«الاستئناف» ترفض الاعتراف بنسب 3 بنات لمواطن: للبحث العلمي شطحات قد لا تتفق مع أهداف الشريعة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف


- خلط ماء الرجل ببويضة امرأة أجنبية ولو نتج عنه خلق من رحم الزوجة تصرّف محرّم شرعاً
- الإخلال بطرائق النسل وحفظ الأنساب ليس أمراً فردياً يمكن أن تتسامح فيه شريعة الإسلام ودولته
- ما يصاب به المؤمن من بلاء في شتى جوانب الحياة يجب أن يتلقاه بالإيمان والالتجاء إلى الله
- الغاية المستهجنة التي يستسيغها الكثيرون يدفعها من ورائهم أطباء نحو الإباحة دونما قيد أو شرط
- المحكمة تؤصّل بحكمها مخالفة هذا التصرف لأصل حصين من مقاصد الشريعة يتصل بحفظ الأنساب

رفضت محكمة الاستئناف، الاعتراف بنسب ثلاث بنات لمواطن، بعد أن استأجر بويضات امرأة أجنبية لإنجابهن، عن طريق التلقيح الصناعي كون زوجته لا تُنجب الأطفال.

وأكدت المحكمة، في حكمها الذي أصدرته أمس في جلستها برئاسة المستشار خالد عبدالعزيز الخالد، أن خلط ماء الرجل ببويضة امرأة أجنبية عنه، ولو نتج عنه خلق من رحم الزوجة، تكون هذه الثمرة قد أتت عن تصرف يحرم إتيانه شرعاً، ويخالف صحيح الشرع ومقصوده في حفظ الأنساب، مشيرة إلى أن للبحث العلمي شطحات وهفوات قد لا تتفق مع الأهداف العامة للشريعة وتلك الغاية المستهجنة التي يستسيغها الكثيرون ويدفعها من ورائهم بعض الأطباء نحو دائرة الإباحة دونما قيد أو شرط.

منذ 43 دقيقة

منذ 45 دقيقة

أب بلا أم

بدأت أحداث الواقع، بعودة المواطن إلى الكويت بعد إنجاب بناته الثلاث، وتقدمه لتسجيل البنات واستخراج شهادات ميلاد من إدارة المواليد، حيث طلب منه عمل فحص «DNA» الذي أثبت من خلال النتائج تطابق الجينات الوراثية للأطفال مع جينات الزوج، لكنها لا تتطابق مع جينات الزوجة، لعدم كونها صاحبة البويضة المستخدمة في التلقيح الصناعي. وبناءً على ذلك، رفضت الإدارة طلب إصدار شهادات الميلاد، ما حال دون استخراج بقية الوثائق اللازمة لأبنائه، الأمر الذي دعاه إلى رفع دعوى أمام المحكمة.

وتعود بداية القضية، كما ذكرها المدعي في دعواه، إلى أنه كويتي متزوج من امرأة خليجية، لكنهما لم يرزقا بالذرية. وبعد عدة محاولات للإنجاب وزيارات متكررة للأطباء، تبيّن عدم تمكنهما من الإنجاب فتوجها إلى مستشفى في إحدى الدول الآسيوية، حيث نصحهما الأطباء هناك بعد الفحوصات بإجراء ما يعرف بـ«التلقيح الصناعي»، وذلك باستخدام خلية تناسلية من الزوج لتلقيح بويضة امرأة أجنبية وزراعتها في رحم الزوجة. وبالفعل، قاما بهذا الإجراء، وأسفر هذا عن إنجاب ثلاثة أطفال عن طريق التلقيح الصناعي، وقد تمت الولادة في دولة الزوجة الخليجية، واستخرجا شهادات ميلاد من دولة الزوجة ووثائق سفر موقتة من سفارة الكويت.

وعاد الزوجان إلى الكويت، وسعى الزوج إلى إصدار شهادات ميلاد لأطفاله الثلاثة تمهيداً لاستخراج إثبات الجنسية، والبطاقة المدنية، وجوازات السفر. إلا أن الجهات المعنية طلبت من الزوجين إجراء فحص الحمض النووي (DNA) للتحقق من العلاقة البيولوجية مع الأطفال. وبالفعل، أجرى الجميع الفحوصات المطلوبة، لكن النتائج جاءت بخلاف ما كان يتوقعه الزوجان. فقد أظهرت النتائج تطابق الجينات الوراثية للأطفال مع جينات الزوج، لكنها لا تتطابق مع جينات الزوجة، نظراً لعدم كونها صاحبة البويضة المستخدمة في التلقيح الصناعي.

رفض النسب

وبناءً على النتائج، رفضت الإدارة طلب إصدار شهادات الميلاد، ما حال دون استخراج بقية الوثائق اللازمة، الأمر الذي دفع الزوج إلى رفع دعوى قضائية يطلب فيها إثبات نسب الأطفال له ولزوجته، وتمكينه من استخراج شهادات ميلاد لهن، بالإضافة إلى البطاقة المدنية، وجوازات السفر، والجنسية. وبعد نزاع حول الدائرة المختصة نوعياً في النزاع، تمت إحالة الدعوى لمحكمة أول درجة دائرة أسرة جعفرية، وبعد أن نظرت المحكمة في الدعوى، قضت محكمة أول درجة بإثبات نسب الأطفال للزوجين، وما يترتب على ذلك من آثار، بما في ذلك قيد الأطفال في سجل المواليد، وتمكين الأب من استخراج شهادات الميلاد والجنسية وجوازات السفر، والبطاقات المدنية لأطفاله الثلاثة. ونظراً لعدم تنظيم قانون الأحوال الشخصية الجعفري رقم 124/ 2019 لهذه المسألة، استند حكم الدرجة الأولى إلى فتوى صادرة عن المرجع الحي الأعلم للجعفرية الجامع لشرائط التقليد، الذي أجاز هذا الإجراء. واستندت المحكمة في رجوعها إلى الفتوى إلى نص المادة الثالثة من القانون، التي تنص على أن «كل ما لم يرد في هذا القانون يُرجع فيه إلى رأي المرجع الحي الأعلم للجعفرية الجامع لشرائط التقليد».

إلا أن هذا الحكم لم يلق قبولاً لدى النيابة العامة، ما دفعها إلى الطعن عليه بالاستئناف. وبعد أن نظرت محكمة الاستئناف الدعوى، قضت بإلغاء الحكم المستأنف، مستندةً إلى أن هذا الإجراء يُعد مخالفاً للنظام العام، والآداب العامة، والشريعة الإسلامية.

تصرف محرم

وذكرت محكمة الاستئناف في حكمها، أن خلط ماء الرجل ببويضة امرأة أجنبية عنه، ولو نتج عنه خلق من رحم الزوجة، أن هذه الثمرة قد أتت عن تصرف يحرم إتيانه شرعاً، ويخالف صحيح الشرع ومقصوده في حفظ الأنساب، لالتقائه في معين واحد مع نتاج العلاقة الآثمة بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج الشرعي بينهما، وأن القول بوقوع تلك الحرمة شرعاً لا يعني الحيلولة بين أولئك الذين ابتلوا بحرمان الولد، وبين وسائل الطب الحديثة التي تؤمل الزوجين في الحصول على مبتغاهما، إذ لا ينبغي الانجرار وراء العواطف أو النزاعات الإنسانية في بيان الحكم الشرعي لتلك الطرق.

وأضافت أنه لا يخفى أن للبحث العلمي شطحات وهفوات، قد لا تتفق مع الأهداف العامة للشريعة، وتلك الغاية المستهجنة التي يستسيغها الكثيرون، ويدفعها من ورائهم بعض الأطباء نحو دائرة الإباحة دونما قيد أو شرط، تؤصل فيها هذه المحكمة قضاءها بمخالفة هذا التصرف، لأصل حصين من مقاصد الشريعة التي تتصل بحفظ الأنساب.

وأضافت المحكمة أنه من جماع ما سبق، قد استقرّ في عقيدتها ووجدانها حقيقة شرعية لاريب فيها ولا مراء، تتصل وبنيان هذا المجتمع وتقف على ثغر من ثغوره، تعتبر فيها وبحق أن الدولة عقيدتها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، وأن كل النظم الوضعية تصيغ العقوبات والتدابير إزاء الأفعال التي تتعارض مع أسس قيامها.

لا تسامح

واستطردت المحكمة «أن الإخلال بطرائق النسل وحفظ الأنساب ليس أمراً فردياً يمكن أن تتسامح فيه شريعة الإسلام ودولته كحق من حقوق الأفراد، لاسيما إذا ما خرج الأبوان - اللذان هما أساس نواة الأسرة وعمادها - عن الأصول القويمة، فهدما روابط المجتمع، وذاك مما لا يتسامح فيه قانون أو دولة، ولئن كانت الشريعة الإسلامية وسائر الدساتير والقوانين قد أباحت الحرية الشخصية بالضوابط التي تمنع من العدوان وإساءة استعمال الحق، فليس من بين ذلك أن يدعو أي فرد إلى ما يخالف النظام العام أو الآداب».

واختتمت المحكمة حكمها بأنها تُحاكي نفوس أصحاب هذه الدعوى، بأن البلاء عموماً الذي يصاب به المؤمن في شتى جوانب الحياة يجب أن يتلقاه بالإيمان والصبر، والالتجاء إلى الله بالاستغفار والتوبة والإلحاح بالدعاء، فهذه الحياة لا تخلو من منغصات، ولا يمكن أن يعيش فيها المرء بلا شقاء على أمد الدهر، إذ يعتريه من صروف الدهر أحوال شتى، وأمور متقلبة، ولاشك أن تصير آثارها النفسية عليه عظيمة، لكن المؤمن محكوم بالإيمان، والرضا بما قدره الله له، والصبر على البلاء، وعدم اليأس من رحمة الله كما قال تعالى: ( إِنَّهُ لا يَيْأسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).

أخبار ذات صلة

0 تعليق