سأعود إلى الوراء طويلاً لأتذكر صورة ما زالت عالقة في ذاكرتي. في منتصف سبعينات القرن الماضي وبعد أن أصبحت المجلات والصحف المصرية تصل إلى المملكة، قامت إحدى المجلات بحوار مع الملك سلمان بن عبدالعزيز حين كان أميراً -آنذاك- خلال زيارة خاصة لمصر، تحدث فيها بحميمية كبيرة عن علاقته الشخصية وعلاقة المملكة بمصر، وكانت الصورة له مع أنجاله.
في شهر أبريل 2016 خلال الزيارة التأريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر، أتذكر مشهداً يعرف من يتأمله مدى حبه لمصر. أقام السفير السعودي حفل غداء على شرف الضيف الكبير في مقره المطل على النيل، وبعد الغداء خرج الملك سلمان إلى التراس ووقف برهة يتأمل النهر الخالد ويجول ببصره بين السماء والنهر والمعالم التي تقع على ضفته. المتأمل له في تلك اللحظة يدرك ماهية العلاقة الروحية الخاصة التي تربطه بمصر، شعباً وتأريخاً وحضارةً. أما إذا ما عدنا إلى زمن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- فلا بد أن نسترجع زيارته التأريخية لمصر التي ما زالت تفاصيلها خالدة في ذاكرة البلدين، ونسترجع أيضاً تأكيده لأبنائه على أهمية العلاقات مع مصر والحرص على أن تكون وثيقة دائماً، وهذا ما فعله أبناؤه الملوك من بعده إلى الآن.
الشعور الحميم الدافئ والصادق الذي تحدث به الأمير عبدالعزيز بن سلمان هو شعور كل سعودي تجاه أرض الكنانة وشعبها، وهو ترجمة للعلاقات الأخوية التأريخية الوثيقة بين الشعبين والقيادتين. إنها علاقة أقوى من أي محاولات للتأثير عليها. السعوديون يعيشون في مصر وكأنهم في وطنهم، ونفس الشيء ينطبق على المصريين في المملكة، وعلى مستوى التعاون والتنسيق فإن البرامج التي تنفذ في هذا الإطار تسير بنجاح، وهناك حرص من البلدين على زيادتها وتطويرها.
ومهما قلنا عن طبيعة العلاقات بين المملكة ومصر فلن نحيط بكل تفاصيلها ولن نفيها حقها من الوصف، هي أكبر من الكلمات، وما كنا لنتحدث عنها لولا أن الأمير عبدالعزيز بن سلمان لامس القلوب بكلماته العفوية وجعلنا نشاركه في مشاعره تجاه مصر.
0 تعليق