شجون لغة الأقلام الواعدة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هل ساورك القلق إزاء لغة كتّاب المستقبل؟ كيف ستكون مستويات مقوّمات الكتابة والجماليات الأسلوبية لديهم؟ أم أن الأساليب وفنونها تجاوزها الزمن، فلا سبيل إلى إحياء رميمها؟ ورود هذا الوادي يجرف الذهن إلى فجاج الهموم اللغوية. كنّا نظن العلل في المناهج فإذا جذور الأدواء ضاربة في الهشاشة الجيوسياسية.
لا بأس، وقد جاء ذكر أنظمة التعليم. طريف أن نكتشف أن القرين لا يقتدي بالمقارِن، خلافاً لما تفضل به الشاعر. معاهد الفنون التشكيلية، والموسيقى، والهندسة العِمارية، لها مناهجها، غير أن دراسة الرسم والنحت تضع نصب العين أن الطالب سيكون رساماً أو نحاتاً أو كليهما، مدرسة الموسيقى تُعدّ الدارس وتؤهله لأن يكون عازفاً أو مؤلفاً موسيقياً أو موزع موسيقى أو قائد فرقة. في منهاج العمارة الهدف مرسوم سلفاً. وظيفة المناهج هي ضمان الاحتراف المهني عند التخرج، تبقى مسألة الإبداع، فإنها تأتي على قدر أهل الموهبة. ذكرنا الفنون لكونها أوثق صلةً بفنون الإبداع بالحرف والكلمة، وإلاّ فإن ميادين كثيرةً غايتها معلومة. كلية الطب مسارها إعداد الأطباء، الهندسة كذلك، الحقوق، العسكرية، التجارة، النجارة، الطبخ.
مناهج العربية وأدبها هي المستثناة، فهي لا تضع في الحسبان أن الطالب سيكون أديباً، شاعراً، روائياً، كاتباً مسرحياً، أو غير ذلك من الأجناس الأدبية. هي تُعدّ الطالب ليكون مُطّلعاً على ما تيسّر من قواعد اللغة وصور البلاغة، مع التعرّف إلى مذاهب الشعر والنثر ومدارس النقد، وأشياء أخرى تشترك في التخزين، ما يعني أن المقرر حتى الجامعة لا يكترث للإحساس بجمال العربية، ولا بأن فنون الإبداع في الكتابة قضية ممارسة ومعاناة اكتشاف للذات وتجربة.
كيف يريد واضعو المناهج أن يعشق الطالب جمال العربية، وهو منذ الابتدائية يتجرع القواعد النحوية. نصوص القواعد سقيمة، وتلك سلامة لغة الطلاب والخريجين أمامكم، فما ذنبهم؟ بل أنتم المذنبون. تدريس القواعد رديء تجاوزه الزمن. ثم كيف يرومون إحساس الطالب بجمال إيقاعات الشعر العربي، وهم يجشّمونه تقطيع الشعر؟ لقد برهن القلم مراراً على أن التقطيع ليس من شعرنا في شيء. شعرنا قائم على التفعيلة، لا على المقطع الصوتي كالأشعار الأوروبية. أوزاننا يحكمها إيقاع وحدات التفعيلة. محال تدريس الموسيقى بالتقطيع. صحيح أن الجملة الموسيقية لها مقاييس، لكن المقياس يعادل التفعيلة، لا الدرجة الصوتية (النوتة) ولا المقطع الصوتي.
لزوم ما يلزم. النتيجة الأسفية: انفلت الزمام من يد القلم، وبقيت بقية لا بد من إضافتها، إن شاء الله.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق