حرب البيجر.. والتحكم من بعد - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة حذف

الخميس 19/سبتمبر/2024 - 12:08 ص 9/19/2024 12:08:32 AM

لا تنتظروا الحرب البرية بين حزب الله وإسرائيل، ولا تنتظروا خطابا من حسن نصرالله يقدم من خلاله غزوة في البلاغة اللغوية، وذلك لسبب بسيط هو أن الحرب بدأت بالفعل منذ شهور أسفرت حتى الآن عن إغتيال ما يقرب من 600 عنصر من حزب الله وعلى رأسهم القائد العسكري الكبير فؤاد شكر.
أما الاستعراض التكنولوجي الذي نراه الآن بتفجير ما يقرب من 4 آلاف جهاز بيجر ثم تطوير الاستعراض بتفجير أنواع جديدة من وسائل الاتصال وضرب اللوحات الشمسية حتى ماكينات الحلاقة التي تعمل ببطارية من نوع معين، أقول أن هذا الاستعراض الحربي هو الجولة الثانية في الحرب لأن الأولى كانت مصايد الاغتيالات، في الجولة الثانية تتقدم المعامل الحربية المسلحة بالتكنولوجيا وهي تستند على جهاز استخبارات إسرائيل لتقدم حربا سيبرانية لم يشهد تاريخ الحروب مثيلا لها.
لست من الذين يستخفون بخصومهم، ولست من دعاة الإحباط، كل ما في الأمر هو أننا نذهب إلى ما نعتقد أنه الحقيقة كي نواجهها، والحقيقة في حالتنا هذه هي أن حزب الله قد اوجعته الضربات إلى حد الإنهاك، وصار الآن مطلوبا منه أن ينفذ ألف باء مقاومة، والألف باء هنا نقصد بها حماية الشعب اللبناني وحماية البنية الأساسية للمؤسسات اللبنانية، والتعامل السياسي اللائق مع الحدث الكبير الذي نشهده الآن.
ليست قصة إسناد الحزب لحماس في حربها مع إسرائيل هي السبب في ما نراه في هذه الحرب الغريبة، ولكن قادة الحزب يعرفون جيدا أن إسرائيل تريد منطقة عازلة على الحدود، وأنها - أقصد إسرائيل - لن تهدأ طالما هناك قوة مسلحة على حدودها تمتلك أنفاق وأسلحة إيرانية وميزانية مفتوحة للحرب، تدعي إسرائيل أن انسحاب الحزب  إلى شمال نهر الليطاني سوف يؤدي إلى خفض التوتر، وتستند إسرائيل في ذلك إلى قرار أممي لم ينفذه حزب الله منذ سنوات طوال.
تتشدد تل أبيب في مطلبها ويتشدد حكام الضاحية الجنوبية في رفض الطلب، لذلك يلعب الطرفان الآن على المكشوف إسرائيل تستعرض بتفجيرات كثيفة صغيرة في حجم البيجر واسعة في مساحة انتشار كافة عناصر الحزب بما فيهم القادة الكبار، وبينما تستعرض إسرائيل نرى في المقابل ضربات صاروخية في العمق الإسرائيلي بهدف إستمرار النظرية القديمة المرتبطة بما يسمى ب "توازن الرعب".
نظرية توازن الرعب وكذلك حكاية الإلتزام بقواعد الاشتباك صارت الآن من الماضي، إصرار عجيب من إسرائيل على جر حزب الله نحو الهاوية، ينتظرون هفوة أو خطأ في حسابات الحزب حتى يتحول الموقف نحو الصدام المباشر وسحب قدم إيران إلى ذات الحفرة، ولكن حزب الله الذي أرهقته ضربات البيجر والبطاريات يقف الآن وحده، إيران الدولة تراقب وتتابع بينما الحزب وقد فقد الإتصال بمعظم كوادره يتأمل في ذهول بساطة فكرة البيجر التي طعنته من الأمام ومن الخلف، ولا يستطيع مراقب أن يتوقع ردة الفعل القادمة من الحزب. 
أغلب الظن أن الحزب سوف يخرج ليعلن الصبر الإستراتيجي تلك النغمة التي عزفتها إيران عقب اغتيال إسماعيل هنية، ليبقى أمامنا سؤال لا تريد إسرائيل الإجابة عنه، إذا غادر الحزب نهر الليطاني هل تتوقف الموجات العدائية الدامية التي تنفذها إسرائيل، أغلب الظن لا وذلك لسبب فني وهو توجيه الرأي العام العالمي نحو لبنان لينسى الجرائم التي تم ارتكابها في غزة، وفي ذلك رأينا بأعيننا تراجع أخبار غزة خلال الأيام الماضية وكأنها لم تدفع 41 ألف شهيد في أقل من عام.
هذه الأيام الصعبة لن يحلها تفخيخ البيجر ولن يعالجها خطاب أمين عام حزب الله، ولكن الضغط الدولي والدبلوماسية النشطة والحوار المتفاهم وحدهم هم القادرون على وقف نزيف الدماء.

أخبار ذات صلة

0 تعليق