الخذلان العربي لأهل غزة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

​الخِذلان هو تركك نصرة أخيك وعونه، والخاذل ضد الناصر، والتخذيل حمل الرجل على خذلان صاحبه وتثبيطه عن نصرته. وهذا الشعور المؤلم بالطبع، هو الشعور السائد لدى الشعوب العربية، التي كانت ولا تزال وستبقى، قضية فلسطين هي قضيتها الرئيسية والمحورية والوجدانية. فعلى مدى أكثر من ٤٢٠ يومًا من قيام الكيان الصهيوني المجرم - بكل استخفاف ـ بقصف وقتل الفلسطينيين في قطاع غزة، وتدمير المنازل والمباني على رؤوسهم، وقصف المستشفيات وتدميرها على رؤوس المرضى والجرحى، ومنع أبسط أساسيات الوجود، كالماء والغذاء عنهم وتدمير كل ما له علاقة بالحياة من كهرباء وماء ومنازل وجامعات ومدارس ومساجد وكنائس ومقار لمؤسسات الإغاثة، وتسويتها بالأرض، وتهجير قسري لأكثر من مليونين من سكان غزة. حتى بلغ عدد الشهداء ما يقارب ٤٥ ألف شهيد، وعدد الجرحى أكثر من ١٠٥ آلاف جريح وآلاف المفقودين وآلاف الأسرى. وبالرغم من قسوة وفداحة جرائم الكيان الصهيوني في اعتدائه على غزة، إلا أن هذا المشهد ليس بجديد - ولو كان في الماضي بصورة أقل بكثير؛ فمنذ عقود يعيش الشعب الفلسطيني وتحديدًا سكان غزة، تحت وطأة الاحتلال الصهيوني المجرم، ويواجه بشكل يومي أنواعًا شتى من التنكيل والممارسات الإجرامية واللاأخلاقية، من قتل وسجن وتعذيب ونفي خارج وطنه. لكن، كان هناك في السابق -أقله- شيءٌ من ردة الفعل من النظام الرسمي العربي. ولم يكن يتصور أحد، بما فيهم قادة الكيان الصهيوني المجرم، أن يكون رد الفعل النظام الرسمي العربي تجاه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي يمارسها الكيان الصهيوني المجرم تجاه سكان غزة، وغيرها من الأفعال الإجرامية الدنيئة، بمثل هذا الصمت الرسمي العربي المريب والمهين. مما شجع هذا الكيان والدول الداعمة له، كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية على الاستمرار في هذا المشهد الإجرامي، وخرق كل ما له علاقة بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واعتبارهما والعدم سواء. أتفهم أن يكون هناك اختلاف أيدولوجي وعداء من قبل بعض الأنظمة العربية والحركات الإسلامية، لأسباب عدة، لسنا هنا بصدد الخوض فيها. لكن حركات المقاومة في غزة ليست كلها إسلامية، والمقاومة رد فعل طبيعي للاحتلال في أي بلد كان، وهذا ما أكده وأجازه القانون الدولي ويثبته التاريخ وتفرضه طبيعة الأمور. و إذا كان هناك شك -لدى بعض الأنظمة العربية- أن قطاع غزة، و فلسطين بشكلٍ عام، هي أراضٍ غير محتلة من قبل الكيان الصهيوني، فيمكنها الرجوع إلى القرار الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ ١٩ يوليو من العام الحالي ٢٠٢٤م. والذي اعتبرت فيه المحكمة، أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية «غير قانوني». وأفضل توصيف لفحوى هذه الفتوى، ما ورد على لسان ايريكا غيفارا روساس - كبيرة مديري البحوث بمنظمة العفو الدولية - عندما صرحت: «لقد أصدرت محكمة العدل الدولية فتواها واستنتاجها واضح لا لبس فيه، أن احتلال إسرائيل وضمها للأراضي الفلسطينية غير قانونيين، وقوانينها وسياساتها التمييزية ضد الفلسطينيين تنتهك الحظر المفروض على الفصل العنصري والأبارتايد. وهذا انتصار تاريخي لحقوق الفلسطينيين الذين قاسوا، ولا يزالون، عقودًا من البطش والانتهاكات الممنهجة، لحقوق الإنسان الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني». إذن، لا مبرر لهذا الخذلان، فدعم سكان غزة ليس واجبًا أخلاقيا فقط، بل هو ضرورة إنسانية يفرضها الدين والتاريخ واللغة والدم والمصير المشترك. وأتساءل هنا.. عندما يطلب النظام الرسمي العربي عقب كل مؤتمر أو اجتماع من المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته تجاه الفلسطينيون العزل في غزة، أليست الدول العربية جزءا من المجتمع الدولي؟ و يجب عليها هي أيضًا القيام بمسؤولياتها أكثر من غيرها. فلم نر منها غير العبارات الشهيرة المتكررة من استنكار وشجب وتنديد، وهي تملك كل أسباب القوة، من جيوش وأسلحة وأموال واقتصاد وشعوب عربية حية، تعيش كل لحظة ألم هذا الضعف والخذلان، فلم نر من هذه الدول قطع لعلاقاتها الدبلوماسية أو لعلاقاتها الاقتصادية، أو التهديد بما يجب تجاه المصالح المشتركة مع هذا الكيان المجرم والدول الغربية. فالكيان الصهيوني لا يعرف إلا لغة القوة، و خير دليل على ذلك، ما قام به حزب الله من بطولة وشجاعة واستبسال وتأثير، أجبر هذا الكيان على قبول وقف إطلاق النار في لبنان. علمًا، أن حزب الله ليس دولة ولا يملك القدرات التي تملكها الدول العربية النافذة. وإذا كان هناك من يعتقد، أن بعد ما أظهره النظام الرسمي العربي، من ضعف غير مسبوق في هذه الأزمة، أن الكيان الصهيوني والدول الداعمة له، ستقبل بحل حقيقي للدولتين، فينطبق عليه قول الشاعر: «ومكلف الأيامِ ضد طباعها» متطلبٌ في الماء جذوة نارِ».

أخبار ذات صلة

0 تعليق