أكد مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير طارق البناي، أن الدفع بعجلة البحث والتعرف على الرفات في ملف الأسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية يتطلب رغبة حقيقية من خلال ترجمة الأقوال إلى أفعال ملموسة بعيدًا عن المماطلة والتسويف. جاء ذلك في كلمة ألقاها السفير البناي مساء أمس الجمعة أمام جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي لمناقشة الحالة في العراق.
وقال البناي إن التقرير الـ 41 للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المتعلق بالملف أظهر قصة إنسانية أليمة تعود إلى تسعينيات القرن العشرين، شردت بواقع تجربتها المريرة ذوي الأسر وفرقت 602 مفقود، مشيرًا إلى أن جهود البحث والتعرف على رفات الـ 308 المفقودين المتبقين لا تزال حاضرة.
وشدد في هذا المجال على أهمية المتابعة الأممية الحثيثة للنشاط الميداني للأطراف المعنية، بالإضافة إلى عنصر الشفافية في إيضاح الصورة بواقعها الحقيقي عبر التقارير الدورية للأمين العام، التي تأتي في مقدمة جهودنا المشتركة.
وذكر "لا يخفى على الجميع وبالأخص بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكذلك الدول الأعضاء في اللجنتين الثلاثية والفنية الفرعية المنبثقة عنها - المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والعراق والكويت - حجم التباطؤ القائم على أرض الواقع" فيما يتعلق بالملف. ونبّه مندوب الكويت إلى أن أي تماطل أو تردد من المؤكد أنه سيعرقل سير تقدم هذا الملف، لافتًا إلى أن محاضر الاجتماعات الأخيرة في اللجنتين تعكس بوضوح هذا التباطؤ وتعنت البعض.
وأضاف أن ذوي الأسرى والمفقودين لهم الحق علينا بأن نعمل بصدق وإخلاص لدفع وتيرة عمليات البحث وتسريعها بما يسهم في تخفيف معاناتهم ويقربهم من الحقيقة التي طال انتظارها.
وحول إنهاء أعمال بعثة (يونامي) أواخر العام المقبل، قال البناي إن ما يعني دولة الكويت يكمن أولًا في إيجاد آلية أممية تدفع بهذا المسار بطريقة فاعلة وصولًا للتعرف على رفات آخر مفقود واستعادة الممتلكات الكويتية المفقودة كافة، بما في ذلك الأرشيف الوطني. وحث الأمم المتحدة على أن تعاود العمل على تعيين منسق رفيع المستوى معني بالملف، لافتًا إلى أن هذه الآلية الأممية مكنت المنسقين رفيعي المستوى من المساهمة في التعرف على رفات 234 مفقودًا والإشراف على استعادة العديد من الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها أثناء الاحتلال.
وبشأن مسار العلاقات الكويتية - العراقية، أوضح مندوب الكويت أن التراجع القائم في مسار العلاقة الثنائية لا ينحصر في إطار متابعة ملف الأسرى والمفقودين، بل يشمل العديد من الملفات الثنائية القائمة بين البلدين. واستشهد البناي بأن جمهورية العراق اتخذت في العام الماضي قرارات شكلت هذا التراجع، وألغت على أثرها اتفاقيات دخلت حيز التنفيذ منذ سنوات، وقد قوضت تلك القرارات التقدم الثنائي الذي أحرز في الأعوام الماضية.
وشملت القرارات أولًا إلغاء العمل بموجب ما نص عليه بروتوكول المبادلة الأمني المبرم منذ عام 2008، وثانيًا عدم الاستجابة لمطالبات دولة الكويت بعقد اجتماعات الفرق الفنية المشتركة التابعة لاتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله الموقعة عام 2012. وتضمنت القرارات ثالثًا إيقاف اجتماعات اللجان الفنية القانونية المعنية باستكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة رقم (162)، والتي تم الاتفاق على استمرارية انعقادها منذ عام 2021.
وجدد مندوب الكويت تأكيد البلاد منذ سبتمبر العام الماضي التزامها بما نصت عليه اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله وبروتوكول المبادلة الأمني، انطلاقًا من التزامها بإعادة مسار العلاقة الثنائية مع العراق إلى النحو الواجب.
وأضاف أن الكويت أكدت كذلك حرصها على أمن وسلامة الممرات المائية في تلك المنطقة الحيوية التي باتت تحتضن عددًا من المشاريع الاستراتيجية الهامة، إدراكًا منها بضرورة تأمين تلك المناطق والذود عنها مما قد يتمخض عنه إلغاء العمل بالاتفاقيات المعنية.
ودعا البناي الجانب العراقي إلى تصحيح الوضع القانوني لاتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله واستئناف اجتماعات الفرق الفنية التابعة لها، واجتماعات الفرق الفنية القانونية المشتركة لاستكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة رقم (162) وفقًا لقواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.
وفيما يتعلق بالملفات العالقة بين البلدين، لفت مندوب الكويت بالأمم المتحدة إلى كلمة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في القمة الـ 45 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. واعتبر البناي أن الملفات التي من السهل نسبيًا أن يتم اقتطاف ثمارها "منفعة" للعلاقات الثنائية الكويتية - العراقية وأطر توسع مرتكزاتها، وذلك من خلال تفعيل الآليات القائمة والخاصة بمتابعة تلك الملفات.
0 تعليق