- التنويع يسهم في الحد من الاعتماد على أداء إستراتيجية واحدة
- يمكن أن تعوض المكاسب في بعض الأصول الخسائر المسجلة في أخرى
أشارت مجموعة الوطني للثروات، إلى أن مبدأ «لا تضع كل البيض في سلة واحدة» شكل حجر الأساس لإستراتيجيات إدارة المخاطر على مر العصور. وجسد شكسبير هذا المفهوم في مسرحيته «تاجر البندقية» من خلال شخصية أحد أبطال الرواية ويدعى أنطونيو، الذي جنبه التنويع في استثماراته خسائر كبيرة. ويتجلى هذا النهج بوضوح عبر التاريخ، اذ اعتمد المزارعون على زراعة محاصيل متعددة لضمان استدامة إنتاجهم، فيما لجأ القادة إلى بناء تحالفات إستراتيجية لتعزيز استقرارهم، الأمر الذي يعكس الإدراك العميق للتنويع كوسيلة للحماية وتحقيق التوازن.
«المحفظة الحديثة»

منذ 33 دقيقة

منذ 46 دقيقة
في منتصف القرن العشرين، ومع تطور الأسواق المالية وازدياد تعقيدها، قدم الباحث الاقتصادي هاري ماركويتز (Harry Markowitz) إطاراً رياضياً متكاملاً من خلال نظرية المحفظة الحديثة Modern Portfolio Theory (MPT)، التي وضعت الأسس والمبادئ الرئيسية لإنشاء المحافظ الاستثمارية المتنوعة. تعتمد المحفظة المتنوعة على توزيع الاستثمارات بين فئات أصول مختلفة، مثل الأسهم والسندات والعقارات، والتي يتميز كل منها بمستويات متفاوتة من المخاطر والعوائد المتوقعة، ما يساهم في تحسين الأداء العام والحد من المخاطر.

نهج متنوع
يستعرض تحليل «الوطني للثروات» الأداء السنوي لمختلف إستراتيجيات الاستثمار في الأسواق الخاصة بين 2010 - 2024، إلى جانب متوسط العوائد السنوية على مدى 15 عاماً. وتشمل الأسواق الخاصة الاستثمارات في الأصول غير المدرجة في الأسواق المالية، مثل عمليات الاستحواذ (buyouts)، ورأس المال الاستثماري الجريء (venture capital)، والإقراض المباشر، والعقارات، والبنية التحتية.
وتوفر «المحفظة المتنوعة»، التي تعتمد على تخصيص متوازن عبر جميع الإستراتيجيات المتاحة، نظرة شاملة لأداء الأسواق الخاصة، ما يساهم في الحد من التقلبات والمخاطر الاستثمارية المرتبطة بكل إستراتيجية على حدة.
الحد من المخاطر
تظهر عوائد الإستراتيجيات الفردية تذبذباً ملحوظاً على مر السنوات ما بين 2010 و2024. فعلى سبيل المثال، شهد رأس المال الاستثماري الجريء انتعاشاً قوياً في عامي 2020 - 2021 قبل أن يتراجع في العام 2022، بينما مرت الاستثمارات العقارية بدورات صعود وهبوط ملحوظة، خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
في المقابل، توفر «المحفظة المتنوعة» عوائد أكثر استقراراً واتساقاً، بعيداً عن التقلبات الحادة التي تشهدها الإستراتيجيات الفردية. ويساهم التنويع عبر إستراتيجيات الأسواق الخاصة في الحد من تأثير الأداء الضعيف لأي قطاع محدد، إذ تتيح المكاسب في بعض المجالات تعويض الخسائر في غيرها، ما يؤدي إلى تحقيق عائد أكثر توازناً واستدامةً على المدى الطويل.
تزايد الاستثمارات
يعتمد نجاح الاستثمار في المدى الطويل على تحقيق النمو المستدام أكثر من المضاربة قصيرة الأجل. ويبرز الأفق الاستثماري الطويل الأجل والممتد لمدة 15 عاماً قوة أداء المحفظة المتنوعة التي حققت عائداً سنوياً بلغ 12.8 % والذي يعتبر متوسط عائد تنافسي مقارنة بالإستراتيجيات الفردية، مع نسبة تذبذب أقل.
ويؤكد ذلك ميزة الأفق الاستثماري طويل الأجل في الأسواق الخاصة. فرغم عدم القدرة على التنبؤ بأداء السنوات الفردية، يساهم التنويع في تحقيق عوائد مستقرة وقوية على المدى الطويل، مستفيداً من علاوة عدم سيولة الاستثمارات التي تتميز بها هذه الأسواق.
عوائد أكثر استقراراً
يساهم التنويع في تحقيق عوائد أكثر استقراراً وفي الحد من المخاطر الاستثمارية لكنه لا يلغيها تماماً. وكما هو الحال في كل الاستثمارات، فإن الأداء التاريخي لا يضمن النتائج المستقبلية. لذلك يجب على المستثمرين في الأسواق الخاصة أخذ طبيعة هذه الاستثمارات غير السائلة في الاعتبار والاستعداد لآفاق استثمارية طويلة الأجل.
ورغم أن هذه العوامل قد تعزز علاوة عدم سيولة الاستثمارات والعوائد طويلة الأجل، إلا أنها تتطلب دراسة متأنية ومواءمة دقيقة مع احتياجات السيولة الخاصة بكل مستثمر، إضافة إلى مستوى المخاطر والعائد المستهدف والأهداف الاستثمارية بشكل عام. لذلك، ينبغي النظر إلى التنويع ليس كحل مستقل، بل كأداة ضمن إستراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار هذه المتغيرات لضمان تحقيق التوازن الأمثل بين العوائد والمخاطر.
0 تعليق