2455 عدد التراخيص الممنوحة للغواصين خلال الموسم الجاري
يعد موسم صيد الصفيلح وهو أحد أهم المواسم البحرية التي يترقبها أبناء محافظة ظفار في كل عام، حيث يعول عليه سكان المحافظة وخاصة قاطني ولايتي سدح ومرباط لما يعود عليهم بالخير الوفير. والصفيلح كائن بحري من الرخويات وحيدة الصدفة، يعيش في المناطق الساحلية ذات الشواطئ الصخرية التي تكثر بها الطحالب والأعشاب البحرية، وهو من الأنواع البحرية ذات القيمة الاقتصادية العالية في الأسواق العالمية، ويعرف عربيا باسم "أذن البحر" وعالميا بـ "الأبالوني"، وغالبًا ما يكون ملتصقا بالأسطح السفلية للصخور حيث يعيش داخل صدفة بيضاوية الشكل وخشنة السطح من الخارج، ذات صف من الثقوب في جانبيها تساعده على التنفس وهو ليلي المعيشة حيث تنشط حركته في الظلام وتقل أثناء فترة النهار. وبسبب الانخفاض الملحوظ في المخزون البحري "للصفيلح" في أماكن وجوده في الشواطئ الممتدة من ولاية "مرباط" حتى منطقة "شربثات"، قامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمنع الغوص لاصطياد الصفيلح في بعض الأعوام وتحدده في أعوام أخرى، حيث حددت موسم هذا العام ليكون خلال الفترة من 3 إلى 12 نوفمبر.
وأوضح المهندس عبدالناصر بن عوبد سالم غواص مدير دائرة الثروة السمكية بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة ظفار: إن الوزارة تبذل جهودًا حثيثة لتوعية الصيادين عموما والغواصين خاصة، بأهمية ثروة الصفيلح وضرورة المحافظة عليها لضمان استدامتها مركزةً على مبدأ الشراكة بينها وبين الغواصين تحت شعار ثروتنا البحرية أمانة.
وبدأت المديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة ظفار استعداداتها المبكرة للموسم الحالي من خلال عقد الندوات والمحاضرات التوعوية في المؤسسات العامة بالإضافة إلى إعداد ونشر مواد إعلامية مرئية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ولوحات إرشادية على الطرق العامة لغرس الوعي بأهمية المحافظة على هذه الثروة البحرية النادرة.
ويضيف غواص: لقد بلغ عدد التراخيص الممنوحة للغواصين خلال هذا الموسم ما يقارب 2455 تصريحًا وحوالي 106 تراخيص للتجار ومندوبيهم.
وحول إنتاجية المواسم السابقة قال: بلغ الإنتاج الإجمالي المسجل في سجلات تجار الصفيلح لموسم الصفيلح في عام 2019 م والبالغ مدته (10) أيام 24 طنًا، وقد بلغ إنتاج اليوم الأول من هذا الموسم 2024 ما يقارب 20 طنًا حسب بيانات كشوفات التجار.
وقال عدنان بن بخيت السليمي تاجر صفيلح: إن التجار في ولايتي سدح ومرباط يجتمعون قبل انطلاقة الموسم لمناقشة عملية تنظم الشراء وتحديد الأسعار حيث اتفق التجار أن يكون السعر لهذا الموسم 35 ريالًا عمانيًا للكيلو جرام الواحد نقدا و40 ريالًا عمانيا للكيلو بسعر الدفع الآجل مبينًا أن هناك عدة عوامل أسهمت في بناء عملية التسعيرة لهذا العام ومن أهمها تخوف التجار من تدفق كميات كبيرة من الصفيلح وإغراق السوق وخاصة بعد إغلاق الموسم لمدة أربع سنوات وهنا نحشى كثرة العرض وقلة الطلب الذي سيؤدي إلى تأخير عملية البيع إلى الأسواق الخارجية ووجود اشتراطات من قبل التجار في الأسواق العالمية حول الأصناف المصدرة متمثلة في الجودة والحجم.
وحول نجاح الموسم يقول السليمي: إن الثقة المتبادلة بين الغواص والتاجر المواطن المتأصلة منذ القدم هي العامل الأساسي في إنجاح مواسم الغوص واستمرارها بذات القوة التنافسية في الأسواق العالمية على الرغم من التأثيرات الخارجية التي قد تتعرض لها الأسواق في البلدان المستوردة للصفيلح العماني.
وتحدث التاجر سعيد بن علي شماس العمري عن سلبيات وايجابيات إغلاق مواسم الغوص لسنوات طويلة قائلا: جميعنا يدرك أن عملية إغلاق موسم الغوص سيسهم بشكل أو بآخر في تعافي المخزون ووفرته ولكن يجب ألا يكون هذا الإغلاق لفترات طويلة؛ لأن التجارة العالمية في البلدان المستوردة للصفيلح العماني حتما ستتجه إلى بلدان أخرى منتجة وسيصبح المنتج العماني غير معتمد عليه.
ويقترح العمري على وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه كونها المعنية بهذا الموضوع أن يكون إغلاق الموسم مجدولا ومعلنا للجميع حتى تكون رؤية التسويق واضحة لدى التجار المحليين والعالميين.
وفي الحديث عن محصول الغواص من الصفيلح هذا العام يقول الغواص محمد بن سعيد المشيخي: كنا نتوقع وجود كميات كبيرة من الصفيلح خاصة بعد الحظر الذي دام 4 سنوات ولكن النتائج كانت عكس التوقعات فأغلب الغواصين الكبار تراوح محصولهم في اليوم الأول بين 15- 30 كيلو جرامًا.
وأشار المشيخي إلى تفاوت وجود كميات الصفيلح من موقع إلى آخر إلا أن الأحجام بشكل عام أغلبها كبيرة.
ويستعد صائدو الصفيلح منذ ساعات الصباح الأولى طوال أيام الموسم بأدواتهم البسيطة المتمثلة في أداة تشبه السكين ونظارة للعيون وشبكة تُربط حول الخصر لتجميع المحصول للشروع في صيد الصفيلح، وفي المساء يعودون إلى اليابسة ويعملون على استخراج لحمة الصفيلح من صدفتها بواسطة أداة حادة تعرف محليا باسم "الجزرة" ثم يتوجهون إلى مواقع التجار لبيع محصولهم اليومي من الصفيلح وفق تسعيرة التجار المتفق عليها، وعادة ما تتراوح بين (30 - 50) ريالًا عمانيًا للكيلوجرام الواحد، وهو سعر غير ثابت يتغير مع بداية كل موسم جديد.
ويستقبل التاجر المحصول من الغواص ويضعه على طاولة خشبية ذات غربال لتنظيف لحم الصفيلح من الشوائب ثم يزنه في وعاء بلاستيكي ويدون كمية المحصول واسم الغواص ورقم رخصته البحرية في كشوفات مخصصة لذلك، ومن ثم ينقل الكمية بعد وزنها إلى وعاء آخر أكبر حجما وتجميعها، بعدها تبدأ مرحلة "التفوير" حيث توضع الكميات المتوفرة في أقدار ضخمة "مراجل" وتغمر بماء البحر أو مياه عذبة مضافة إليها كمية معينة من الملح وتشعل تحتها النار حتى تنضج، ثم تجفف على قطع خاصة من "الخشب" أو "شباك الصيد" تحت أشعة الشمس لفترة قد تصل إلى 20 يومًا. وكلما زادت مدة التجفيف زادت جودة 'الصفيلح'، ومن ثم يتم تعليبها وبيعها إلى الأسواق الخارجية خاصة لدول شرق آسيا وأهمها هونج كونج التي تعد سوقًا رئيسيا للصفيلح العماني نظرًا لجودته وندرته.
وترتبط مهنة الغوص بحثا عن الصفيلح بالكثير من المخاطر تتمثل في برودة ماء البحر ووجود أعشاب كثيفة في مواقع وجوده، إضافة إلى ارتطام الغواص بالصخور بسبب التيارات القوية المفاجئة ووجود أفاعي البحر التي تعرف محليا باسم "العيروف" أو "النبريت" وتشكل خطرًا على الغواص من خلال مهاجمته عند محاولته استخراج الصفيلح. الجدير بالذكر أن الصفيلح يعتبر من الأحياء البحرية ذات القيمة الغذائية العالية، حيث يحتوي على نسبة عالية من البروتين، كما يعد واحدًا من أهم مكونات الثروة البحرية النادرة التي تزخر بها المياه العمانية، وهناك ما يقارب 120 نوعا منه ينتشر في بحار العالم، ويتركز غالبا إلى جانب السلطنة في اليابان وأستراليا والمكسيك ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا.
0 تعليق