أوقف الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" نادي صور عن التعاقد لثلاث فترات متتالية؛ بسبب وجود قضايا مالية لم يستطع الوفاء بها، ويمثل حظر التسجيل أحد الإجراءات التأديبية المحتملة التي يمكن لأجهزة الفيفا القضائية أو محكمة كرة القدم فرضها على الأندية بحسب الإطار القانوني المعمول به لدى الاتحاد الدولي؛ فعندما يُفرض حظر التسجيل على نادٍ ما، يُمنع هذا النادي من تسجيل أي لاعب جديد، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، وسواء كان اللاعبون المعنيون من الهواة أو من المحترفين، وذلك طوال المدة التي يشملها هذا الإجراء.
وأضاف بيان الفيفا: لن يتمكن النادي من تسجيل أي من اللاعبين الجدد إلا بعد انقضاء مدة الحظر بالكامل أو في حال رفع إدارة الفيفا للحظر "وهو أمر عادة ما يتم عند تنفيذ النادي لإجراء واحد أو أكثر"، وأشار بيان الفيفا إلى أن الهدف الأساسي من هذه الأداة الجديدة هو توفير قائمة بكافة الأندية المحظورة حاليًا من تسجيل لاعبين جدد لجميع الأطراف المعنية، خاصة اللاعبين والأندية والجماهير.
ويأتي هذا القرار في الوقت الذي يعاني فيه نادي صور من فراغ إداري كامل، حيث لا توجد إدارة تدير النادي حاليًا ويتولى تسير أمور النادي الموظف الإداري المعين من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وتسببت الخلافات الإدارية وعدم اتفاق الجمعية العمومية في وجود هذا الفراغ الإداري، في الوقت الذي يصارع فيه الفريق الكروي الأول من أجل البقاء في دوري عمانتل.
وطفت على سطح الأحداث مؤخرًا قضية انتخابات نادي صور وما تبعها من تداعيات وتراكمات سلبية أفضت إلى نشوء فراغ إداري مقيت بات صداعًا مزمنًا في رأس محبي وأنصار هذا الكيان العريق، في انتظار أن تبصر هذه القضية النور في آخر النفق المظلم بعدما ألقت بظلالها على تجليات المشهد القائم في الفترات المنصرمة.
"عُمان" كانت لها وقفة حول هذه القضية الشائكة وما طرأ عليها من مستجدات وتحديثات، وواكبت المشهد الدائر متناولة إياه من جميع الأبعاد والزوايا، اضطلاعًا بمسؤولياتها في نقل الحقائق وسرد الوقائع بكل شفافية وواقعية ومصداقية، وتقريبًا للصورة أكثر خرجنا بالحوار التالي مع وهيب بن عمر الغيلاني المترشح لمنصب نائب الرئيس بنادي صور، الذي مخر عباب القضية وجال في دهاليزها سابرًا أغوارها طولًا وعرضًا بحثًا عن كشف الحقائق وتبيان جميع التفاصيل المتعلقة بمستجدات هذه القضية العالقة.
لب القضية وجوهرها
عزا الغيلاني لب القضية وجوهرها إلى أنه، وقبل انتخابات النادي، قام 43 عضوًا من أعضاء الجمعية العمومية بنادي صور بصياغة رسالة رسمية لوزارة الثقافة والرياضة والشباب بوجوب التحقق من العضويات الجديدة، وقامت المديرية العامة للأنشطة الرياضية ودائرة الرياضة بصور بزيارة للنادي بهدف التأكد من دقة وسلامة الإجراءات المتبعة، وبالفعل لم يجد المدير المساعد بمديرية صور أي مستندات لهذه العضويات، التي تشمل استمارة العضوية وإيصال دفع الرسوم علاوة على شهادة حسن السيرة والسلوك وعدم محكومية، وبموجب ذلك قام بكتابة تقرير شارح ومفصل للمديرية، ومن ثم قام مدير دائرة الأندية والمراكز بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بزيارة للنادي قبل انعقاد الانتخابات بثلاثة أيام، وأمر بتسجيل جميع العضويات تمهيدًا لدخولها سباق الترشح الانتخابي، وعليه أقرت الجمعية العمومية بنادي صور موعدًا رسميًا لعقد الانتخابات، وتحدد يوم 1 سبتمبر 2023، التي أسفرت عن فوز إدارة جديدة للنادي.
تجاوزات جسيمة
وكأول رد فعل مباشر على نتيجة الانتخابات المزعومة، أوضح الغيلاني أن نادي صور صاغ كتابًا رسميًا لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، أورد من خلاله وجود انتهاكات صارخة وتجاوزات جسيمة للخطوط الحمراء في الانتخابات، مشككًا في نزاهتها وشفافيتها، من قبيل تسجيل عضويات جديدة غير قانونية لعدد 73 عضوًا لم يكملوا أساسًا المدة المقررة للترشيح، وهي سنة واحدة على وجه التحديد، ناهيك عن وجود شبهات في آلية التسجيل للانتخابات، عطفًا على عدم وصول عضوين اثنين للسن القانوني بموجب ما تنص عليه لائحة الانتخابات، وهو وجوب أن يكمل الناخب 18 عامًا حتى يحق له الإدلاء بصوته الانتخابي.
وأشار الغيلاني إلى أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب قد تأكدت من فحوى الخطاب المرسل من نادي صور، وحملت على عاتقها دراسة أبعاد وحيثيات القضية بصورة شمولية واضحة، وفقًا لما تنص عليه قوانين وتشريعات لائحة الانتخابات الرياضية، وتوصلت الوزارة إلى اتخاذ قرار حاسم وخطوة مفصلية رادعة تكمن في إلغاء الجمعية العمومية بنادي صور بمسمى "بطلان"، وقامت بتعيين الإدارة نفسها المتسببة في "بطلان" الانتخابات لتسيير شؤون النادي.
رفع دعوى قضائية
ولفت الغيلاني إلى أن نادي صور لم يقف مكتوف الأيدي حيال ما حدث، فقام برفع دعوى قضائية في المحكمة الإدارية، مشيرًا في السياق ذاته إلى أنه وبتاريخ 17 يناير الماضي تم تشكيل مجلس إدارة مؤقت بالنادي بموجب قرار وزاري لمدة ثلاثة أشهر، شريطة أن تقوم بعمل انتخابات شرعية في نهاية مدتها.
وتابع الغيلاني قائلًا: "قضية انتخابات نادي صور لا تزال قيد التداول في المحكمة الإدارية، وقد قامت المديرية بتوجيه الإدارة المؤقتة بعمل إعلان لقيام الجمعية في شهر أبريل الماضي، وبالمترشحين أنفسهم، والناخبين الحاضرين للجمعية الملغاة".
وبين الغيلاني أن نادي صور قام بمخاطبة وزارة الثقافة والرياضة والشباب بتأجيل الانتخابات ريثما يصدر قرار حكم المحكمة الإدارية بشأن 73 عضوًا مخالفًا لقوانين وتشريعات لائحة الانتخابات المنصوص عليها وفقًا للأنظمة الأساسية المعمول بها في الأندية.
واستطرد الغيلاني قائلًا: "لكن المديرية العامة للأنشطة الرياضية لم تكتفِ بذلك، وقامت بتسليم المدير الإداري والمالي بنادي صور زمام إدارة شؤون النادي إبان الفترة من 23 أبريل إلى 17 مايو الماضيين، وهي الفترة التي تزامنت مع انتهاء مدة الإدارة المؤقتة، مما نتج عنه فراغ إداري كبير في النادي، وبعد ذلك قامت المديرية العامة للأنشطة الرياضية بتجديد فترة الإدارة المؤقتة برئاسة الدكتور قيس الشهاب لمدة ستة أشهر، على أن تقوم بعمل جمعية عمومية للنادي بعد انتهاء مدة الإدارة المؤقتة".
بطلان العضويات الجديدة
وأضاف الغيلاني في معرض حديثه لـ"عُمان": "في هذه الأثناء، صدر حكم من المحكمة الإدارية كحكم ابتدائي بتاريخ 22 أبريل الفائت، قضى بموجبه بطلان العضويات الجديدة كاملة والبالغ عددها 73 عضوية، فقامت الوزارة باستئناف الحكم، ولا تزال القضية حبيسة الأدراج في محكمة الاستئناف، التي من المفترض أن تعقد لها جلسة بتاريخ 17 ديسمبر الجاري".
واستجلاءً للحقائق المترتبة حول ملف قضية انتخابات نادي صور، تابع الغيلاني قائلًا: "في شهر نوفمبر من العام الجاري، وجهت وزارة الثقافة والرياضة والشباب بوجوب انعقاد جمعية عمومية لنادي صور بالمترشحين أنفسهم، والناخبين الذين حضروا الجمعية السابقة، على أن تشمل بنود الجمعية القيام بالانتخابات فقط، علمًا بأن التقرير المالي للإدارة المؤقتة بالنادي لم تتم المصادقة عليه من قبل الجمعية منذ شهر مارس 2023 وإلى يومنا الحاضر".
تساؤلات تبحث عن إجابة
وأطلق الغيلاني ثمة تساؤلات تبحث عن إجابات صريحة وشفافة فيما يخص قضية انتخابات نادي صور، حيث تساءل قائلًا: "لماذا تصر المديرية العامة للأنشطة الرياضية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب على انعقاد الجمعية دون الالتزام بتنفيذ قرار الحكم الابتدائي الصادر من أروقة محكمة التحكيم الإدارية أو التريث ريثما يتم نطق حكم الاستئناف قبل انعقاد الجمعية؟".
وتساءل الغيلاني أيضًا قائلًا: "كيف يتم إعطاء الضوء الأخضر لعدد 73 عضوًا للتصويت في يوم الانتخابات دون التحقق والتثبت يقينًا من قانونية عضوياتهم، مما يطعن بشرعية ونزاهة الانتخابات التي ثبت لاحقًا مخالفتها للأنظمة والقوانين المعمول بها بموجب قرار المحكمة الابتدائية؟".
واسترسل المترشح لمنصب نائب رئيس نادي صور قائلًا: "كيف لي، وأنا مترشح لمنصب في الإدارة الجديدة، أن أعرف الوضع المالي والإداري للنادي ومن ضمنها القضايا المرفوعة؟ علمًا بأن وزارة الثقافة والرياضة والشباب قد صادرت حق المترشحين في معرفة هذا الوضع القائم، مما يعد مخالفًا لنص المادة رقم 36 من قانون الهيئات الخاصة والمادة رقم 67 من النظام الأساسي للأندية".
وزاد الغيلاني قائلًا: "تعمد المختصون بالمديرية العامة للأنشطة الرياضية إقامة الجمعية واستباق صدور الحكم القضائي، مما يؤدي طبيعيًا لإلغاء الانتخابات على الرغم من علمهم المسبق بأن الجلسة القادمة في المحكمة الإدارية ستكون بتاريخ 17 ديسمبر الجاري، مما يترتب عليه إسقاط مجلس إدارة النادي ويؤدي إلى فراغ إداري غير محمود العواقب، وهنا أتساءل بدهشة وذهول، هل هذا ما ينشده المسؤولون والقائمون على هذه المديرية بنزع فتيل استقرار الأندية؟".
وأختتم الغيلاني مساحة حديثه في المنبر الإعلامي قائلًا: "ما أود قوله أخيرًا هو أن نادي صور يعاني من فراغ إداري، حيث لا توجد إدارة في النادي، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب لم تقم بتشكيل أو تجديد الإدارة المؤقتة، وعليه نمني النفس في رأب هذا الصدع القائم، ونزع فتيل أزمته، والسعي جاهدين لتقليص حدة الفجوة القائمة بين النادي والمديرية العامة للأنشطة الرياضية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، والتوصل لحلول جذرية ناجعة تخدم مسار هذه القضية وتسهم في ردم هوّتها".
0 تعليق