في مرحلة عصيبة من تاريخ الأُمَّة، وتغوُّل البعض على الحقوق الوطنيَّة للاخرين، يبقى يوم التأسيس السعودي عالقًا في الأذهان، بما يقدِّمه من دروس وعبر في الوعى بالهويَّة الوطنيَّة، والشعور الجمعي بالفخر والانتماء للوطن، والمحافظة على إنجازاته الممتدة عبر العصور. هكذا تقاطرت الكلمات نديَّةً واضحةً جليَّةً على لسان أبناء الوطن في هذه المناسبة العطرة. في البداية يؤكِّد الباحث الاجتماعي عبدالرحمن القراش، أنَّ الشعوب والأمم عبر التاريخ تمتلك محطَّات بارزة في ذاكرتها، تعزِّز حياة الأجيال، من خلال الفخر والاعتزاز، واستذكار بطولات الأجداد التي كانت درعًا للكرامة، وأساسًا للبناء والتطوُّر. وتتمتَّع السعوديَّة بسجل مشرِّف في تاريخ العالم؛ ممَّا يجعلها تستحق الاحتفال بيوم التأسيس. ولا شكَّ أنَّ الرسالة الأهم التي يجب أنْ نغرسها في عقول أبنائنا، هي الوعي بالهويَّة الوطنيَّة، من خلال تجسيدها بما يتناسب مع قيمتها، وإظهار مشاعر الولاء والاعتزاز بما حققه الأجداد من إنجازات عظيمة، سطَّرها التاريخ بأحرف من نور. ولا يمكن تحقيق ذلك إلَّا من خلال العمل المستمر، والسعي الجاد للحفاظ عليها، والدفاع عنها. تلاحم أبناء الوطن وأشارت الاستشاريَّة النفسيَّة الدكتورة ندى الأطرش، إلى أنَّ يوم التأسيس يمثِّل محطَّة تاريخيَّة بارزة، تعكس الجذور العميقة للمملكة. وأضافت: إنَّ تعزيز قيم الولاء والانتماء للوطن يبدأ من الأسرة، والمؤسسات التعليميَّة، والمجتمع بشكل عام، وذلك من خلال التوعية بتاريخ الوطن، وتعزيز الفهم حول تاريخ المملكة، وما حقَّقته من إنجازات وأمجاد؛ ممَّا يسهم في تمكين الأجيال من إدراك الجهود التي بُذلت في تأسيس الوطن وتطويره. ودعت د. الأطرش إلى تكريم الجهود التي بُذلت، من أجل توحيد الدولة، وتحقيق استقرارها، والتأكيد على تلاحم أبناء الوطن ووحدتهم، رغم التحدِّيات التي واجهتهم، والاحتفاء بالثقافة والتقاليد السعوديَّة، بما في ذلك الزي الوطني، والموروثات الشعبيَّة، والتأكيد على الاستمراريَّة والتنمية. وأوضح الخبير الاستشاري والتعليمي والتربوي الدكتور محمد العامري، أنَّ دورنا يكمن في تعزيز حب الوطن في نفوس الأبناء. ويشير إلى أنَّ الإسلام يعتبر العواطف والمشاعر تجاه الوطن أمرًا فطريًّا وغريزيًّا، وهو ما يتماشى مع العقيدة الإسلاميَّة الصَّحيحة، حيث لا يمكن أنْ يقوم هذا الدِّين إلَّا على أرض ووطن. كما أنَّ المواطنة لا تقتصر على الحب الفطريِّ للوطن والحنين إليه، بل تتجاوز ذلك لتشمل المشاركة الفعَّالة في جهود إصلاح المجتمع، والحفاظ على سلامته، ورفع شأنه، وضمان أمنه، والتضحية من أجل الدفاع عنه. ويظهر الارتباط العاطفي بالوطن وأهميته للإنسان من خلال ما ورد في القرآن الكريم، حيث اعتبر إخراج الإنسان من وطنه بمثابة القتل، كما قال الله تعالى: «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا». وفي هذا الصدد، يجب توعية الأبناء بالمشكلات والتحدِّيات التي تواجه وطنهم، وتحفيزهم على تحمُّل المسؤوليَّة في مواجهتها، والسعي لإيجاد حلول فعَّالة من خلال التعاون مع التأكيد على حقهم في المساواة الاجتماعيَّة، وتوفير الفرص المتكافئة، وتعزيز القدرة على فهم الأحداث الجارية في الوطن بشكل صحيح، وتنمية الرُّؤية النقديَّة تجاه ما تنشره الصحف والمجلات وما تبثه، ويجب تنمية حريَّة التعبير عن الرَّأي، وقبول وجهات النظر المختلفة؛ ممَّا يعزِّز ثقة الأبناء بأنفسهم من خلال احترام آرائهم، وعدم التقليل من شأنها، وتنمية القدرة على إصدار أحكام موضوعيَّة حول الأمور دون تحيُّز. ويُحذِّر العامري، الأبناء من الأفكار السلبيَّة التي يروِّجها البعض عبر وسائل الإعلام المختلفة، والتي قد تؤثِّر سلبًا على الوحدة الوطنيَّة والانتماء الوطني في نفوسهم. كما يعكس هذا اليوم الفخر بما حقَّقته الدولة من وحدة واستقرار وأمن، وصمود الدولة السعوديَّة الأُولى في مواجهة التحدِّيات. الوطن يحتضن الشعب وأشارت المستشارة الأسريَّة والاجتماعيَّة دعاء سامي زهران، إلى حب الوطن، الذي احتضن الشعب، وقدَّم له الأمان من جميع جوانبه، وقد وصلنا إلى العالميَّة، بعدما تميَّزت سيدات ورجال من شعبنا، وأبدعوا في شغل مناصب قياديَّة على مستوى العالم. وأعربت زهران، عن اعتزازها بيوم التأسيس، والجهود التي بذلتها الأجيال السابقة من أجل تحقيق الوحدة الوطنيَّة، والتقدُّم في بلادنا، ودعت إلى إعادة إحياء تراثنا، وعلم أجدادنا وقادتنا، من خلال المدارس والقطاعات والجهات الحكوميَّة. وأشار صالح معيض العيسي، المستشار الأُسري والتربوي، إلى أنَّ يوم التأسيس يمثِّل مناسبة ثمينة تجدِّد مشاعر الفخر والانتماء للوطن، وتذكِّرنا بتضحيات الأجداد، وإنجازات الحاضر، وطموحات المستقبل. وأشار العيسي إلى أنَّ من أبرز دلالات الاحتفاء بيوم التأسيس هو استذكار تاريخ تأسيس الدولة السعوديَّة الأُولى؛ ممَّا يعزِّز الربط بين الأجيال الحالية وجذورها التاريخيَّة. كما يساهم هذا الاحتفاء في التأكيد على القيم الوطنيَّة الرَّاسخة مثل الوحدة والتلاحم والانتماء، ويعزِّز الفخر بالهويَّة السعوديَّة، والموروث الثقافي والتاريخي. كما يبرز الجهود التي بذلها القادة في بناء الدولة واستقرارها، ويعمل على توحيد المجتمع حول مبادئ الولاء والانتماء. دور محوري للمملكة ومن جهته أشار الدكتور منصور بن صالح الدهيمان، استشاري علاج زواجي وأسري، إلى أنَّ يوم التأسيس السعودي يمثِّل ذكرى تعيد تشكيل المستقبل. وقال: إن الوطن ليس مجرَّد مساحة جغرافيَّة، بل هو تجسيد للهويَّة والتاريخ والمستقبل. ويعتبر تعزيز هذه القيم أساسًا لاستقرار المجتمع وتطوُّره. ويتم ذلك من خلال عدة محاور رئيسة أبرزها الأسرة، ووسائل التواصل الاجتماعي، ودعم المهرجانات الوطنيَّة، وتشجيع الأدب المحلي، والاحتفاء بالتراث الثقافي، كما يلعب الدِّين دورًا أساسًا في نسيج المجتمع، حيث يسهم في تعزيز القيم الأخلاقيَّة مثل الصدق والولاء واحترام الأنظمة، ممَّا يعزِّز التماسك الاجتماعي. كما يُعدُّ هذا اليوم تكريمًا لتضحيات القادة الذين ساهموا في تأسيس الدولة السعوديَّة واستمرارها، وصولًا إلى القيادة الحالية التي تواصل تعزيز مكانة المملكة على الساحة العالميَّة. ويجسِّد يوم التأسيس الدور الحضاري للسعوديَّة، حيث يبرز مكانتها كدولة محوريَّة في العالمين العربي والإسلامي، ويؤكد على دورها التاريخي في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي.
يوم التأسيس.. وعي بتحدِّيات المرحلة والهوية الوطنية - ستاد العرب

يوم التأسيس.. وعي بتحدِّيات المرحلة والهوية الوطنية - ستاد العرب
0 تعليق