهر في أولئك الذين ارتادوا تلك الدورات التدريبية السريعة ووصفوا أنفسهم بـ«life coach» يطرحون تجارب وآراءً مكررة ومخلوطة بأفكار شخصية يبثونها عبر تلك الكتب. ولكن البدهي والطبيعي أن لكل إنسان حالة وحياة مختلفة عن الآخر، وكل إنسان يفلسف الأمور بما يناسبه ويعيشه وعليه يختلف اختياره لنوعية هذه الكتب، وعليه التمييز بين الغث والسمين.

ما جعل الأمر مقلقاً، تهافت فئة من المراهقين لقراءة هذه النوعية من الكتب وأخذها كمرجع، في ظنهم أنها تمتلك الحلول لمشاكل المرحلة العمرية الطبيعية التي يعيشونها دون وجود مرجعية وجذور ثابتة.

وما يجب فهمه، أن الحياة تقاس من وجهة نظر كل شخص حسب اتجاه تفكيره وبيئته وظروفه، وحسب الحالة التي يمر بها، إذ يجب مراعاة عوامل مختلفة قبل الرجوع إلى هذه الكتب، ويجب التمسك بالقواعد الثابتة وإرجاع الأمور إلى أساسيات أخلاقية ومجتمعية تتناسب مع ظروف كل شخص واستنباط الحلول بما يتواءم معها.

أخيراً:

اختم حديثي ببيت للشاعر العربي من العصر العباسي بشار بن برد:

أَعمى يَقودُ بَصيراً لا أَباً لَكُمُ

قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ

alaachemist4@


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق