ذكرى التأسيس.. بناءٌ وتكريس - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف
إذا كان اليوم الوطني هو اليوم الذي نحتفل فيه بمناسبة إعلان قيام المملكة العربية السعودية، فإن يوم التأسيس هو اليوم الذي وضعت فيه اللبنة الأولى لإقامة المملكة على يد الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، ولم يكن يدرك يومها أن مشروعه الديني والوطني والقومي سيمتد لقرون من السنوات وعقود من الزمان ستكون كعقد من اللؤلؤ والمرجان على جبين التاريخ العربي والإسلامي والدولي بشكل عام.

إن إعلان احتفالية هذا اليوم هي بمثابة الإنصاف، وإعادة الذاكرة للحظة الحقيقية التي نشأت فيها الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، فاليوم الوطني على يد المؤسس للدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، كان تتويجاً لتلك اللبنة التي وضعها الإمام محمد بن سعود.

ثلاثة قرون مضت منذ تلك اللحظة التاريخية التي كانت الخطوة الأولى لتغيير خارطة العالم وعلى وجه الخصوص الجزيرة العربية، فالقبائل التي كانت مفرقة تحكمها الأعراف والعادات والتقاليد وتتناحر فيما بينها، باتت تحت حكم الدولة التي جعلت الشريعة الإسلامية مصدراً وحيداً لدستورها ولقوانينها، وملك يسعى لبناء دولة قوية قادرة على الصمود في وجه المخاطر والتحديات، وكأنه كان على ثقة تامة بأن مشروعه لن يفنى، فالمشاريع العملاقة تبقى في أذهان الأجيال جيلاً بعد جيل، ويبقى العظماء وحدهم من يستطيعون التحكم والسيطرة حينما يفقد الناس صوابهم وتتداعى عليهم المخاطر من كل جانب.

إن هذا اليوم العظيم يختزل تاريخاً من الذكريات والمعارك الفكرية والقتالية التي خاضها الإمام محمد بن سعود والرجال العظماء الذين وقفوا إلى جانبه وساندوه وعلموا أنه رجل الساعة والمرحلة الذي يستحق أن تلتف الناس حوله، وأن تعينه وتقف بجانبه، لأن مشروعه الإحيائي جاء كإنقاذ لمنطقة الجزيرة العربية التي بات بعض سكانها آنذاك يرون للقبور والأصنام تعظيماً لا يقل أهمية عن عبادة الجاهلية الأولى.

ومع علو همته وسمو قامته وطموح مشروعه الديني والقومي والوطني، إلا أنه لم يكن يدر بخلده أن تلك اللبنة التي وضعها وسعى في بنائها ستنمو جيلاً بعد جيل وزمناً بعد زمن، وستصبح قوة ضاربة في العالم، لا يستهان بها، ويحترمها العدو قبل الصديق، بل ستصل إلى أن تصبح قوة مؤثرة في المنطقة العربية والعالم بأسره، حتى باتت تعرف بالسعودية العظمى في أوساط إعلامية عربية ودولية.

أخبار ذات صلة

 

إن تاريخ الأمم لا يبنى بين يوم وليلة، وإنما يأخذ قروناً وعقوداً من السنوات، ولكن يبقى قياس نجاح تلك المشاريع هي الثمرة التي وصلت إليها تلك الأمة، وإن المملكة وبما تشهده في الوقت الحاضر من نهضة علمية وعملية واقتصادية وتنموية جعلت الجميع يندهشون مما وصلت إليه، ولعل الجميع أدرك تلك القوة في أعتى محنة مر بها العالم في القرن الواحد والعشرين وهو (وباء كورونا) الذي عانت بسببه دول متقدمة جداً كالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، إلا أن المملكة استطاعت تجاوز تلك المحنة، من خلال الأنظمة التي استحدثتها والإمكانيات التي سخّرتها حتى مرت تلك المحنة على المملكة ومواطنيها والمقيمين فيها مرور الكرام، وكأن شيئاً لم يحدث.

إن مشوار الألف خطوة يبدأ بميل، والغيث حينما ينهمر يبدأ بقطرة، والقلاح المحصنة العتية تبدأ بحجر، وكذلك المملكة بدأت بفكرة إمام مجدد، علم أن القوة والملك هما سبيلان لنصرة الإسلام، وإحياء تراثه المجيد الذي كاد أن يندثر فبدأ بفكرة طامحة، نمت وازدهرت وترعرعت على أيدي أبنائه الذين لم يتركوا إرث أبيهم يضيع سدى، فتمخضت تلك اللبنة عن بناء حصين يرفرف على جبينه علم التوحيد وبات يكتب بماء الذهب يعلمه الناس جميعاً باسم المملكة العربية السعودية.

حفظ الله المملكة ومليكها وولي عهدها ورجال أمنها وشعبها والمقيمين فيها.

مهتم بنشر الثقافة القانونية والكتب التاريخية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق