«المفكرون والعباقرة» .. ماذا بعد الغياب؟ - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

عندما نقتفي أثر شخصية «أدبية أو علمية أو فلسفية أو غير ذلك» نجد أنهم كانوا ذات يوم يعيشون حياة مختلفة عما نعيشها نحن من بساطة ومحدودية في عدد الرغبات التي نحلم أن نحصل عليها أو نجدها أمام أعيننا.

نحن البسطاء يكفينا أن تولد الأشياء فجأة ولا نهتم إن غابت أو انتهت بسهولة، عباقرة العصور المختلفة لهم حساباتهم المختلفة تماما عما نذهب إليه، لكن المثير أنهم يتركون أثرا واضحا كمثل أقدامهم عندما كانت تغوص في قاع الأرض، أما ما قالوه فيبقى أثره واضحا في القلب والذاكرة لا يموت.

إن مثل هؤلاء النخبة من البشر يعيشون حياة تعج بالاضطرابات والاهتزازات العنيفة، لذا فهم مختلفون بعض الشيء عن الآخرين من بني جنسهم، لهم عالمهم الخاص وعلاقاتهم التي تتوافق مع نظرتهم للحياة في لحظة معينة.

بعض العباقرة يصابون بالجنون لكثرة انشغالهم بالأشياء الدقيقة والإبحار في يم المعرفة، لذا لا تستغرب إن ركنوا إلى عالم «العزلة والانفراد بالنفس»، لذا عندما يهاجمهم الغياب تظل أجسادهم في مكانها لا تجد من يواريها الثرى حتى تتحلل تماما في مكانها المعزول.

قد تكون هذه العبقرية وبالًا على أصحابها، فمثل هذه الفئة من الناس لديهم هواجس غريبة، يرتبطون أكثر من غيرهم بـ«المكان والزمان»، لا يهتمون كثيرا بالأشياء التي تحيط بهم سواء كانت ترفا أو مجرد كماليات في الحياة.

يفكرون أكثر من غيرهم في جذب خيوط إبداعاتهم الإنسانية سواء في عالم الإبداع الأدبي والفكري، شغفهم وحماستهم تأتي من أجل تنوير العالم من حولهم بضياء يستمدونه من تجاربهم الناجحة والفاشلة أحيانا، وأيضا من قراءاتهم لسجلات الماضي وتوقعات المستقبل الذي سيأتي بعد ذهابهم في توابيت الأموات.

يصاب بعضهم بحالة من الجنون الفكري والعاطفي، يمتازون بمزاج متقلب أكثر من الغير بمراحل كثيرة، يفرحون في أوقات معينة، ويطلقون سباقهم من الأحزان عندما تضيق بهم الحياة، بعضهم يذهب إلى يم الكآبة ليشرب منه، وبعضهم يتهاوى بنيان الحياة على رأسه عندما لا يستطع مؤلف منهم كتابة كلمة واحدة بسبب ضائقة نفسية أو إفلاس في المشاعر وفقدان في الإحساس بالأشياء من حوله.

لكنهم يستلذون بما يخرجونه من جوفهم من عبقرية متفردة سواء من جمل صادقة تجعلهم يعيدون ترتيب أنفسهم بشكل جديد أو ينهون مسيرته بالعزلة وطلبا في الغياب من الحياة.

بعض العمالقة يفهمون الحياة عبر نظرية «تأمل وجه الموت»، فالبعض يمر بصراعات نفسية واضطرابات داخلية وينتابهم أشد أنواع اليأس.

بعض الكتاب والمؤلفين والأدباء يرحلون بصمت، كما يحرص الكثير منهم على الرحيل بدون إحداث أي ضوضاء، ومع هذا الرحيل، تبقى مقولاتهم شاهدة على عبقرية فذة وفكر متزن ناضج، كلما نريد أن نتحدث عن أمر ما نجدنا نحاول اقتباس شيء كتبه أديب متمكن، لذا علينا أن نحفظ شيئا مما قالوه أو دونوه في كتب قيمة.

بعضنا يحب أن يقرأ فقط دون أن يعرف شيئا عن شخصية الكاتب والمعاناة الحقيقية التي دفعته إلى تأليف ملاحم بطولية سواء كانت من خيال الكاتب أو من واقع الحياة.

لدينا في عالمنا العربي نخبة من الكتاب والشعراء والمؤلفين لا يقلون أهمية عن غيرهم في الأدب العالمي سواء في روسيا أو أوروبا، عاشوا في مضمار الحياة سعيا لتقديم أعمال جليلة تبقى أكثر طيبا في سجلات الإبداع الفكري.

أخبار ذات صلة

0 تعليق