لاقى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش المقال يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب غزة، ترحيباً فلسطينياً، وغضباً إسرائيلياً.
وفي وقت سابق الخميس، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال دوليّتين بحق نتنياهو وغالانت، بتهم تتعلق بـ"ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" خلال حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ 412 يومًا، والتي خلّفت أكثر من 44 ألف شهيد وتشريد مليونين من أهالي القطاع وسط سياسة تجويع متعمدة.
وعقب قرار المحكمة، أصبحت الدول الأعضاء فيها ملزمة قانونًا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى الجنائية الدولية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقيهما.
فلسطين: القرار يعيد الأمل
وقد رحبت دولة فلسطين بقرار المحكمة الجنائية الدولية في إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).
وشدّدت على أن قرار المحكمة الجنائية الدولية، يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته، وفي أهمية العدالة والمساءلة وملاحقة مجرمي الحرب، خاصة في وقت يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية وجرائم حرب متمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد والتهجير وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية.
وطالبت فلسطين جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وفي الأمم المتحدة، بتنفيذ قرار المحكمة، وتسليم المجرمين إلى القضاء الدولي، وشددت على ضرورة تنفيذ سياسة قطع الاتصال واللقاءات مع المطلوبين الدوليين، نتنياهو وغالانت.
وأكدت أنها ستستمر بالعمل مع مؤسسات العدالة الدولية ومع المحاكم الدولية وستبقى منخرطة في العمل معها، حتى مساءلة ومحاسبة كل المجرمين الذين ارتكبوا ويرتكبون جرائم ضد الشعب الفلسطيني حتى إنصافه وتحقيق العدالة له.
حماس: سابقة تاريخية مهمة
بدورها، رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقرار المحكمة. واعتبرت في بيان، أن "هذه الخطوة التي حاولت الإدارة الأميركية المتواطئة مع جرائم الحرب الصهيونية تعطيلها لأشهر، تشكل سابقة تاريخية مهمة، وتصحيحًا لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا".
ودعت (حماس) المحكمة الجنائية الدولية إلى "توسيع دائرة محاسبة قادة الاحتلال المجرمين، ووزرائه وضباطه الذين ارتكبوا أبشع جرائم القتل والتجويع ضد شعبنا الفلسطيني".
كما طالبت الحركة الدول كافة بـ"التعاون مع المحكمة في محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، والعمل على وقف جرائم الإبادة بحق المدنيين في قطاع غزة".
فتح: خطوة شجاعة
من جهتها رها، اعتبرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني(فتح) صدور مذكرتَي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت "خطوة شجاعة في مواجهة الجرائم والانتهاكات الجسيمة، التي ارتكبتها حكومة الاحتلال".
وأشاد متحدث الحركة عبد الفتاح دولة، في بيان، بـ"قرار محكمة الجنايات الدولية (...) كخطوة شجاعة في مواجهة الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها حكومة الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني".
ودعا المتحدث باسم (فتح) المجتمع الدولي "للخروج من حالة الصمت والعجز إلى اتخاذ خطوات عملية لترجمة هذا القرار إلى واقع، والضغط من أجل تنفيذ هذه المذكرات لضمان العدالة لشعبنا الفلسطيني، ووضع حد لجرائم الاحتلال المستمرة"
الجهاد: القرار خطوة بالاتجاه الصحيح وإن جاء متأخراً
كما رحبت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.
واعتبرت الجهاد في تصريح لها، إن المذكرتين خطوة في الاتجاه الصحيح، جاءت متأخرة جداً
الجبهة الشعبية: القرار خطوة مهمة نحو محاسبة قادة الأحتلال
من ناحيتها، رحبت الجبهة الشعبية بقرار المحكمة الجنائية الدولية مؤكدةً أن هذا القرار - رغم تأخره - يُعد خطوةً مهمة نحو محاسبة هؤلاء القتلة على ما ارتكبوه من فظائع.
وشددت الجبهة، في بيان صحفي، على "ضرورة ألّا يظل هذا القرار المهم حبيس الإطار النظري، بل يجب ترجمته إلى خطوات عملية على أرض الواقع، عبر قرار دولي مُلزم يفرض اعتقال هذين المجرمين وفقاً للمعاهدات الدولية، خاصة ميثاق روما، بما يضمن عدم إفلاتهما من العقاب".
كما أكدت الجبهة على أهمية التصدي لأي محاولات من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لتعطيل مفاعيل هذا القرار، في ظل تواطؤها المستمر مع الاحتلال وسياساته الإجرامية.
وقالت إنه "رغم أهمية قرار المحكمة والاتهامات الموجهة لهذين المجرمين، فإنها تظل اتهامات صغيرة أمام الحجم الهائل للجرائم التي ارتكبوها بحق شعبنا وما زالوا، والتي تشمل الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتجويع، والقصف العشوائي، وغيرها من الجرائم التي تُعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية والإنسانية".
البرغوثي يرحب بالقرار
أما الأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، فقد رحّب بقرار المحكمة، وطالب بـ"الإسراع في إصدار حكمها بارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في غزة".
وأضاف البرغوثي أن "كثيرًا من الحكومات الغربية عليها اعتقال نتنياهو وغالانت بعد القرار، وأن تختار بين انحيازها المخزي لإسرائيل وبين احترامها للقانون الدولي ولميثاق محكمة الجنايات الدولية الذي وقعت عليه".
وفي مقابل الترحيب الفلسطيني الواسع بقرار المحكمة الجنائية الدولية، كان هناك ردود فعل إسرائيلية غاضبة، ففي أول تعليق على القرار، قال مكتب نتنياهو في بيان "لن يمنع أي قرار من محكمة معادية إسرائيل، من الدفاع عن نفسها".
وتابع البيان أن إسرائيل "ترفض باشمئزاز الإجراءات والاتهامات السخيفة والكاذبة الموجهة إليها من قبل المحكمة الجنائية الدولية"، ووصفها بأنها "هيئة سياسية متحيزة وتمييزية".
وشدد على أن "ليس هناك أعدل من الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة من السابع من أكتوبر 2023 بعد أن شنت حماس هجوما دمويا ضدها".
وأكد البيان أن نتنياهو "لن يستسلم للضغوط ولن يتراجع ولن ينسحب إلا وبعد تحقيق جميع أهداف الحرب التي حددتها إسرائيل في بداية الحرب".
فيما وصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر القرار بأنه "لحظة سوداء بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها".
وأضاف أن المحكمة كانت "أداة سياسية في خدمة العناصر الأكثر تطرفا التي تعمل على تقويض السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".
ويرى ساعر أن مذكرات الاعتقال ليست موجهة ضد نتنياهو وغالانت فقط بل هي "اعتداء على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وتابع: "إصدار الأوامر ضد دولة تتصرف وفق القانون الدولي هو مكافأة وتشجيع لمحور الشر الذي ينتهكه بشكل صارخ ومستمر".
بدوره، قال وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين أن قرار محكمة لاهاي "عار وحقير ومعاد للسامية"، مضيفا في بيان أن المحكمة أصبحت "أداة في أيدي الإرهابيين ومحور الشر".
وتابع أن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ولا تقبل باختصاصها.
ورأى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أن الرد على مذكرات الاعتقال يكون بفرض السيادة الإسرائيلية على جميع أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وتعزيز الاستيطان.
من جانبه، قال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ في تعليق على القرار إن هذا يوم "مظلم للعدالة والإنسانية".
وكتب هرتسوغ عبر منصة (إكس) إن "القرار بتجاهل محنة 101 من الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في غزة تحت الأسر الوحشي، ويتجاهل الحقيقة الأساسية المتمثلة في أن إسرائيل تعرضت لهجوم وحشي وأن من حقها وواجبها الدفاع عن نفسها".
ووصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في بيان إصدار مذكرتي الاعتقال بأنه "مكافأة للإرهاب".
من جانبه، قال زعيم (المعسكر الرسمي) بيني غانتس في بيان أن قرار محكمة لاهاي "عمي أخلاقي وعار تاريخي لن ينسى أبدا".
فعالية مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت
الجدير بالذكر أن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة في لاهاي تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وبجرائم حرب.
كما تعتبر مذكرات الاعتقال التي تصدر عن المحكمة الجنائية الدولية مُلزمة لما يزيد على 100 دولة، وهناك عدد كبير منها يقيم علاقات مع إسرائيل.
وتشمل الجرائم المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت "استخدام التجويع كسلاح حرب" و"القتل والاضطهاد" و"الأعمال اللاإنسانية".
وهذا يعني أن نتنياهو وغالانت لن يتمكنا من الآن فصاعدا من زيارة الدول الـ120 الموقعة على "معاهدة روما" التي تستند إليها المحكمة في تنفيذ قراراتها.
0 تعليق