فى ذكرى رحيله.. خيرى شلبي يروي قصة ارتباطه بالكتابة منذ نعومة أظافره - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة حذف

خيرى شلبي (31 يناير 1938 – 9 سبتمبر 2011) كاتب وروائي وكاتب قصص قصيرة مصري؛ تحل اليوم ذكرى وفاته التي ترك في أعقابها العديد من الأعمال الروائية والقصصية والمسرحية والتي انتقلت بعضها عبر شاشات التليفزيون في أعمال درامية.

خيرى شلبي صاحب "صالح هيصة" و"وكالة عطية" و"نسف الأدمغة".

ويروي “شلبي” في أحد مقالاته المنشورة بمجلة "فصول" عام 1998؛ كيف أصبح كاتبًا منذ نعومة أظافره ووسط عائلة كبيرة حيث 17 شقيق وشقيقة له.

ويقول:" في العاشرة من عمري عام 1948، كنت تلميذا في السنة الرابعة بالمدارس الإلزامية، وأتممت حينها، حفظ جانب كبير من أجزاء القرآن الكريم في كتاب القرية، الذي كنا نذهب إليه يوميًا بعد انتهاء اليوم الدراسي في المدرسة.

وتابع: باستثناء عدد قليل من تلاميذ المدرسة كنا جميعًا حفاة من ذوى الجلباب الواحد صيف شتاء، لا يفصل بينه وبين لحم البدن أية ملابس أخرى. وكنت أزهو على زملائي بشئ واحد فقط، وهو أن أبي أدخلني المدرسة باختياره وبرغبتي، أما هم، فقد أتى لهم الخفراء بالقوة قسرًا، خضوعًا لقانون التعليم الإلزامي. 

واستطرد، في قريتنا الواقعة في شمال الدلتا، يسود قول مأثور: صنعة في اليد أمان من الفقر. ومن هنا فعلى أبناء غير الفلاحين - وهم قلة - أن يتعلموا صنعة يتكسبون منها. ولذا فقد التحقت بحرف عديدة في الإجازات الصيفية، تعلمت مبادئ بعضها، وأتقنت بعضها الآخر، تعلمت النجارة، والحدادة، والخياطة. وهذه المهنة أمضيت فيها وقتًا طويلًا، وكنت - حتى وأنا كاتب معروف - ألجأ إليها عند اشتداد الحاجة إلى ما يسد الرمق.الطفل الذي كنته تأرجح مصيره آنذاك بين اتجاهين: أن يواصل التعليم في المدارس، أو يستمر في التدريبعلى إحدى الحرف ليتقنها ثم يحترفها...من جانبه كان الميل للتعليم هو الأقوى.. ومن جانب الواقع كانت الحرفة هي الطريق الوحيد المفتوح ليس فحسب لأنها غير مكلفة، وإنما لأنها تدفع لصبيانها قليلًا من الأجر، على سبيل التشجيع، لا يزيد عن يضع مليمات.

وتابع: أب فوق السبعين من عمره، سياسي فاشل، وشاعر محيط، عزيز قوم ذل ينتمى لأسرة كبيرة ثرية انحسرت عنها الأضواء تمامًا وقتئت ثروتها على عدد هائل من البشر، فلم يكن نصيب الأب منها سوى قطعة أرض بور. كان موظفًا بهيئة فنارات الإسكندرية، جرب الزواج عدة مرات قلم يكن يعيش له ولد، فلما أحيل إلى التقاعد رجع إلى القرية بلا زوج، لينعم بشيخوخة هادئة. إلا أن هذا الحظ ألقى في طريقه بفتاة شركسية الأصل، طلبها للزواج على سبيل المزاح فوافق أهلها عن طيب خاطر، فإذا بهذه الفتاة الصغيرة تعطيه سبعة عشر ابنا وابنة، كان ترتيبي الرابع بينهم. وقد تعين على هذا الأب الكهل أن يستأنف الكفاح من جديد، فكأن أعوامه السابقة لم تكن - على طولها - إلا لعبًا خارج الحلبة غير محسوب وأن عليه أن يتشبث بالشباب المضمحل، لكي تبقى هذه الأسرة الكبيرة على قيد الحياة.

وأكمل: كان ذلك أول شيء مبهر ومؤثر في حياتي هذا الرجل الذي بقى شابًا في السبعين والثمانين والتسعين من عمره. كان أول بطل في الواقع يداعب خيالي آنذاك، على ضوء أبطال السير الشعبية، وكتاب ألف ليلة وليلة، وروايات جورجي زيدان عن تاريخ الإسلام، وصياعات المنفلوطي للروايات المترجمة، وروايات روكامبول ومغامرات أرسين لوبين، وكلها أعمال كانت تقرأ في مندرتنا ليل نهار، حيث يتناوب القراءة واحد بعد الآخر من أصحاب أبي، وحيث أجلس بينهم منبهرًا مفتونًا بما أسمع، حتى إذا ما تعلمت القراءة أصبحت أجد متعة هائلة في أن أقرأ على مستمعين أشياء مثيرة، وأن أستمتع بردود الأفعال على وجوههم الشفافة، وأتمعن في تعليقاتهم المسهبة التي تعلمت منها أضعاف ما تعلمته من القراءة نفسها. وهذا الذي تعلمته من التعليقات والتعقيبات كان المبهر الثاني بالنسبة لي.

وتابع: قرأت على المستمعين كل السير الشعبية عشرات المرات الهلالية وعنترة وذات الهمة وحمزة البهلوان وفيروز شاه وسيف بن ذي يزن وعلى الريق والظاهر بيبرس، إضافة إلى الملاحم الشعبية الغنائية التي كان يغنيها المداحون المتجولون، وكانت تطبع وتباع في المكتبات بخمسة مليمات، مثل سعد اليتيم والإمام على والغزالة وعزيزة ويونس وغيرها، إضافة إلى المواويل الدراسية الكبيرة، مثل: أدهم الشرقاوى وحسن ونعيمة وفوزى وأنصاف وشفيقة ومتولى وغيرها. وكانت هي الأخرى تطبع وتباع، وهي عبارة عن قصص حب دامية وذات قدرة هائلة في التأثير الدرامي حتى وهي تؤدى بلا غناء".

أخبار ذات صلة

0 تعليق