وفي خضم حملة القصف الجوي الإسرائيلي المكثف الذي خلّف مئات القتلى في أنحاء مختلفة من لبنان منذ حوالي عشرة أيام، ينفّذ الجيش الإسرائيلي منذ الاثنين «عمليات برية محدودة ومركزة» في نقاط عدّة على طول الحدود.
ويُثير التصعيد العسكري مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة في الشرق الأوسط، بعد عام على اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة.
وطال القصف اليوم الجنوب وبيروت وضواحيها، وصولاً إلى منطقة عاليه شرق بيروت ومنطقة المعيصرة شمال بيروت، وفق الوكالة الوطنية للإعلام، ويتواصل في هذا الوقت.
وأعلن الجيش اللبناني الخميس أنه ردّ للمرة الأولى منذ عام على «مصادر النيران» الإسرائيلية بعد مقتل اثنين من جنوده في جنوب البلاد، بينما ينتشر الجيش في نقاط عدة على الحدود.
وحافظ حزب الله بعد حرب يوليو 2006 على حضور غير رسمي في المنطقة الحدودية مع إسرائيل، حيث قام بحسب خبراء، بحفر شبكة كبيرة من الأنفاق وإنشاء تحصينات.
وكثّفت إسرائيل منذ 23 سبتمبر ضرباتها ضد حزب الله الذي كان فتح جبهة «إسناد» لقطاع غزة وحماس في الثامن من أكتوبر.
وتقول إسرائيل إنها تريد وقف نيران حزب الله باتجاه شمال أراضيها للسماح بعودة عشرات الآلاف من السكان الذين أجبروا على الفرار بسبب هذه النيران.
قصف واشتباكات ودعوات إخلاء
واستهدفت غارات إسرائيلية الخميس مجدداً ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته «ضربت أهدافاً تابعة لمقر استخبارات حزب الله في بيروت، شملت عناصر إرهابيين ينتمون إلى الوحدة، ووسائل جمع معلومات استخباراتية، ومراكز قيادة وبنى تحتية إرهابية».
كما أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس مقتل 15 عنصراً من حزب الله في غارة جوية على «مبنى بلدية بنت جبيل» في الجنوب كانت مخزنة فيها «كميات كبيرة من الأسلحة».
ودعا الجيش سكان أكثر من عشرين قرية ومدينة النبطية في جنوب لبنان إلى إخلائها تمهيداً لقصفها.
في المقابل، أعلن حزب الله أنه صدّ توغلات إسرائيلية قرب الحدود، في عميات شملت تفجير عبوات ناسفة، وقال أيضاً إنه أطلق صواريخ على مدينة طبريا في شمال إسرائيل واستهدف قواعد وتجمعات عسكرية حدودية.
«آمنون في بيوتنا»
وكانت غارة إسرائيلية استهدفت فجراً بيروت للمرة الثانية منذ بدء التصعيد، وأصابت «مركزاً للهيئة الصحية الإسلامية» التابعة لحزب الله في الباشورة، وهو حي مكتظ بالسكان ذو أغلبية شيعية، بحسب الهيئة التي نعت سبعة من عناصرها.
وأشار صحافي في وكالة فرانس برس إلى أن الطابق الثاني من المبنى دمر وتناثر الحطام في الشارع.
وقال حسن عمار، وهو نازح من جنوب لبنان يبلغ 82 عاماً ويقطن في المبنى الذي تعرض للغارة، «نحن مدنيون بكل معنى الكلمة، هل تجد أي مسلّح هنا في هذه المنطقة؟ نحن مدنيون آمنون في بيوتنا».
وبحسب الأرقام الرسمية، قُتل أكثر من 1928 شخصاً في لبنان منذ أكتوبر 2023، بينهم أكثر من ألف منذ تفجيرات أجهزة اتصال تابعة لحزب الله في 17 و18 سبتمبر في عملية نسبت إلى إسرائيل، ثم بدء القصف الجوي المكثف في 23 سبتمبر على جنوب لبنان وشرقه وكذلك ضاحية بيروت الجنوبية.
من بين القتلى نحو 97 عامل إسعاف وإنقاذ قتلوا بنيران إسرائيلية بينهم أربعون قضوا خلال الأيام الثلاثة الماضية، على ما أفاد وزير الصحة فراس الأبيض الخميس.
وقدّرت الحكومة اللبنانية الأربعاء عدد النازحين هربا من العمليات العسكرية بحوالي 1,2 مليون يفترش عدد كبير منهم الشوارع في مناطق عدّة من بيروت.
وقالت فاطمة صالح، وهي ممرضة تبلغ 35 عاماً وأم لأربعة أطفال فرّت من ضاحية بيروت الجنوبية، «نريد الهجرة إلى أي بلد.. بريطانيا... أو حتى العراق».
في الدوحة، أكّد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الخميس في منشور على منصة إكس «وقوف دولة قطر الكامل إلى جانب لبنان وشعبه الشقيق ضد الاعتداءات الوحشية التي يتعرض لها».
ووجّه «بسرعة التحرك وتوفير كافة الموارد اللازمة لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي لجميع النازحين والمتضررين».
غارات دامية على غزة
وفي إطار تداعيات الحرب في قطاع غزة وتمدّدها الى لبنان، شنّت إيران هجومها المباشر الثاني ضد إسرائيل، ردّاً على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في قصف جوي إسرائيلي الأسبوع الماضي على ضاحية بيروت الجنوبية، ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية الذي قُتل في 31 يوليو في هجوم في طهران نُسب إلى إسرائيل.
وهدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن «ارتكبت إيران خطأ فادحاً... وستدفع الثمن».
وأكّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من العاصمة القطرية أن بلاده «لا تتطلع» إلى الحرب، لكنه تعهد في الوقت نفسه بردّ «أقسى» إذا ردّت إسرائيل على الهجوم.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يجري «نقاشات» مع إسرائيل بشأن ضربات محتملة ضد منشآت نفطية إيرانية في إطار الردّ.
في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة الخميس سقوط 99 شهيداً في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في العمليات العسكرية الإسرائيلية، ما يرفع حصيلة الحرب منذ السابع من أكتوبر إلى 41788 شهيداً على الأقل.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والذي خلّف 1205 قتلى في الجانب الإسرائيلي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه قضى على ثلاثة قياديين في حركة حماس بغارة «قبل ثلاثة أشهر» في غزة، هم روحي مشتهى وسامح السراج وسامي عودة.
0 تعليق