ثائر أبو عطيوي يكتب: المحكمة الجنائية بين الواقع والمأمول - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة حذف

إن محكمة الجنائية الدولية ، تعتبر أول محكمة دولية دائمة لجرائم الحرب، التي تم تأسيسها في العام 2002 ، بموجب معاهدة "نظام روما الأساسي" لمحاسبة الذين يرتكبون "أعمالا وحشية جماعية".

وانضمت دولة فلسطين لعضوية المحكمة الجنائية الدولية "رسميا" في العام 2015.

رغم نشأة المحكمة الجنائية الدولية، من أجل الدفاع عن الحقوق  المشروعة والشرعية للشعوب المضطهدة جراء الاعتداءات عليها ، والدفاع عن تلك الشعوب والوقوف بجانبها ، من أجل الحصول على حقوقها وتحقيق العدالة الإنسانية لها ، نجد أن المحكمة الجنائية الدولية ومنذ نشأتها لم تقدم أي مشروع واقعي وملموس تجاه القضية الفلسطينية وادانة دولة الاحتلال الإسرائيلي ككيان محتل منذ العام 1948، رغم أن هناك ما يساعدها ويساندها على اتخاذ هكذا قرارات ، وهنا نتحدث عن قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية واعتراف تلك القرار والقوانين بحق الشعب الفلسطينى بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، ولكن المحكمة الجنائية للأسف لم تصدر وتتبنى للحظة قرارا بشكل رسمي يدين الاحتلال كاحتلال برغم أن كافة الممارسات التي تقوم بها " إسرائيل " وخصوصًا ونحن في الشهر الثاني عشر لاستمرار الحرب والعدوان المتواصل على قطاع غزة على التوالي، وسقوط أكثر من 80 ألف فلسطيني ما بين قتيل ومفقود، ضمن مسلسل الإبادة الجماعية المتواصل.

لقد كان انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية بمثابة أول خطوة رسمية نحو وجوب وضرورة محاكمة "إسرائيل" عن جرائمها في حق الشعب الفلسطيني، رغم أنه قبل عام 2015، تم تقديم مئات الدعوى القضائية لدى المحكمة الجنائية  ضد "إسرائيل"، وهذا لارتكابها  الجرائم  المتواصلة في حق الشعب الفلسطيني، إلا أنها قد تم رفضها جميعا، ولقد كان أحد الأسباب الرئيسية للرفض، هو عدم اختصاص المحكمةالجنائية بالدعوى المقدمة، أو أن عدد الضحايا والقتلى بسبب الاحتلال الإسرائيلي لا يرتقى إلى مستوى جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو جرائم العدوان، حسب ما تراه المحكمة الجنائية مثل حالة قضية أسطول الحرية والهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" ومقتل 10 من الأتراك.

يعتبر وحسب وجهة نظر محكمة الجنايات الدولية أن أهم ما يعرقل فتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، عدم انضمام "إسرائيل" إلى عضوية الجنائية الدولية، وعدم اعترافها بسلطتها، وعدم اعترافها أيضًا بالدولة الفلسطينية، ورفضها التعاون مع محققيها الجنائيين أو منحهم تأشيرات الدخول والسماح لهم بحرية التنقل والوصول إلى أماكن الجرائم المفترضة، والحديث مع الضحايا والشهود.

من جهة أخرى مازال العالم  ينتظر صدور مذكرة اعتقال بحق بعض قادة  دولة الاحتلال المتهمين بارتكاب جرائم حرب وصلت في حجمها إلى مستوى حرب الإبادة الجماعية، فقد تم صدور تلميح مباشر من المحكمة بامكانية تقديم مذكرة اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يؤاف غالانت، ومازال العالم بأسره صدور القرار.

برغم تصاعد الدعوات الدولية من دول ومؤسسات حقوقية  ومنظمات إنسانية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي لارتكابها المجازر وحرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، وإعلان المحكمة الجنائية في 17 من نوفمبر - تشرين الثاني المنصرم تقديم 5 دول أعضاء في المحكمة للتحقيق في الاعتداءات الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وانضمام دول أخرى للدعوى المرفوعة أيضا إلا أنه مازال هناك عدم تفاعل حقيقي وواضح على أرض الواقع، من أجل ادانة الاحتلال، رغم أن كل الشواهد والثبوتات والأدلة متوفرة ويراها على الملأ كافة العالم بأسره بحق ما يرتكب من حرب الإبادة الجماعية والتدمير والتهجير والتجويع والحصار ضد سكان قطاع غزة.

إن المحكمة الجنائية الدولية ورغم وجود 124 دولة في العالم منضمة إلى عضويتها إلا أنها لم تستطع تقديم أي شيء حقيقي وواقعي وملموس للشعب الفلسطيني في ظل معاناته الإنسانية من احتلال هو الأطول في تاريخ العصر الحديث.

إن من الشواهد والثبوتات والأدلة الواضحة على المحكمة الجنائية الدولية وعدم قدرتها على اتخاذ خطوة جدية للأمام في موضوع اتخاذ القرارات المصيرية والهامة ضد أي جهة أو دولة أو جماعة مسببة في عدم الاستقرار الانساني في العالم وانتهاكها للحقوق الإنسانية وارتكابها الجرائم  بحق الإنسانية والشعوب المضطهدة، وليس لمجرد  تحامل أو أي عداء للمحكمة الجنائية الدولية رغم احترامها كمؤسسة عالمية ، ولكن من باب النقد البناء والايجابي والواقعي ، من أجل أن تقوم  المحكمة بتغيير نهجها وطريقة عملها الروتينية وتصويب مسارها نحو الاتجاه الصحيح، فعلى سبيل المثال ، لم نشاهد المحكمة الجنائية تصدر أي قرار بشأن الحرب الروسية الأوكرانية والاعلان عن الجاني والمخالف بكل صراحة ووضوح ، ولم نسمع عن إصدار المحكمة الجنائية لأي ملاحظة أو تنويه أو حتى  تنبيه للولايات المتحدة الأمريكية ودعمها المتواصل في ارسال الأسلحة العسكرية المدمرة لدولة الاحتلال الإسرائيلى لاستخدامها المحرم دوليا للحرب على غزة، ولم نشاهد بالمقابل أيضا عن ادانة بعض الدول الغربية لإسرائيل من خلال الوقوف بجانبها وتقديم المساعدات العسكرية والذخائر والأسلحة لكي تقوم إسرائيل أيضا باستخدامها ضد النساء والأطفال العزل وكبار السن الأبرياء والمدنيين النازحين الفارين من الموت إلى الموت في قطاع غزة ، كل هذا يجعلنا نقف وقفة اندهاش واستغراب من مهنية وأداء وعمل المحكمة الجنائية الدولية الذي لا بد أن لا ينحاز لأي جهة ولا يضع أي اعتبار لأي معتدي وجاني مهما كانت قوته وقوة تأثيره ، لأن المحكمة أنشأت من أجل الدفاع عن المضطهدين والدفاع عن حقوق المستضعفين.

إن عدم مقدرة المحكمة الجنائية على إصدار قرارات واقعية وحاسمة وملزمة للأطراف المدانة من أجل محاسبتها ومعاقبتها على أفعالها ، تبقى المحكمةالجنائية وكأنها قد صنعت من أجل السيطرة على الضعفاء في حال ارتكابهم لجرائم أو مخالفتهم للقوانين والأعراف الدولية، فحينها  سنرى سرعة تطبيق المحكمة للقرارات وتنفيذها والقبض على مرتكبيها لأنهم جماعات ضعيفة رغم أنهم قاموا بارتكاب جرائم.

لا بد من المحكمةالجنائية الدولية أن تكون على قدر المسؤولية في اتخاذ القرارات المصيرية وذات الأهمية المتعلقة بحياة الشعوب المضطهدة أو المنكوبة أو المحتلة جراء الاستقواء  عليها من جماعات أو عصابات أو احتلال ، والوقوف بجانب هذه الشعوب أو الجماعات المستضعفة ودعمها ومساندتها بشكل فاعل ومستمر ومتواصل من أجل تحقيق العدالة ليس لتلك الشعوب والجماعات فقط بل تحقيق العدالة للانسانية كافة، فلهذا يجب أن تكون المحكمة الجنائية الدولية على قدر المسؤولية في اتخاذ القرارات والأهم تنفيذها لأنها تمتلك الحق القانوني والقضائي عالميًا بموجب انضمام 124 دولة من دول العالم لها.

أخبار ذات صلة

0 تعليق