الحزن وحش ينهش القلب، خصوصاً إذا كان حزن فقد وفراق أبدي، والأشد إيلاماً أن يكون الفقد متوالياً، تفقد الأحبة خلال أشهر تعد على أصابع اليد الواحدة فقط، غادر دنيانا الفانية ابن الخال أحمد السيد موسى الهاشمي وهو في أتم الصحة والعافية كأنه يذكرنا بأن الموت حق والأسباب مجرد أعذار نخترعها نحن البشر لتبرير الفقد، متناسين أن «كل نفسٍ ذائقة الموت» وأن لكل أجل نهاية محتومة.
الموجع أن والده الخال الغالي السيد موسى السيد عبدالرحيم الهاشمي غادر هذه الدنيا قبله في شهر سبتمبر ليلحق به ولده في شهر ديسمبر من نفس العام 2024، فقدنا أحمد وما زال جرح والده لم يندمل، وصوره وذكرياته وأحاديثه الشائقة، حضوره الوارف العذب، ابتسامته الدائمة، مودته التي لا تنتهي، نحاول أن نسلو، ليغادر أحمد بعده بقليل من الأشهر مشعلاً في القلب نار حزن لا تنطفئ، وجرح يغور في الفؤاد بكل حدّة، يوجع ويوجع ويذكر بكل اللحظات التي جمعتنا، بكل أحاديثنا، ذكريات الطفولة، أيام الشقاوة، كل الأحلام التي بنيناها أو الآمال التي خضنا فيها، أحاديثنا الباسمة التي جمعتنا معه والمرحوم والده، ردّه على أي اتصال مني ب «حي الأخو» أو «مرحبتين ولد العمة».
غادرنا أخي وابن خالي أحمد السيد موسى الهاشمي وهو في عز شبابه نابضاً متوقداً بالحياة، مقبلاً عليها بكل عنفوان وأمل، كان طياراً خبر دروب السماء كما خبر دروب الأرض، تسامر مع الكثير من الغيمات وهو في العلو هناك بين السماء والأرض، تطلع بكل ما يحمله القلب من حب إلى حبيبته الإمارات وهو بين النجوم، خبر زخات المطر قبل أن تنزل للأرض، سبر شوارع السماء ودروبها ومسالكها بكل اقتدار، لم نفقده نحن فقط، بل فقدته كل رموز السماء، غيمة سلم عليها ذات طيران، أو نجمة تطلع إليها، أو زخات مطر أبتسم لها.
نعرف معرفة اليقين أننا كلنا على هذا الدرب سائرون، وأننا لاحقون بكل الأحبة الذين فقدناهم لا محالة، وان للحياة نهاية، هي عند الواحد القهار بداية أخرى حيث «تُوفّى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون».
غياب أحمد أوجعنا بشدة لا يستطيع الدمع أن يعبر عنها نحن أقاربه فما بالنا بأبنائه وزوجته وأحفاده وإخوته وأخواته، لا نستطيع أن نقول أو نفعل إلا أن نقول عظّم الله أجركم وربط على قلوبكم وألهمكم الصبر والسلوان. والدعاء لأحمد فقيدنا جميعاً بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه الله فسيح جناته.
0 تعليق