انطلقت يوم الاثنين بمسرح أوبار بالمديرية العامة للتراث والسياحة بولاية صلالة فعاليات مهرجان ظفار المسرحي الثالث، الذي تنظمه المديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار متمثلة في دائرة الثقافة، ويستمر إلى 9 ديسمبر الجاري بمشاركة 7 فرق مسرحية.
رعى الافتتاح سعادة الشيخ طارق بن خالد بن الوليد الهنائي والي طاقة، وبدأ حفل افتتاح المهرجان بكلمة المديرية ألقاها جهاد بن محسن الشنفري مدير مساعد دائرة الثقافة بالمديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار، قال فيها: "نرحب بكم جميعًا في هذه المناسبة الثقافية والفنية هنا في محافظة ظفار حاضنة التراث والإبداع ومنارة الفن، وهذا المهرجان الذي يعكس عبق الإرث الثقافي لسلطنة عُمان وروحها المتجددة، ويجمع تحت مظلته نخبة من عشاق المسرح والمبدعين لنلتقي وتلتقي فيه الأفكار والرؤى، وتنبض من خلاله مشاعر المبدعين بصدق رسائلهم الفنية".
وأضاف: "إنه لشرف عظيم أن نقف اليوم على أعتاب الدورة الثالثة من مهرجان ظفار المسرحي، هذا الحدث الذي أصبح محطة مهمة في خارطة الفعاليات الثقافية العمانية ونافذة تسلط الضوء على إبداعات المسرح المحلي، فهذا اليوم احتفاء بالجهود والتطلعات وبالأحلام التي تتجسد في أعمال سبع فرق مسرحية محلية من محافظة ظفار، سبع شموع متألقة تُنير درب الفن العماني، حاملة معها رسائل عميقة تعبر عن هموم المجتمع وآماله وتسعى لتكون مرآة تعكس قضاياه بصدق وتجسد قيمه الإنسانية على خشبة المسرح".
وقال أيضًا: "إن مهرجان ظفار المسرحي في نسخته الماضية والثالثة التي نشهدها اليوم تمثل منصة استراتيجية لتعزيز الهوية الثقافية والمسرحية في سلطنة عُمان، ونافذة واعدة تفتح المجال أمام الأجيال الصاعدة لتطوير مواهبهم في أجواء مفعمة بالاحترام وبعزيمة راسخة لا تعرف التراجع وطموح متجدد لا ينضب وأفكار نابضة بالحياة، ونسعى نحو مسرح ينهل من جوهر الوجود ويلهم به أرواحنا، ونلتقي اليوم ونحن نؤمن بأن المسرح هو فن الحياة، فن يلامس قلوب الجماهير ويُلهمهم ليكونوا جزءًا من التغيير الإيجابي في الفكر والسلوك وبناء مجتمعات تؤمن بالتنوع والابتكار، وفي صياغة ملامح أكثر إشراقًا".
وأضاف: "مع كل دورة من هذا المهرجان، نقترب خطوة أخرى نحو تحقيق رؤيتنا بأن يكون المسرح ركنًا أساسيًا في بناء مجتمعنا الثقافي، ولا شك أن التحديات التي نواجهها تضعنا أمام ضرورة إعادة التفكير بعمق في القضايا التي تشغل وجدان المسرحيين وكل العاملين في هذا الحقل الإبداعي، باعتبارهم جزءًا لا ينفصل عن نبض واقعنا المعاصر، ومن هذا المنطلق ندرك تمام الإدراك أن المهرجانات المسرحية تحمل في طياتها قدرة فريدة على مخاطبة العقول والارتقاء بالذائقة الفنية للجماهير وإعادة إحياء الموروث الثقافي عبر صياغته برؤى جديدة، تبحر بنا نحو آفاق إبداعية غير مألوفة تفتح أبواب المستقبل على مصاريعها".
وقال في ختام كلمته: "في هذا المهرجان، سعينا جاهدين لمواكبة التطور الطبيعي للمهرجانات، حيث أولينا اهتمامًا خاصًا بتقديم برنامج زمني غني بالفعاليات المتنوعة، يجمع بين عمق المضامين وتعدد الأفكار، كما عملنا على تجاوز التحديات التي واجهتنا في النسختين السابقتين، من خلال إدراج حلقات عمل متخصصة في فنون التمثيل المسرحي وتنظيم ندوات تطبيقية تعقيبية تُثري النقاش وتعمق التجربة، ولم نغفل أهمية استضافة ودعوة كافة المشتغلين بالمجال المسرحي إيمانًا منا بأن تكامل الجهود هو السبيل الأمثل لتحقيق الإبداع والارتقاء بالمشهد المسرحي".
وبعد ذلك، كرّم سعادة الشيخ طارق بن خالد بن الوليد الهنائي راعي الافتتاح، أعضاء لجنة التحكيم المكونة من محمد منير العرقي من الجمهورية التونسية، وجمال الصقر من مملكة البحرين، وماجد العوفي من سلطنة عُمان، وتكريم ضيف المهرجان الفنان يوسف الحمدان من مملكة البحرين، وكذلك تكريم معقبين الندوات المصاحبة للعروض المسرحية، إلى جانب تقديم هدية تذكارية لراعي حفل الافتتاح.
وافتتحت عروض المهرجان بمسرحية "السموم" لفرقة أوبار المسرحية من تأليف نائل الجرابعة وإخراج عمر ناجي، وتمثيل سامي البوسعيدي، ونور الهدى العمارية، وسهام العيثية، ويقين العيثية، وقدم العرض المسرحي رؤية فنية فريدة تتجاوز حدود الواقع لتغوص في أعماق النفس البشرية وصراعاتها الوجودية، كما تسبر المسرحية أغوار التضحية والألم والصراع بين القيم الإنسانية والتحديات التي تواجهها في عالم يتسم بالغموض والقسوة من خلال حبكة مشوّقة وشخصيات تحمل أبعادًا رمزية وإنسانية، حيث يقدم تجربة استثنائية تمزج بين الجمال الفني والرسالة الرمزية التي تصل للجمهور.
وعقب العرض المسرحي، عقدت الجلسة التعقيبية للمسرحية أدارتها ريحاب رسمي أبو زيد بحضور مخرج العرض عمر ناجي، حيث ناقشت تقييم وتحليل العمل المسرحي من الجوانب الفنية والإبداعية، وكذلك فتح باب المناقشة حول العرض المسرحي.
وعن العرض المسرحي والرؤية الإخراجية، قال المخرج عمر ناجي: "برؤية إخراجية متقنة تقود هذا العمل إلى آفاق جديدة، حيث يجسد الفضاء المسرحي بكل تفاصيله أجواءً مشحونة بالمشاعر والصراعات، وتعتمد الرؤية الإخراجية على تصميم بصري جذاب يوظف الإضاءة والديكور بشكل ذكي ليعكس الرمزية العميقة للنص، كما تتناغم الحركة المسرحية مع المؤثرات الصوتية لإيجاد تجربة سمعية وبصرية تضاعف من تأثير النص على الجمهور، وتجعلهم جزءًا من عوالم الشخصيات ومعاناتها، والعرض ليس مجرد عرض مسرحي بل دعوة للتأمل في أعماق النفس الإنسانية وتسليط الضوء على تساؤلات وجودية تواجه كل فرد في رحلة البحث عن المعنى والنجاة، كما ينادي العمل بالإنسانية ويجسدها في أبهى صورها المسرحية".
0 تعليق