«نوبل» لمن لم يحصل على «نوبل» - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على طريقة «جائزة لمن لم يحصل على جائزة»، ماذا لو أن الأكاديمية السويدية في استوكهولم قامت بتعديل النظام الداخلي لجائزة «نوبل» للأدب، وأدخلت بنداً جديداً إلى النظام يحصل بموجبه على «نوبل» من لم يفز بها حتى من الموتى كنوع من ردّ الاعتبار المعنوي لكتّاب كبار حالت الأهواء الأيديولوجية والسياسية دون حصولهم على شيك بقيمة أكثر من مليون دولار، وبالطبع فإن الأكاديمية إذا أخذت بهذا الاقتراح، فإن أموال «نوبل» ستذهب إلى ورثة أولئك الكتاب الكبار الذين عاش الكثير منهم على حافة الفقر.
لم يحصل جيمس جويس (1882-1914) على «نوبل» مع أن عملين أدبيين له ملآ العالم باسمه الأيرلندي: «عوليس» و«صورة الفنان في شبابه»، وربما هو ذلك الدم الأيرلندي ذاته الذي حال دون حصوله على الجائزة.
ميلان كونديرا(1929-2023) تنطبق عليه كل المواصفات الأيديولوجية، إن جازت العبارة، ليحظى بالمال النوبلي، ولكن المال استعصى عليه، واحتفظ بالشهرة، لا بل تشعر من خلال حواراته القليلة أنه أكبر من الجائزة وأموالها المستثمرة من صناعة الديناميت.
لم يحظ إسماعيل كاداريه (1936-2024) ب «نوبل» مع أنه كان على خط التماس مع الجائزة التي تجهل لجان التحكيم فيها الكثير من لغات العالم عدا الإنجليزية والفرنسية، مع أن المظلة الأدبية لروايات كاداريه أكثر اتساعاً من جغرافية اللغتين العالميتين، لأن أدبه ببساطه، إنساني اللغة، والمعنى والثقافة.
قائمة أسماء الجالسين خارج نعيم «نوبل» طويلة، لكنها أشبه بالقائمة بالسوداء ليس في تاريخ هؤلاء الأدباء الكبار، بل في تاريخ الأكاديمية السويدية التي تحولت إلى تكية سياسية يجلس على طاولتها محكمّون كهول لا يقرأون حتى أدب الفائزين بجائزتهم الانتقائية بامتياز، والانتقاء يقوم هنا على الانحياز ولعبة المعادلات غير الأدبية بالمرة.
مارسيل بروست صاحب الرواية التي ملأت أرض البشر بالأسئلة الفضولية الوجودية «البحث عن الزمن المفقود» لم تعطه بطاقة الدخول إلى نادي «نوبل»، وكذلك، ليو تولستوي، وخورخي لويس بورخيس، وفرجينيا وولف، ومكسيم غوركي، وتشيخوف. كل هؤلاء الذين طواهم الموت، ولكن لم يطوهم الزمن، لم يحصلوا على «نوبل»، وهم مؤسسو أدبين عظيمين في العالم: الشعر والرواية قبل أن يولد كهنة استوكهولم وحرّاس معبد «ألفرد نوبل» رجل صناعة الموت الذي وضع جائزة نفعية لا تنفك تنفض الغبار عن اسمه وبذلك تجدد له بيعة الذاكرة، أكثر مما هي جائزة اعتذار عن الموت المتنقل في لفائف الديناميت في العالم كله حتى اليوم.
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق