وتزامن قيام الدولة السعوديَّة الأُولى مع تولِّي الإمام محمد بن سعود الحُكم في الدرعيَّة، ونمو الدولة السعوديَّة في وقت مبكِّر، حيث استطاع إقناع البلدات المجاورة، والقبائل بالانضمام للدَّولة، واتَّسع نطاقها الجغرافيُّ إلى قرى ومناطق عدَّة في نجد واليمامة.
واستطاع الأئمة الأربعة، أنْ يقودوا الدولة إلى توحيد الحجاز غربًا، وساحل الخليج العربي، وساحل عُمان شرقًا، ويصلوا إلى العراق شمالًا، واليمن جنوبًا، وبذلك كوَّنوا أوَّل دولة عربيَّة امتدَّت على معظم أرجاء الجزيرة العربيَّة، واستمرَّ حُكم الدولة السعوديَّة تحت قيادتهم لأكثر من تسعة عقود.وكان لكلِّ عهد من عهود الائمة في الدولة السعوديَّة الأُولى ما يميِّزه، إذ تميَّز حُكم الإمام محمد بن سعود بترسيخ دعائم الاستقرار، واستقطاب الحلفاء، والبلدات المجاورة، إلَّا أنَّ نجله عبدالعزيز ركَّز على سياسة توحيد مناطق شبه الجزيرة العربيَّة، وعمل على إقامة حُكم الدولة السعوديَّة فيها، أمَّا الإمام سعود بن عبدالعزيز، فقد سعى لإكمال جهود والده في التوسُّع فتجاوز حدود العراق، ووصل إلى الشَّام، وكانت مهمَّة الإمام عبدالله، التي قام بها هي صدّ حملات الغزاة العثمانيِّين ومواجهتهم.
وُلد محمد بن سعود في الدرعيَّة عام 1090هـ/1679م، ونشأ وترعرع فيها، واكتسب خبرةً من التجارب التي خاضها حينما عمل إلى جانب والده وجدِّه أثناء تولِّيهما الإمارة، وبدأ تأسيس الدَّولة وعمره 49 سنةً، منطلقًا من الدرعيَّة التي حكمها ما بين 1139-1179هـ/1727-1765م، وقد مثَّل تأسيس الدولة السعوديَّة الأُولى بداية عصر جديد في تاريخ الجزيرة العربيَّة.
وأدَّت السياسة التي اتَّبعها الإمام، إلى دعم نمو الدولة السعوديَّة في وقت مبكِّر، ويُعدُّ الإمام محمد بن سعود أحد مؤسِّسي الدول البارزين في تاريخ الجزيرة العربيَّة ومحيطها، ويعود السَّبب في ذلك إلى إرثه السياسيِّ والدبلوماسيِّ، إذ أسَّس لدولةٍ عريقةٍ استمرَّت، رغم انتهائها في مرحلتين من تاريخها وعودتها، حيث جاءت الدولة السعوديَّة الثَّانية، ثمَّ المملكة العربيَّة السعوديَّة.
ونَقَلَ الإمام محمد بن سعود الدرعيَّة من الضَّعف والانقسام، إلى توحيدها واستقلالها السياسيِّ.
وحالف النجاح الإمام محمد بن سعود في توحيد كثيرٍ من المدن والبلدات من سيطرة ونفوذ القوات المعادية لمشروع الدولة، وكلَّفه ذلك حياة ابنيه (فيصل، وسعود) في المعارك، وبعد 40 عامًا قضاها في الحُكم، تُوفِّي نهاية ربيع الأول عام 1179هـ/1765م، وتولَّى الحكم من بعده، ولي عهده نجله عبدالعزيز.

الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود
خَلفَ الإمام محمد بن سعود في الحُكم، ابنه عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وأصبح عبدالعزيز ثانِي حكَّام الدولة السعوديَّة الأُولى، وفي عهده امتدَّت حدود الدولة من الخليج العربيِّ إلى البحر الأحمر، واستطاع تحرير وتوحيد أغلب مناطق الجزيرة العربيَّة، وأخضعها الى حُكمه، وظلَّ الإمام عبدالعزيز قائدًا لجيوش الدولة طوال 25 عامًا، منذ بدء قتال أعداء الدولة السعوديَّة الأُولى عام 1159هـ/1746م، واستطاع ضمَّ الرياض ضمن حدود الدولة 1187هـ - 1773م، دون قتال.
واستطاع الإمام عبدالعزيز -خلال سنوات حُكمه- أنْ يتغلَّب على حملات العثمانيِّين، وحكَّام الأحساء، والحجاز، ونجران، وحكَّام مسقط، ومضى في بناء الدولة، كما تمكَّن من تحرير جميع أقاليم نجد، وإقليمي الأحساء والقطيف، وكثير من المناطق في شرقي الجزيرة العربيَّة، إضافة إلى المناطق الجنوبيَّة عسير ونجران وجازان، وأجزاء من منطقة الحجاز.
الإمام سعود بن عبدالعزيز
وُلدَ الإمام سعود بن عبدالعزيز في الدرعيَّة عام 1161هـ - 1748م، وتولَّى قيادة جيوش والده الإمام عبدالعزيز نحو 36 عامًا من ولايته، واستطاع مدَّ نفوذ الدولة السعوديَّة إلى جنوب غربي العراق، وجنوب الشَّام.
ويُعدُّ الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ثالث حكَّام الدولة السعوديَّة الأُولى، وبُويع بالحُكم عام 1218هـ - 1803م، ويُلقّب بـ»سعود الكبير» لبلوغ الدولة أقصى اتِّساعها وقوَّتها في عهده.
وزادت موارد الدولة في عهد الإمام سعود، وكسا الكعبة 7 مرَّات، وأمَّن طُرق الحرمين الشَّريفين، وكانت وفاة الإمام سعود ليلة الاثنين الحادي عشر من جمادى الأُولى 1229هـ - 1814م.

الإمام عبدالله بن سعود
الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز، هو آخر حكَّام الدولة السعوديَّة الأُولى، ورابع أئمتها، وُلدَ في الدرعيَّة عام 1185هـ - 1771م، واشتهر بالشَّجاعة، وأتقن الفروسيَّة في سن صغيرة، واستطاع ترويض الخيول وركوبها في الخامسة من عمره، تولَّى الحُكم عام 1229هـ - 1814م، وهو ابن حفيد مؤسِّس الدولة السعوديَّة الأُولى.
وقد وُصف الإمام عبدالله بن سعود بأنَّه يتفوَّق على العلماء أنفسهم في الفقه، وكان بليغًا ذكيًّا، متواضعًا.
0 تعليق