ولمقام إبراهيم عليه السلام مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي، إذ ذُكر مرتان في القرآن الكريم في سورتي البقرة وآل عمران، وهو الموضع الذي قام عليه النبي إبراهيم عليه السلام عند رفع قواعد الكعبة المشرفة، حتى غاصت قدماه الشريفتان في الحجر وبقيت آثارهما فيه، وقد أمر الله تعالى المسلمين باتخاذه موضعًا للصلاة، حيث يؤدون ركعتين خلفه اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد الطواف.
وظل مقام إبراهيم دون غطاء خارجي حتى عام 161هـ (777م)، عندما أمر الخليفة العباسي المهدي بتغطيته برقائق من الذهب بعد تعرض الحجر لتآكل. ومنذ ذلك الحين، شهد المقام عدة عمليات ترميم وتجديد على مر العصور. وفي عام 810هـ (1407م)، أُدخل المقام داخل مقصورة منفصلة ذات سقف هرمي، تضم قسمين: الأول مدعوم بعمودين ويُتَّخَذ كمكانٍ للصلاة، بينما احتوى الآخر في جهة القبلة على المقام، محاطًا بغطاء حديدي تعلوه قبّة. وغُطّي الغلاف الحديدي بكسوة خاصة خلال الفترة اللاحقة.وفي العصر الحديث، وحرصًا على تسهيل حركة الطائفين وتخفيف الازدحام، أمر الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، بإزالة المقصورة عام 1384هـ (1965م)، ونُفّذ ذلك في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - .
وصُمّم غطاء بلوري على شكل قبة لحماية الحجر وتيسير رؤيته، ووُضع فوقه هذا البناء، وهو شبك من الحديد المُذهَّب تُتوِّجه قبّة وهلال وكُشف عنه عام 1387هـ (1967م).
وفي عام 1418هـ (1998م)، أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، بتغيير الغلاف الحديدي إلى آخر من النحاس المطلي، وهو الغلاف الذي لا يزال مستخدمًا حتى اليوم، حيث استُبدل الهيكل المعدني بآخر عالي الجودة من النحاس، وأضيف شبك داخلي مطلي بالذهب. كما تم استبدال القاعدة الخرسانية بقاعدة من رخام كرارة الأبيض المحلى بالجرانيت الأخضر، ليحاكي رخام الحِجِر. وصُمم الغطاء البلوري على شكل قبة نصف كروية بوزن 1.750 كجم، وارتفاع 1.30 متر، وقطر 40 سم من الأسفل، وسمك 20 سم، بينما يبلغ قطره الخارجي من الأسفل 80 سم، ومحيط دائرته 2.51 متر.
ويُبرز هذا البناء التاريخي في البينالي كرمز للعناية المستمرة بالمقدسات الإسلامية، حيث يتيح للزوار فرصة التأمل في مجموعة مقتنيات تُعرض لأول مرة خارج مكة المكرمة والمدينة المنورة، ما يجعل من بينالي الفنون الإسلامية منصة ثقافية فريدة تجمع بين الفن والإيمان.
ويستمر بينالي الفنون الإسلامية 2025 حتى 25 مايو 2025، ليبقى شاهدًا على عمق الإرث الإسلامي وتاريخه العريق، جامعًا بين الماضي والحاضر في تجربة بصرية ملهمة تستحق أن تُروى للأجيال القادمة.
0 تعليق