تستند العلاقات الإماراتية -الكويتية على أساس تاريخي متين، أرسى دعائمه المغفور لهم الشيخ زايد بن سلطان، يداً بيد مع أخيه الشيخ صباح السالم، وأخيه الشيخ جابر الأحمد، طيّب الله ثراهم.
وهي علاقة استثنائية، تعتبر مثالاً للروابط القوية المتأصلة في وجدان المنطقة وتاريخها، ويميزها أكثر الزيارات التاريخية بين القيادتين، ومنها الزيارة الأولى للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد، طيّب الله ثراه، عام 2005، بعد توليه مهام الحكم، حيث أعطت الزيارة حينها قوة دفع وزخماً واسعاً للعلاقات الثنائية، حيث رسّخت العلاقات وزادتها عمقاً، تزامناً مع أخيه الشيخ صباح الأحمد، وأخيه الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراهما.
منذ ساعة
منذ ساعة
فمنذ تأسيس اتحاد دولة الإمارات عام 1971، كانت الكويت في طليعة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع الاتحاد الوليد آنذاك، وبعدها لم تتوقف عجلة تطور ونمو العلاقات الأخوية، ضمن رؤية حكيمة وضعها القادة في البلدين، وترتبط بدعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على روابط الجيرة وقيم العروبة، وهي معانٍ سامية ترجمت إلى أفعال حقيقية في الأوقات الصعبة، ولعل أحد نماذجها تأكيد القيادة الإماراتية موقفها الداعم للكويت بشأن حقل الدرة، وكذلك تشديد القيادة الكويتية الدائم على سيادة وحق الإمارات في جزرها الثلاث المحتلة، وهي جهود صادقة تدرك أهمية التعاون السياسي والأمني لحماية مصالح شعوب المنطقة، ومواجهة التحديات المتزايدة.
وتشهد علاقات البلدين الشقيقين مرحلة جديدة من التعاون الإستراتيجي، بقيادة سمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، وسمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، وتمثل ملامحها الرئيسية الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، حيث تشكل الشراكة الاقتصادية محوراً بارزاً، إذ حققت التجارة غير النفطية بين البلدين نمواً ملحوظاً بلغت قيمته 12 مليار دولار في 2023، وهو الأعلى في تاريخ العلاقات، ما أسهم في تعزيز الاقتصاد والتجارة بين البلدين، ويفسر خطوات توسيع قاعدة التعاون، لتشمل قطاعات جديدة كالصناعة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
وترجمت هذه الجهود خلال الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة بين البلدين، وترأسها وزيرا خارجية البلدين سمو الشيخ عبدالله بن زايد وعبدالله اليحيا، وأتى انعقادها تماشياً مع التوجهات الإستراتيجية للبلدين، والتي تشكل «رؤية الكويت 2035» و«رؤية نحن الإمارات 2031»، وشهدت التوقيع على 8 مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية، ما يعكس التزام البلدين على تطوير التعاون، والوصول إلى تكامل اقتصادي في العديد من المجالات الحيوية المشتركة.
وتتميز العلاقة الإماراتية - الكويتية بعمق الروابط الاجتماعية والثقافية، حيث يشترك البلدان في التراث والتقاليد والقيم المشتركة، وتعزز اللقاءات المستمرة بين قيادات البلدين والبرامج التنفيذية واللجان المشتركة من هذه الروابط، وتسهم في تقوية التواصل بين الشعبين، خصوصاً الأجيال الجديدة والمستقبلية من الإماراتيين والكويتيين، لبناء جسور التعاون المستدام بينهما.
تأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى الكويت في ظل تحديات عالمية وإقليمية غير مسبوقة، لكنها في الوقت نفسه ترنو إلى المستقبل، وتعبر عن رؤية مشتركة لغد مشرق، لكي يعمل البلدان على تطوير التعاون والتكامل في مختلف المجالات، استناداً لإرث مشترك ورؤية متجددة، فعلاقات البلدين ليست مجرد علاقات دبلوماسية، بل هي قصة نجاح في الوحدة والأخوة والعمل المشترك، وتشكّل نموذجاً يُحتذى به في العلاقات الدولية.
* كاتب وباحث إماراتي
0 تعليق